بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيم
في رَحَابِ قَصرِ أخنوس، الذي يَتَوشَّحُ بِعَبَقِ التَّاريخِ وعَظَمَةِ الأَصَالَةِ بِبَلَدِيَّةِ تَمَقْطَن دائرة أولف ولاية أدرار، نَبتَتْ شَجَرَةٌ طَيِّبَةٌ أَثْمَارُهَا عِلمٌ، وأُصُولُهَا خُلُقٌ، وفُرُوعُهَا أَدَبٌ، هُوَ الأُسْتاذُ الفَاضِلُ، البروفيسور دَبَّاغ مُحَمَّد بن الحاج، سَليلُ بَيتٍ شَهِدَ لَهُ القَاصِي والدَّانِي بِالمَعْرِفَةِ والسُّؤْدَدِ.
لَقدْ حَبَاهُ اللهُ بِمَلَكَاتٍ نَادِرَةٍ، أولها حفظ القرآن وأَتْقَانَ حِفظَ المُتُونِ العِلْمِيَّةِ، فغَدَا حَافِظًا لِلفِقْهِ، مُتَمَكِّنا مِنَ اللُّغَةِ، مُتَبَحِّرا فِي الحَدِيثِ، ومُتَأَصِّلا فِي الأُصُولِ، لَم يَكْتَفِ بِمَا أَسَّسَهُ لَهُ السَّلَفُ، بَل أَضَافَ إِلَى ذَلكَ أَكَادِيمِيَّةً بَارِعَةً، تَشْهَدُ لَهَا بُحُوثُهُ الرَّصِينَةُ، ومُؤَلَّفَاتُهُ القَيِّمَةُ، ومُشَارَكَاتُهُ الفَاعِلَةُ فِي أَسْمَى المَحَافِلِ العِلْمِيَّةِ.
ولَكِنَّ الأَعْظَمَ مِن كُلِّ هَذَا، هُوَ ذَلِكَ التَّوَاضُعُ الذي يُزَيِّنُ عِلْمَهُ، فَتَجِدُهُ كَالسُّنْبُلَةِ المَلْأَى تَنْحَنِي بِوَقَارٍ، لاَ يَدَّعِي عُلُوا، ولا يَتَكَبَّرُ على أَحَدٍ، تِلكَ النَّفْسُ المَرِحَةُ، والأَخْلاَقُ الدَّمثَةُ التي تُشْرِقُ عَلَى مَنْ يُجَالِسُهُ، تَجْعَلُهُ نُورا يُبَدِّدُ ظُلْمَةَ الجَهْلِ، ونَسِيما يُطَيِّبُ الأَنْفُسَ.
هُوَ الأُسْتاذُ الجَامِعِيُّ الذي يَشْهَدُ لَهُ طُلاَّبُهُ بِالبَرَاعَةِ والإِتقَانِ، فَيَأْخُذُ بِأَيْدِيهِمْ إِلَى مَوَاطِنِ النُّورِ، وهُوَ الإِمَامُ الذي يَقِفُ فِي المِحْرَابِ، فَيَمْلَأُ القُلُوبَ خُشُوعا، ويُنِيرُ العُقُولَ بِالمَوَاعِظِ، هُوَ رَجُلُ التَّرْبِيَةِ والتَّعْلِيمِ، والدِيَن وأالأخْلاقٍ، وقَدْ غَدَا بِحَقٍّ مِثَالا يُحْتَذَى بِهِ، فَيَا لَهَا مِن نِعْمَةٍ أَنْ يُجْمَعَ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ كُلُّ هَذِهِ المَحَاسِنِ، فَيَكُونَ مَنْبَعَ عِلْمٍ، ونَمُوذَجا فِي السُّلوكِ، وَرَمْزا للعلم و لِلفَضِيلَةِ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق