الأربعاء، 7 فبراير 2024

تعريف موجز بالفقيه الداعية سيدي عبد الرحمن المودني

تعريف موجز بالفقيه الداعية سيدي عبد الرحمن المودني 

هو الفقيه سيدي عبد الرحمن بن محمد بن علي المودني ينتسب لأسرة عريقة في العلم والتدريس والفتوى يتصل نسبها بالمولى إدريس الأول بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي كرم الله وجهه (مؤسس دولة الأدارسة بالمغرب سنة  172هجرية)

  ولد بمدينة جده مولاي إدريس بمنطقة  دار بن عبد الله سنة 1929م  1348هجرية وبها تلقى تعليمه الأولي على يد والده الفقيه  سيدي محمد بن علي، وعلى يده حفظ جزءا من القرآن الكريم، حيث أتم حفظه على يد أخيه الفقيه الحاج محمد المودني بفاس. وفيها تلقى تكوينه الشرعي الأول على يد الفقيه أحمد بن سودة الذي تولى فيما بعد منصب المستشار الملكي بالرباط.

في سنة 1942م اصطحبه أخوه إلى مكناس فلزمه صاحبا ومتعلما إلى أن التحق بالمعهد الإسلامي بمكناس سنة 1947م وكان تابعا للقرويين.

في سنة 1953م عاد إلى فاس مرة أخرى لاستكمال تعليمه بجامعة القرويين بعد الإصلاحات المنهجية الثانية، فحصل منها على الشهادة الثانوية. 

في سنة1975م تقدم للتسجيل بكلية الشريعة بفاس، وكان موظفا بسلك التعليم فحصل منها على شهادة الإجازة سنة 1978م.

اشتغل رحمه الله بالتدريس حيث عين سنة بعد الاستقلال مدرسا للتعليم الابتدائي، فاستمر على ذلك خمس سنوات أصبح بعدها مدرسا منتدبا بالمدرسة الإقليمية للمعلمين بمكناس "مركز تكوين المعلمين"لاحقا، وبقي أستاذا بها إلى أن تولى الإشراف على خزانة المؤسسة سنوات قبل تقاعده منها سنة 1994م.

لم يقتصر التكوين الشرعي للفقيه سيدي عبدالرحمن المودني على ما حصله في المعاهد العلمية، فقد استفاد رحمه الله من البيئة العلمية التي تربى فيها  ببيت أخويه الفقيهين الحاج محمد والحاج عبد السلام "بلالة ستيهنو" والذي كان قبلة لعدد من فقهاء المدينة والقادمين إليها من الخارج، فكان يحضر مجالسهم وينهل من مذاكراتهم العلمية والشرعية.

ولم يشد الفقيه سيدي عبد الرحمن عن محجة أخويه، إذ سرعان ما برز فقيها داعية بدار للدعوة ب"السلالين". وهناك أسس فرع جمعية "أنصار الإسلام للدعوة" وكان مركزها بالرباط أواخر الخمسينات من القرن الماضي بمعية رفيقيه في الدعوة السيدان الفاضلان الشريف الحسني العلوي وامحمد أشوخي، (ولا علاقة للجمعية بالجماعات الحديثة التي أصبحت تحمل نفس الإسم).

في سنة 1962م زاره رحمه الله تعالى وفد وازن من جماعة التبليغ الباكستانية، فتأثر هو ورفاقه بأسلوبها في الدعوة، فكان اللقاء سببا في تأسيس جمعية "الدعوة إلى الله" التي اشتهرت فيما بعد بجماعة التبليغ بالمغرب.

كان رحمه الله داعية مؤثرا وخطيبا مفوها، وقد كانت دروسه بمقر السلالين وخطبه بمسجد الرياض تجذب المئات والآلاف من المرتادين، إلى أن منع من الخطبة سنة 1982م.

انتشر ذكره سنوات الثمانينات بمكناس، فلم يكن المنع حاجزا يحول بينه وبين محبيه الذين أصبح عدد منهم مداوما على مجالسه ومواعظه بمقر الجماعة ب"حجاوة" بعد أن صار مرشدها بالمدينة مدة طويلة قبل أن يقعده المرض. 

ولم تنسه أنشطته الدعوية رحمه الله مجالس الذكر التي كان يعقدها أخوه الحاج محمد السي جدي، ولا حلقات البخاري بزاوية زقاق القرموني، إذ كان حريصا عليها ملتزما بتقديم دروسه ومواعظه بمجمعها، وبقي على العادة بعد وفاة أخويه إلى آخر حياته رحمه الله. 

ويذكر أن الفقيه الداعية سيدي عبد الرحمن لما قرب أجله وشاع ذكر الفقيه الشاب الدكتور فريد الأنصاري، طلب من أحد محبيه مراففته لصلاة الجمعة بمسجده، فلما قضيت الصلاة وقف رحمه الله ينتظر فراغه إلى أن رمقه الدكتور فريد فجاءه حيث هو مسنود بقبضة مرافقه، فاستحيى رحمه الله وقبل يده وكتفه، فقال له الشيخ سيدي عبد  الرحمن لقد جئت إليك لأهنئك على ما أنت فيه، ولأستأمنك على أهل مكناس، فوالله لا تضيع وأنت فيها. فبكى الأنصاري رحمه الله وبكى سيدي عبد الرحمن، ثم ما لبث إلا شهورا بعد ذلك مقعدا بفعل مرض ألم به كان مرض موته رحمه الله حيث وافته المنية يوم الأربعاء 19 ماي من سنة 2004م.

في الجمعة التي تلتها خصه اﻹمام فريد اﻷنصاري رحمه الله بخطبة فريدة اشتهرت بين الناس ب"موت العالم" أو "محنة اﻷمة حين يقبض علماؤها" . ووري جثمانه الطاهر بمقبرة مولاي مليانة، وحضر جنازته جم غفير من المحبين ومن عموم الناس، من مكناس ومن خارجها. رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه، وجعل الخلفة في أبنائه الثمانية وجعلهم خير خلف لخير سلف.

هذا المقال منقول من صفحة الدكتورة مونيه الطراز على الفيس بإذن منها.  



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق