الجمعة، 10 أكتوبر 2025

 الصبر ميزان الشدة والعقل بوصلة النقاش

​الإنسان في رحلة الحياة لا يمر بنعيم دائم ولا بشقاء مقيم؛ بل يتنقل بين المحطات، وفي كل محطة يظهر جوهره الحقيقي، وتنكشف صفاته الأصيلة، ولعل أصدق مقياسين لعمق الشخصية ورصانتها هما الشدة والنقاش، فالأول يكشف عن قوة النفس ومتانتها، والثاني يبين ثراء العقل واتزانه.

​الشدة: محك الصبر الأصيل

​يقول الحكماء: "في الشدة يقاس الصبر". إن الحياة الهادئة والظروف المواتية لا تطلب منا جهدا كبيرا في التحمل، لكن عندما تشتدّ الرياح وتتراكم المصائب، يصبح الصبر ليس مجرد فضيلة، بل هو آلية نجاة، الصبر ليس في التنهد بصمت، بل هو قوة داخلية هادئة تقاوم الانهيار.

​في أتون المحنة، يُفرَز الناس فرزا طبيعيا؛ فمنهم من يجزع ويستسلم للهم، ومنهم من يلبس ثوب الرضا الجميل، هذا الصنف الأخير هو من يمتلك الصبر الأصيل؛ الذي يرى في البلاء فرصة للتطهير والارتقاء، ويحول الألم إلى وقود للمضي قدما، إن الصبر هنا هو حكمة الإدراك بأن كل ضيق إلى اتساع، وأن بعد العسر يسرا، إنه الاختبار الحقيقي لإيمان الفرد وثبات قلبه، فمن يجتاز هذا المحك يخرج أقوى نفسا وأكثر حكمة.

​النقاش: مرآة العقل الراجح

​أما في الجانب الآخر، فنجد أن "في النقاش يقاس العقل"، إن العقل الحكيم ليس هو العقل المخزن للمعلومات فحسب، بل هو العقل القادر على التفاعل البنّاء مع الأفكار المختلفة، النقاش ليس ساحة حرب كلامية الغرض منها الانتصار لرأي شخصي، بل هو لقاء ذهني يهدف إلى الوصول إلى الحقيقة أو على الأقل الاقتراب منها.

​مقياس العقل الراجح في النقاش يتمثل في عدة أمور:

​سعة الأفق: القدرة على الاستماع بإنصات وتقدير وجهات النظر المخالفة دون تعصب.

​رصانة الحجة: تقديم الأدلة والبراهين بوضوح ومنطق، بعيدا عن الصوت العالي والانفعال.

​مرونة التفكير: استعداد الشخص لتغيير رأيه أو تعديله إذا تبين له الصواب في كلام الطرف الآخر.

​إن الشخص الذي يقيس عقله في النقاش هو من يخرج منه وقد أضاف جديدا إلى معرفته، سواء اقتنع به أو لم يقتنع، المهم أنه احترم العملية العقلية،ث هذا العقل هو البوصلة التي تهدي صاحبها نحو الحقيقة، لا المطرقة التي يسعى بها لتهشيم آراء الآخرين.

​في الختام، لا يمكن الفصل بين الصبر والعقل، فكلاهما صنوان يُكمل أحدهما الآخر، إن الشخص الذي يصبر في الشدائد هو غالبا من يمتلك عقلاً ناضجا يدرك سنن الكون والزوال. والشخص الذي يتناقش بعقلانية وهدوء هو من يمتلك صبرا على سذاجة الطرح أو جهل المخالف.

​إن الشدة تُقوّم النفس وتصقلها، والنقاش يُقوّم العقل ويوسعه، فلننظر دائما إلى الشدائد كفرص لقياس صبرنا، وإلى النقاشات كآليات لوزن عقولنا، وحينها فقط نكون قد تعلمنا كيف نحيا بقلوب ثابتة وعقول متفتحة.  


ما حدث في محيط مقام الشهيد بالجزائر العاصمة يعتبر خرقا للمادة 11 من الدستور

يقف مقام الشهيد، بسعفاته الثلاث الشامخة التي تخترق سماء العاصمة، ليس مجرد نصب من حجر وخرسانة، بل هو نبض الذاكرة الجمعية ومحراب تضحية المليون ونصف المليون، إنه القاسم المشترك الذي يجمع الأمة حول قيمة عليا واحدة هي الحرية، المؤسسة على الإيمان والأخلاق التي جبلت عليها ثورة التحرير.

​غير أن ما طفح على السطح مؤخراً في محيط هذا الصرح المقدس، من سلوكيات غريبة ونشاطات مستوردة، لم يكن مجرد تجاوز عابر، بل كان طعنة غائرة في صدر الرمز الوطني، وخرقاً صريحاً لميثاق الأمة المتمثل في دستورها في المادة 11 منه.

​إن الدساتير ليست مجرد نصوص جامدة، بل هي روح الدولة وهويتها المتجسدة في وثيقة قانونية، وفي هذا السياق، جاء البند الثالث من المادة 11 في الدستور الجزائري كصمام أمان قيمي، قاطع الدلالة، واضح العبارة:

​"تمتنع المؤسّسات عن القيام بما يأتي: ... السّلوك المخالف للخلُق الإسلامي وقيم ثورة نوفمبر."

​إن وضع الخلق الإسلامي وقيم ثورة نوفمبر في نص دستوري واحد ليس مصادفة، بل هو إقرار بأن الإسلام هو ركيزة الأخلاق، وأن ثورة نوفمبر لم تكن مجرد كفاح عسكري، بل كانت صحوة أخلاقية وإيمانية ضد الاستعمار الذي حاول طمس الهوية.

​إن السلوكيات المشينة التي شهدها محيط المقام مؤخراً، والتي تناقلتها الأسماع والأبصار، لا يمكن تصنيفها إلا تحت خانة السلوك المخالف للخلُق الإسلامي بكل وضوح؛ فهي تمثل انحلالاً، وتقليداً أعمى، وتمرداً على الأعراف الأصيلة. والأخطر، أنها تشكل إهانة مباشرة لقيم ثورة نوفمبر، لأن الشهداء لم يقدموا أرواحهم الطاهرة لتقام على ترابهم الطقوس التي تخالف الشريعة وتضرب الذوق العام عرض الحائط. إن من يستبيح حرمة المقام، يستبيح بـرَمْزيته قيم الجمهورية بأكملها.

​إن اختيار مقام الشهيد تحديداً لتلك الممارسات هو فعل يتجاوز الفردية ليصبح تحدياً سافراً للهوية الوطنية الجامعة، فالمقام هو نقطة التماس بين جيل الحرية وجيل ما بعد الاستقلال، وهو المكان الذي يحفظ أمانة الآباء للأبناء.

​إن السماح بهذه التجاوزات أو غض الطرف عنها، لا يسقط فقط في فخ التقصير الإداري، بل يقع في مستنقع الخيانة الرمزية والتقصير الدستوري، إن واجب المؤسسات ليس فقط تسيير شؤون البلاد، بل حماية الرموز وصيانة مرجعية الأمة، وعندما يقع الخرق في هذا المستوى، يتحتم على الدولة بجميع أجهزتها أن تعود إلى بوصلتها الدستورية، التي هي اليمين الذي أقسمت عليه.

​إننا اليوم، أمام نص دستوري صريح وبَيِّن، وأمام حدث أجمع الرأي العام الوطني على خطورته وضرورة التصدي له. لذلك، فإن المطالبة بفتح تحقيق عاجل وشفاف، وتحديد دقيق للمتسببين، والمقصّرين، والمنظمين، والداعمين لهذا الخرق، هو واجب وطني وقانوني لا يقبل التأجيل أو المساومة.

​يجب تفعيل آلية المحاسبة الدستورية، التي تعاقب كل من سمح، أو سهّل، أو قصر في حماية هذا المعلم التاريخي-الروحي يجب أن تكون العقوبة رادعة، ليس انتقاماً، بل انتصاراً لسيادة الدستور ومهابة الرمز، يجب أن يصل صوت القانون عالياً، مؤكداً أن لا حصانة لمن يدنس حرمة الشهداء، وأن قيمنا ليست مجرد شعارات على الجدران، بل هي خط أحمر دستوري يُعاقَب مخترقه.

​إن سكوت القانون عن هذا التجاوز سيفتح الباب على مصراعيه أمام المزيد من التحلل، وسيهز الثقة بين المواطن ودولته، ويجعل الدستور حبراً على ورق، فلنجعل من تطبيق المادة 11 في هذه الواقعة رسالة لكل من تسوّل له نفسه العبث بالقيم: الجزائر دولة نوفمبر، والجزائر دولة قانون، وكليهما لا يهادن.  


الأربعاء، 8 أكتوبر 2025

مديرية التربية لولاية أدرار تنظم احتفال المتفوقين في السنة المنصرمة

أعلنت مديرية التربية لولاية أدرار أنها ستنظم إحتفالا التلاميذ المتفوقين في الامتحانات الرسمية للموسم الدراسي 2024/2025، ودعت مديرية التلاميذ، المعنيين بالتكريم، الذين تم نشر  أسمائهم مع اعلان على صفحتها الرسمية على الفيس بوك ووالديهم/أوليائهم، للحضور للحفل التكريمي الذي ستقيمه يوم السبت 11 أكتوبر 2025، ابتداءً من الساعة الثامنةصباحاً، بدار الثقافة شيباني محمد بساحة الشهداء بوسط المدينة أدرار وعلى بعد خطوات من مقر المديرية، وجاء هذا الاحتفال تقديراً للجهود الجبارة التي بذلها أولئك الطلاب والطالبات طيلة السنة الدراسية المنصرمة والتي أثمرت على تفوقهم وتميزهم في الامتحانات الوطنية الرسمية، والذي  يعكس العمل الدؤوب لكافة الأطقم التربوية والإدارية. 




الثلاثاء، 7 أكتوبر 2025

مفتشية التجارة بأولفتنظم حملة تحسيسية بضرورة إشهار الأسعار

في خطوة تهدف إلى أخلقة العمل التجاري وتعزيز الشفافية في السوق، شرعت المفتشية الإقليمية للتجارة بدائرة أولف بولاية أدرار، يوم الاثنين 06 أكتوبر 2025، في تنظيم حملة تحسيسية ميدانية واسعة عبر إقليم بلدية أولف، شهدت الحملة مشاركة فعالة من إطارات المفتشية الإقليمية للتجارة أولف، وممثلين عن الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين (UGCAA)، وجمعية حماية المستهلك، بالإضافة إلى أعضاء من الهيكل البلدي لحفظ الصحة والنظافة العمومية بأولف، وتركزت الحملة بشكل أساسي على توعية وتحسيس المتعاملين الاقتصاديين في المدينة بضرورة وأهمية الإشهار بالأسعار والتعريفات بشكل واضح ومرئي للجمهور، وجاءت هذه الخطوة في إطار الجهود الرامية لضمان حق المستهلك في الحصول على معلومات واضحة وكاملة حول السلع والخدمات المعروضة، مما يساهم في بناء علاقة ثقة بين التاجر والمستهلك ومحاربة الممارسات التجارية غير النزيهة، وأكدت مصادر من مديرية التجارة لولاية أدرار أن الحملة تهدف إلى ترسيخ المبادئ الأخلاقية في المعاملات التجارية، مشيرة إلى أن الإشهار بالأسعار ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو واجب يساهم في شفافية السوق وحماية القدرة الشرائية للمواطن، ​وقد لقيت المبادرة استحسانا من قبل الفاعلين المشاركين والمواطنين، الذين شددوا على ضرورة استمرار مثل هذه الحملات لضمان التزام جميع التجار بالقوانين والأنظمة المعمول بها، ومن المتوقع أن تتلو هذه الحملة خطوات أخرى لتعزيز الرقابة والتوعية لضمان استدامة هذه المبادئ في السوق المحلية.



































































المصدر جريدة التحرير الجزائرية ليوم 08 أكتوبر 2025، العدد 3371 في الصفحة06