يتهيأ سكان أولف
بولاية أدرار قبل رمضان من كل عام ، بالتحضير له من طرف السكان وخاصة منهم النساء
حيث يقمن بطحن التوابل وإعداد الكسكسى وتجفيفه بطريق تسمى بالتبركيش ، تحضيرا
للشهر الفضيل ، وهذه عادات أهل المنطقة منذ القدم ، وكان الناس في القديم يعتمدون
في أغلب مأكولاتهم على ما ينتجونه في بساتينهم ، وهو ما يطلقون عليها في تراثهم
بالجنة وتطلق هذه الكلمة على البساتين . ومن بين المحصولات الزراعية التي لا تزال
تستعمل إلى غاية يومنا هذا في إعداد الحريرة والتي يسمونها عندهم بالحساء ، محصول
قمح زنبو وهو قمح اخضر يحصد ويوضع في النار لمدة زمنية فيبقى على لونه الأصلي ،
ويتم طحنه بالرحى قبل حلول رمضان بأيام ، كي يكون جاهزا لإعداد شربة الحساء (
الحريرة ) ، وبعد ما كان زنبو في القديم يطحن بالرحى أصبح في وقتنا الحاضر يطحن
بالمحركات المخصصة لطحن القمح والذرة وغيرها من أنواع القمح الأخرى ، كما يتم
تحضير السفوف وهو معد من التمر الجاف ، بعد دقه بالمهراس الكبير المصنوع من الشجر
، و تستعمل أكلت الفسوف في السحور مع الكسكسى المختلط بالزبيب والدهن ، كما
كانت تستعمل أكلت السفوف في القديم في غير موسم التمر في فطور المغرب ،
وتخلط السفوف بالبشنة والكليلة أن وجدت وفي بعض الحالات يضاف لها الدهن ،
لكن الكليلة أصبحت نادرة في السنوات الأخيرة بالمنطقة ، وكانت تجلب من مالي
والنيجر مع لحم البقر المجفف ،الذي يوضع في الحساء ، وفي القديم كان يطهى به
الكسكسى في عدم وجود اللحم ، ومن عادات السكان في القديم أنهم كانوا يذبحون لمن
يصوم صومه الأول ويخصونه باللحم المشوي ، ويحذرونه من التهاون بالصيام فيقولون له
، إذا شربة في رمضان في صومك الأول لم تذق من كبش سيدنا شعيب يوم القيامة ، و لا
تزال عملية الذبح في بداية رمضان وفي وسطها عادة قائمة لدى الكثير من سكان المنطقة
، كما كان الناس في القديم وفي عدم وجود التيار الكهربائي قبل السبعينيات ، و في
ظل شدة الحرارة المرتفعة يعدون مروحة من سعف النخيل لترطيب الجو بها عن أنفسهم أو
من الصوف أو الكرتون ، و كان اغلب الرجال وخاصة الشباب منهم يقضون نهارهم في
تجاويف أبار الفقارة ، حتى أن بعض منهم كانوا يبقون نائمين في تجاويف وقد فاتهم المغرب
بسبب ما يجدون من برودة في المكان ، مما يضطر أهلهم للبحث عنهم بعد تأخرهم عن موعد
الإفطار ، ويعمر السكان المساجد في صلاة المغرب والعشاء والتراويح ورغم أن النساء
في القديم كانوا لا يخرجن من البيوت لكن كان يسمح لهن بالخروج للمساجد لصلاة
التراويح ، وكان الأمام لا يطيل في صلاة التراويح ، ويقرأ دائما في صلاة التراويح
من صورة ألهاكم التكاثر إلى تبت يدا أبي لهب ، و يقرأون القرآن كله ليلة 27 من شهر
رمضان ، مقسم على عدد من الحفاظ حتى طلوع الفجر ، أما في الحاضر فقد أصبح
السكان يعتمدون على قضاء حوائجهم من الأسواق ، لذلك تشهد الأسواق حركة كبير من قبل
رمضان بأيام يشترون فيها ما يستحقونه في بداية رمضان ، وتتواصل هذه الحركة إلى
غاية نهاية الشهر ، وتكون في أخر الشهر حركة كبير ، إذ تعج الأسواق ليلا بالنساء
والرجال إلى غاية الساعة الثانية عشرة ليلا أو أكثر ، يشترون لباس العيد لهم و
لأطفالهم ، وبالنسبة لصلاة التراوح فقد أصبحت تصلى بالأحزاب وبالترتيل و
تقام الدروس والمحاضرات في المساجد ، إما قبل صلاة التراويح أو بعدها ، ويتم
الإعداد للمحاضرات والدروس ببرنامج مسطر قبل رمضان ، وتدخل فيه إحياء المناسبات
كغزوة بدر التي تصادف السابع عشر من رمضان ، وفي النهار تقدم الدروس في أغلب
المدارس القرآنية ، ومن بين الدروس التي تقام في النهار في المدارس والزوايا
الدينية ، شرح أمهات كتب الحديث كمؤطا الأمام والبخاري ومسلم ، وتختم خلال شهر
رمضان ، وهي عادات متوارثة منذ القدم بالمنطقة ، ومن ناحية قضاء القيلولة وقضاء
نهار اليوم في ظل شدة الحرارة ، فإن أغلب الناس إن لم نقول كلهم يمتلكون المكيفات
الهوائية ، يستعينون بها على شدة الحرارة ، ويقضون نهارهم داخل غرفهم ، كما أن
المساجد مكيفة الأمر الذي سهل على الناس و أعانهم على الإكثار من قراءة القرآن في
النهار والليل ، وهناك من يعتكف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان ، و قد شهد
الجو نقص في درجة الحرارة في الأيام
الأولى من رمضان هذه السنة أستبشر بها
السكان خيرا ، لكنها لم تدوم وعاد الجو لحالة المتميز بشدة الحرارة ، و يعلن عن
وقت السحور بالمنطقة بما يسمى تكركبة ،
حيث يضرب أحد الأشخاص على دف يحمله يجوب به أزقة القصور والأحياء السكنية وقت
السحور ليعلم الناس بأنه حان وقت السحور ، وتعتبر اغلب هذه العادات مشتركة بين
سكان الجنوب الغربي والشرقي متمثلة في ولايات أدرار و تمنراست.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق