السبت، 29 يونيو 2024

كلمات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 2024

ليس غريبا أن تتعالى بعض الأصوات في الغرب تتكلم كثيرا وبشدة عن العنف المسلط على المرأة في العالم الغربي وفي الدول التي المسماة بالدول المتحضرة، كأمريكا وفرنسا وروسيا وبريطانيا وغيرها من دول العالم الغربي، لأن القوانين التي سنة بها هي من صنع البشر الذين يعتريهم النقصان لأن الكمال لله وحده وليس لأحد غيره، لكن أن تتعالى في الشرق والمغرب الإسلاميين وغيرهما من الدول والمناطق التي تدين بالإسلام تتكلم عن ذلك وتطالب بحقوق المرأة فهذ، ما لا يتقبله عقل مؤمن يدين بدين الله الحنيف؛ الدين الإسلامي، لأن الإسلام منح للمرأة حقوقا منذ أربعة عشرة قرنا لم تمنحها لها أية مواثيق أو قوانين، وأن يمارسون العنف ضد المرأة  في الغرب ذلك ناتج عن الجهل بقيمتها وإنسانيتها وحقها في العيش والحياة الكريمة، أما من أن يمارسون العنف ضد المرأة في الشرق والمغرب الإسلاميين وغيرهما من الدول والمناطق التي تدين بالإسلام، فيعد ذلك هضما لحقوقها وضربا لمبادئ الدين الإسلامي عرض الحائط، ومخالفا لها، لأن للمرأة في الإسلام لها حقوقا كما للرجل فلها الحق في العيش والحياة الكريمة جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما النساء شقائق الرجال ) رواه أبو داود. ومعنى ( شقائق الرجال ) قال ابن منظور والمناوي أنها نظائر الرجال وأمثالهم في الأخلاق والطباع والأحكام. وقال الطيبي: "أي نظائرهم في الخلق والطباع، كأنهن شققن منهم". وقال ابن الأثير: "شقائق الرجال يعني نظائرهم، وأمثالهم". وقال الخطابي في "معالم السنن": "أي نظائرهم، وأمثالهم في الخلق، والطباع فكأنهن شققن من الرجال". وقال العيني: "أي: نظائرهم وأمثالهم في الأخلاق والطباع، كأنهن شققن منهم، ولأن حواء خلقت من آدم عليهما السلام"، وأوصى رسول الله صلى الله عليه وعلى أله وسلم بالنساء، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّ المرأة خُلِقَتْ مِن ضِلعٍ، وَإنَّ أعْوَجَ مَا في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فَإنْ ذَهَبتَ تُقيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإن تركته، لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء». وفي رواية: «المرأة كالضِّلَعِ إنْ أقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا، وَإن اسْتَمتَعْتَ بها، استمتعت وفيها عوَجٌ». وفي رواية: «إنَّ المَرأةَ خُلِقَت مِنْ ضِلَع، لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج، وإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَها، وَكَسْرُهَا طَلاَقُهَا»، كما أمر الرسول بإكرامها، روى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنّه قال: (خيرُكم خيرُكم لِأَهْلِهِ، وأنا خيرُكم لِأهْلِي، ما أكرَمَ النساءَ إلَّا كريمٌ، ولَا أهانَهُنَّ إِلَّا لئيمٌ)، وهو حديث ضعيف، ومعناه أنّ خير الناس من تخلّق بأخلاق رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- واقتدى بفعله وأحسن لأهل بيته، والكرم يكون في الطباع، فالكريم هو من يكرم أهله ويحسن إلى زوجته، ويعاملها معاملة حسنة، فهي أحقّ الناس بالمعاملة الحسنة، واللئيم هو من يهين النساء، ويسيء إليهنّ، ومن يفعل ذلك فهو لئيم بطبعه، ومع أنّه حديث ضعيف إلا أنّه صحيح المقصد؛ لورود ما يدل على ذات المعنى في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فالله -تعالى- أوصى بالإحسان إلى النساء ومعاملتهنّ بالمعروف، حيث قال -تعالى-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)، وقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- : (أكملُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهمْ خُلُقًا، و خِيارُكُمْ خِيارُكُمْ لِنِسائِهِمْ)، وقد ثبت في أفعال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- تلطفه مع زوجاته والإحسان إليهنّ بالقول والفعل الحسن،  ومن المؤسف له أن يعلم المؤمن هذا ثم يسيئ إلى زوجته أو أبنته، كما امر الإسلام بالأحسان إلى الأم وطاعتها،  عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، مَنْ أحقُّ الناس بِحُسن صَحَابَتِي؟ قال: «أمك» قال: ثم مَنْ ؟ قال: «أمك»، قال: ثم مَنْ؟ قال: «أمك»، قال: ثم مَنْ؟ قال: «أبوك». متفق عليه. وفي رواية: يا رسول الله، مَنْ أحقُّ بحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قال: «أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك، ثم أدْنَاك أدْنَاك»، هذا الحديث يدل على أن لكل من الأبوين حقًا في المصاحبة الحسنة؛ والعناية التامة بشؤونه (وصاحبهما في الدنيا معروفًا )، ولكن حق الأم فوق حق الأب بدرجات، إذ لم يذكر حقه إلا بعد أن أكد حق الأم تمام التأكيد، بذكرها ثلاث مرات، وإنما علت منزلتها منزلته مع أنهما شريكان في تربية الولد هذا بماله ورعايته؛ وهذه بخدمته في طعامه وشرابه، ولباسه وفراشه و ... إلخ. لأن الأم عانت في سبيله ما لم يعانه الأب، فحملته تسعة أشهر وهنًا على وهنٍ، وضعفًا إلى ضعف؛ ووضعته كرهًا؛ يكاد يخطفها الموت من هول ما تقاسي، وكذلك أرضعته سنتين، ساهرة على راحته، عاملة لمصلحته وإن برحت بها في سبيل ذلك الآلام وبذلك نطق الوحي: (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا)، فتراه وصى الإنسان بالإحسان إلى والديه؛ ولم يذكر من الأسباب إلا ما تعانيه الأم إشارة إلى عظم حقها. ومن حسن المصاحبة للأبوين الإنفاق عليهما طعامًا وشراباً، ومسكناً ولباسًا؛ وما إلى ذلك من حاجات المعيشة، إن كانا محتاجين، بل إن كانا في عيشة دنيا أو وسطى؛ وكنت في عيشة ناعمة راضية فارفعهما إلى درجتك أو زد، فإن ذلك من الإحسان في الصحبة. واذكر ما صنع يوسف مع أبويه وقد أوتي الملك إذ رفعهما على العرش بعد أن جاء بهما من البدو. ومن حسن الصحبة بل جماع أمورها ما ذكره الله بقوله: ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمًا. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ) فامنع عنهما لسان البذاءة، وجنبهما أنواع الأذى. وأَلن لهما قولك؛ واخفض لهما جناحك؛ وذلل لطاعتهما نفسك، ورطب لسانك بالدعاء لهما من خالص قلبك وقرارة نفسك وقل: (رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)، ولا تنس زيادة العناية بالأم، عملا بإشارة الوحي؛ ومسايرة لمنطق الحديث، كما أمر الأسلام بالإحسان للبنات، حيث ورد في الحديث عن عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن، وأطعمهن وسقاهن، وكساهن من جدته (سعته وطاقته)، كن له حجابا من النار يوم القيامة )، وفي رواية الترمذي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ لم يحدد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عددا من البنات، فقال: ( من ابتلي بشيء من البنات فصبر عليهن كن له حجابا من النار )، يطول بنا الحديث في الكلام عن حقوق المرأة في الإسلام، ويعتبر التعدي على المرأة وممارسة العنف ضدها مخالفا لتعاليم الإسلام والفطرة الإنسانية ولما جاء في المواثيق الدولية.  


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق