الثلاثاء، 14 أغسطس 2018

منطقة تيدكلت تودع العالم العلامة والحبر الفهامة مَحمد بن مالك

فقدت منطقة تيدكلت خاصة والجزائر عامة يوم الاثنين 02 ذو الحجة الموافق لـ 13 أوت 2018 ، الشيخ بن مالك مَحمد ، العالم العلامة والحبر الفهامة ، ذو الأنوار الذكية والطلعة البهية والعلوم السنية ، الصوفي الصفي المالكي الوسطي المنهج ، ذو السر المكنون ، المستمد أخلاقه من أخلاق رسولنا الكريم الذي وصفه الله في كتابه الكريم فقال الله لرسولنا : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) ، وقال عليه الصلاة والسلام في حق نفسه : (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )) ، والمستمد علمه من علوم القرآن وسنة النبي المختار ، وفقهه من فقه الأئمة الأعلام المجاهدين جهاد الشهداء الأبرار ، والذي يعد من الصابرين والمثابرين على تعليم علوم القرآن والشريعة واللغة العربية رغم التضييق والمضايقة له من الاستدمار الفرنسي الغاشم في سنوات الثورة التي تحقق بها للجزائر الاستقلال ، ولعجب أن يوصف بهذه الأوصاف ، لأنه لاشك ورثها عن شيخه وحبر زمانه المرحوم الشيخ العالم العلامة مولاي أحمد الطاهري السباعي الإدريسي الحسني سليل بيت النبوة من بني الحسن أبن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنهما ، الذي تصدى للاستعمار الفرنسي في قضية فصل الجنوب عن الشمال ووقف له وثلة علماء توات وتيدكلت والجنوب عامة بالمرصاد ، والذي قال عن تلميذه الشيخ مَحمد بن مالك في كتابة نسيم النفحات من أخبار توات ومن بها من الصالحين والعلماء الثقات الذي كان مخطوطا وحققه أبن المؤلف الشيخ مولاي عبدالله الطاهري السباعي الإدريسي الحسني شيخ مدرسة القرآن الطاهرية بسالي حسب طبعة الكتاب لسنة 2010 الصفحة 68 : - تلميذنا البار السيد الحاج مَحمد فتحًا بن سيدي محمد المختار بن الفقيه سيدي حمزة صاحب أقبلي ، والذي تخرج على يدينا من الرعيل الأول ، فتح الله عليه وعلى يديه وأعانه على نشر العلم وبثه ، وكان المثال الأعلى من صدق نيةٍ من جانبا –
وما عسى تيدكلت خاصة والجزائر عامة بل العالم الإسلامي ، أن يقول وهو يفقد واحد من الذين بفقدهم ، يقبض العلم أو يفقد ، قال عليه الصلاة والسلام : (( إن الله لا ينزع العلم انتزاعًا من صدور الرجال ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ... )) ، لقد كنت يا شيخنا مَحمد بن مالك الرجل الصالح والمربي والأب الناجح ، فرحمك الله بالأمس ورحمك اليوم و لا نشك أنه سيرحمك غدا في دار البقاء ويسكنك الفردوس الأعلى من الجنة مع النيين والصديقين والشهداء والصالحين ، هذا ويعد الشيخ المرحوم بن مالك مَحمد بن محمد المختار بن محمد بن حمـزة بن الحـاج أحمـد بن سيــــدي مَحمد بن مالك ، من مواليد خلال 1921 ببلديه أقبلي دائرة أولف ولاية أدرار ، ينحدر من عائلة معروفة بالعلم ، أنجبت العديد من العلماء تفرقوا في أنحاء الصحراء و خارج الجزائر حاملين و ناشرين لعلوم اللغة العربية والشريعة الإسلامية والذين لتزال العديد من المخطوطات في الجزائر وربما حتى خارج الجزائر شاهدا على علمهم وتعليمهم ، درس القران الكريم في سن مبكرة بمسقط رأسه ، ببلدية أقبلي على يد الشيخ الطالب محمد بن عبد الرحمان بن مكي بلعالم ، فحفظ القرآن الكريم وأخذ عنه مبادئ الفقه ، كما أخذ علم التجويد عن خاله الشيخ محمد عمار بابا بن مالك . وفي سنة 1947 انتقل للتعلم بالمدرسة الطاهرية ببلدية سالي دائرة رقان ولاية أدرار، فتعلم بها الفقه وقواعد اللغة العربية ومبادئ علوم الشريعة الإسلامية ، على يد شيخها الشيخ مولاي أحمد الطاهري السباعي الإدريسي الحسني ، حيث دام تعلمه بها أكثر من سبع سنوات ، ومنها تحصل على الإجازات حيث أجازه شيخه في مختلف العلوم الشرعية واللغوية ، وبدأ في نشر العلم من خلال المذهب المالكي عن طريق تأسيس مدرسة بعين صالـح ، حيث كان ذلك في احـدي الــزيارات العلمية التي كان يقوم بها شيخه مولاي أحمد الطـــــاهري لهـذه لمدينة عين صالح مصحوبا ببعض تلاميذه ، و طلب منه بعض أعـيان عين صالح وصالحيها وأخيارها ووجهائها وعامة أهلها الذين نذكر منهم على سبيل المثال للحصر في المكان الذي كان مقر لمدرسته أبناء الحاج عباس وأبناء الطالب عبدالله ، أن يبقي معهم أحد تلاميذه ليعلمهم وأبناءهم ما يحتاجونه من أمـــور دينهم فوقــــع اختياره على تلميذه الشيخ مَحمد بن مالك ، لكــن هذا الأخيــــر عندما علـــم أن شيخه يريـــد أن ينصبه للتدريس بهذه المــدينة أعرب لشيخـــه عن رغبته في البقاء معه ليستزيد وينير من نور علمه لحاجته الملحة لذلك ، إلا أن الشيخ رحمه الله أبلغه بأنه سينال ما يريده ويرغب فيـه من العلم وتتحـــــقق له أمنيته وهو يدرِّس في عين صالح . وبذلك فتح المدرسة التي أشارنا لها في البداية وأشرف على فتحها شيخه ونصبه مدرسًا بها ، ودعا له بدعاء الخير والبركة والتوفيق ، وكان ذلك في أواخر سنة 1953 ، قبل انطلاق ثورة نوفمبر تقريبا بسنة ، فكرس حياته لنشر العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية من ذلك الوقت إلى أن وفته المنية في التاريخ المذكور في بداية المقال بعين عين صالح حيث مدرسته التي كان يدرس بها ، وتخرج منها خلقا كثيرا كانوا من الأوائل الذي حملوا راية التربية والتعليم في الأيام الأولى للاستقلال ، فرحم الله الفقيد واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة وألهم أهله والأمة الإسلامية الصبر والسلوان.وسيشيع جسمانه إلى مثواه الأخير ، اليوم الثلاثاء الموافق لـ 14 أوت 2018 بمقبرة مقر سكناه بقصر المرابطين عين صالح.














صورالشيخ بن مالك مَحمدعين صالح

المصدر جريدة التحرير الجزائرية ليوم 15 أوت 2018 ، العدد 1506 الصفحة 15


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق