الجمعة، 3 أبريل 2015

شيخ زاوية بولاية أدرار يطلق حملة عالمية لعلاج الأمراض المستعصية

في خرجت ثانية له بعد إعلانه لاختراعه للآلة التي سماها آلة الشواظ ، التي  يستعملها لعلاج الأمراض الشيطانية ، وعلاج أمراض أخرى ، منها مرض الخصيتين ، أطلق ما أسماه حملة عالمية ، لعلاج الأمراض المستعصية  ، أو المزمنة ( السيدا والسكري والسرطان وفيروس الكبد والأمراض الشيطانية (، و يؤكد الشيخ مولاي الطاهر لهشمي ، مخترع آلة الشواظ ومطلق الحملة العالمية لعلاج الأمراض المزمنة والشيطانية ، أنه بإمكانه علاج هذه الأمراض ، بتوفيق من الله ، ثم باستعمال تلك الآلة ، أو بالدواء العشبي الذي يقوم بتحضيره ، والذي كما يقول الشيخ  ، كانت نتائجه مبهرة في شفاء الكثيرين ، من مرض السكري والسيدا في آن واحد ، ويقول الشيخ أنه مستعد لإعطاء التفسير العلمي لاستعماله آلة الشواظ في العلاج ، بما لا يدع مجال للشك بأن آلته لها القدرة بإذن الله على علاج العديد من الأمراض ، وخاصة  الشيطانية ، ويتابع حديثه بالقول أنه إذا لم تكن ، للدواء الذي يستخلصه من الأعشاب وللآلة فعالية ، لما كانت زاويته قبلة للحاملين لتلك الأمراض ، من جميع نواحي الوطن ، ويواصل حديثه فيقول ، قد يتعجب كثيرون فيقولون ، أمريكا وما أدراك ما أمريكا وغيرها من الدول المتقدمة ، لم تستطيع اكتشاف دواء  للأمراض المستعصية  ، ويكتشفه شيخ مثلي ، والرد عليهم بسيط ، وهو بالقول أن أمريكا وغيرها ، لديه القدرة على ذلك ، بل ربما لديها الدواء لكنها ، لا تريد إخراجه ، لأنه إذا أخرجت الدواء الذي يشفى المرضى بالأمراض المستعصية ، وشفي المرضى لمن ستبيع تلك الأدوية ، وهذا يسبب لها ضعف في مبيعات الأدوية ، وخسارة الشركات المصنعة ، وربما تؤدي قلت الطلب على الأدوية إلى إفلاس الشركات المبيعة للأدوية . 
                                              
                                                 صورة الشيخ مولاي الطاهر لهشمي

                                                            صورة آلة الشواظ


هناك 16 تعليقًا:

  1. بسم الله الرحمن الرحيم
    وبه نستعين وعليه التكلان.


    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، كالمبتدعة والمشركين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ولا شريك له، إله الأولين والآخرين، وقيوم السماوات والأرضين. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وخيرته من خلقه أجمعين.
    اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
    أما بعد: فإن كتاب التوحيد الذى ألفه الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب أجزل الله له الأجر والثواب، وغفر له ولمن أجاب دعوته إلى يوم يقوم الحساب - قد جاء بديعا فى معناه من بيان التوحيد ببراهينه، وجمع جملا من أدلته لإيضاحه وتبيينه. فصار علما للموحدين، وحجة على الملحدين. فانتفع به الخلق الكثير، والجم الغفير. فإن هذا الإمام رحمه الله فى مبدأ منشئه قد شرح الله صدره للحق المبين، الذى بعث الله به المرسلين: من إخلاص العبادة بجميع أنواعها لله رب العالمين، وإنكار ما كان عليه الكثير من شرك المشركين، فأعلى الله همته، وقوى عزيمته، وتصدى لدعوة أهل نجد إلى التوحيد، الذى هو أساس الإسلام والإيمان، ونهاهم عن عبادة الأشجار والأحجار والقبور، والطواغيت والأوثان، وعن الإيمان بالسحرة والمنجمين والكهان.
    فأبطل الله بدعوته كل بدعة وضلالة يدعو إليها كل شيطان، وأقام الله به علم الجهاد، وأدحض به شبه المعارضين من أهل الشرك والعناد، ودان بالإسلام أكثر أهل تلك البلاد، الحاضر منهم والباد وانتشرت دعوته ومؤلفاته فى الآفاق، حتى أقر الله له بالفضل من كان من أهل الشقاق. إلا من استحوذ عليه الشيطان. وكره إليه الإيمان، فأصر على العناد والطغيان. وقد أصبح أهل جزيرة العرب بدعوته، كما قال قتادة رحمه الله عن حال أول هذه الأمة إن المسلمين لما قالوا (لا إله إلا الله) أنكر ذلك المشركون وكبرت عليهم، وضاق بها إبليس، وجنوده. فأبى الله إلا أن يمضيها ويظهرها، ويفلجها وينصرها على من ناوأها، إنها كلمة من خاصم بها فلج، ومن قاتل بها نصر، إنما يعرفها أهل هذه الجزيرة التى يقطعها الراكب فى ليال قلائل، ويسير من الدهر، في فئام من الناس، لا يعرفونها ولا يقرون بها .
    وقد شرح الله صدور كثير من العلماء لدعوته، وسروا واستبشروا بطلعته، وأثنوا عليه نثرا ونظما.
    فمن ذلك ما قاله عالم صنعاء: محمد بن إسماعيل الأمير فى هذا الشيخ رحمه الله تعالى:
    وقد جاءت الأخبار عنه بانه يعد لنا الشرع الشريف بمآ يبدي
    وينشر جهرا ما طوى كل جاهل ومبتدع منه، فوافق ما عندى
    ويعمر أركان الشريعة هادما مشاهد، ضل الناس فيها عن الرشد
    أعادوا بها معنى سواع ومثله يغوث وود، بئس ذلك من ود
    وقد هتفوا عند الشدائد باسمها كمآ يهتف المضطر بالصمد الفرد
    وكم عقروا فى سوحها من عقيرة أهلت لغير الله جهرا على عمد
    وكم طائف حول القبور مقبل ومستلم الأركان منهن بالأيدي
    وقال شيخنا عالم الإحساء أبو بكر حسين بن غنام رحمه الله تعالى فيه:
    لقد رفع المولى به رتبة الهدى بوقت به يعلى الضلال ويرفع
    سقاه نمير الفهم مولاه فارتوى وعام بتيار المعارف يقطع
    فأحيا به التوحيد بعد اندراسه وأوهى به من مطلع الشرك مهيع
    سما ذروة المجد التى ما ارتقي لها سواه ولا حاذى فناها سميذع
    وشمرفى منهاج سنة أحمد يحيى يشيد ما تعفى، ويرفع
    يناظر بالآيات والسنة التى أمرنا إليهآ فى التنازع نرجع
    فأضحت به السمحاء يبسم ثغرها وأمسى محياها يضيء ويلمع
    وعاد به نهج الغواية طامسا وقد كان مسلوكا به الناس ترتع
    وجرت به نجد ذبول افتخارها وحق لها بالألمعى ترفع
    فأثاره فيها سوام سوافر وأنواره فيها تضيء وتلمع
    وأما كتابه المذكور فموضوعه فى بيان ما بعث به الله رسله: من توحيد العبادة، وبيانه بالأدلة من الكتاب والسنة، وذكر ما ينافيه من الشرك الأكبر أو ينافى كماله الواجب، من الشرك الأصغر ونحوه، وما يقرب من ذلك أو يوصل إليه.

    ردحذف
  2. وقد تصدى لشرحه حفيد المصنف، وهو الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله تعالى فوضع عليه شرحا أجاد فيه وأفاد، وأبرز فيه من البيان ما يجب أن يطلب منه ويراد، وسماه تيسير العزيز الحميد، فى شرح كتاب التوحيد .
    وحيث أطلق شيخ الإسلام فالمراد به أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية، و الحافظ فالمراد به أحمد بن حجر العسقلانى.
    ولما قرأت شرحه رأيته أطنب فى مواضع، وفى بعضها تكرار يستغنى بالبعض منه عن الكل، ولم يكمله. فأخذت فى تهذيبه وتقريبه وتكميله، وربما أدخلت فيه بعض النقول المستحسنة تتميما للفائدة وسميته فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد .
    وأسأل الله أن ينفع به كل طالب للعلم ومستفيد، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم وموصلا من سعى فيه إلى جنات النعيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.

    ردحذف
  3. قال المصنف رحمه الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم.
    ابتدأ كتابه بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز وعملا بحديث "كل أمر ذى بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع" أخرجه ابن حبان من طريقين. قال ابن صلاح: والحديث حسن. ولأبى دواد وابن ماجه "كل أمر ذى بال لا يبدأ فيه بالحمد لله أو بالحمد
    فهو أقطع "ولأحمد" كل أمر ذى بال لا يفتتح بذكر الله فهو أبتر أو أقطع "وللدارقطني عن أبى هريرة مرفوعا" كل أمر ذى بال لا يبدأ فيه بذكر الله فهو أقطع ".
    والمصنف قد اقتصر فى بعض نسخه على البسملة، لأنها من أبلغ الثناء والذكر للحديث المتقدم. وكان النبى صلى الله عليه وسلم يقتصر عليها فى مراسلاته، كما فى كتابه لهرقل عظيم الروم ووقع لى نسخة بخطه رحمه الله تعالى بدأ فيها بالبسملة، وثنى بالحمد والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم وآله. وعلى هذا فالابتداء بالبسملة حقيقى، وبالحمدلة نسبى إضافى، أى بالنسبة إلى ما بعد الحمد يكون مبدوءا به.
    والباء فى بسم الله متعلقة بمحذوف، واختار كثير من المتأخرين كونه فعلا خاصا متأخرا.
    أما كونه فعلا، فلأن الأصل فى العمل للأفعال.
    وأما كونه خاصا، فلأن كل مبتدىء بالبسملة فى أمر يضمر ما جعل البسملة مبدأ له.
    وأما كونه متأخرا، فلدلالته على الاختصاص، وأدخل فى التعظيم، وأوفق للوجود، ولأن أهم ما يبدأ به ذكر الله تعالى.
    وذكر العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى لحذف العامل فوائد، منها أنه موطن لا ينبغى أن يتقدم فيه غير ذكر الله. ومنها: أن الفعل إذا حذف صح الابتداء بالبسملة في كل عمل وقول حركة. فكان الحذف أعم. إنتهى ملخصا.
    وباء بسم الله للمصاحبة. وقيل: للاستعانة. فيكون التقدير: بسم الله أؤلف حال كونى مستعينا بذكره، متبركا به. وأما ظهوره فى "اقرأ باسم ربك" وفي "بسم الله مجريها" فلأن المقام يقتضى ذلك كما لا يخفى.
    والاسم مشتق من السمو وهو العلو. وقيل: من الوسم وهو العلامة، لأن كل ما سمى فقد نوه باسمه ووسم.
    قوله (الله) قال الكسائي والفراء: أصله الإله، حذفوا الهمزة، وأدغموا اللام فى اللام، فصارتا لاما واحدة مشددة مفخمة. قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الصحيح: أنه مشتق، وأن أصله الإله، كما هو قول سيبويه وجمهور أصحابه إلا من شذ. وهو الجامع لمعانى الأسماء الحسنى والصفات العلى. والذين قالوا بالاشتقاق إنما أرادوا أنه دال على صفة له تعالى. وهى الإلهية كسائر أسمائه الحسنى، كالعليم والقدير، والسميع، والبصير، ونحو ذلك. فإن هذه الأسماء مشتقة من مصادرها بلا ريب، وهى قديمة، ونحن لا نعني بالاشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها فى اللفظ والمعنى، لا أنها متولدة منه تولد الفرع من أصله. وتسمية النحاة للمصدر والمشتقق منه: أصلا وفرعا. ليس معناه أن أحدهما متولد من الآخر. وإنما هو باعتبار أن أحدهما يتضمن الأخر وزيادة.
    قال أبو جعفر بن جرير الله أصله الإله أسقطت الهمزة التى هى فاء الاسم. فالتقت اللام التى هى عين الاسم واللام الزائدة وهى ساكنة فأدغمت فى الأخرى، فصارتا فى اللفظ لاما واحدة مشددة. وأما تأويلالله فإنه على معنى ما روى لنا عن عبد الله بن عباس قال: هو الذى يألهه كل شئ ويعبده كل خلق وساق بسنده عن الضحاك عن عبد الله بن عباس قال: الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين فان قال لنا قائل: وما دل على أن الألوهية هى العبادة وأن الإله هو المعبود، وأن له أصلا فى فعل ويفعل، وذكر بيت رؤية بن العجاج.
    لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهى
    يعنى من تعبدى وطلبى الله بعملى. ولا شك أن التأله التفعل، من أله يأله وأن معنى أله إذا نطق به: عبد الله. وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه بفعل يفعل بغير زيادة. وذلك ما حدثنا به سفيان بن وكيع - وساق السند إلى ابن عباس أنه قرأ "ويذرك وآلهتك" قال: عبادتك. ويقول: إنه وكان يعبد ولا يعبد ساق بسند آخر عن ابن عباس ويذرك وإلاهتك. قال: إنما كان فرعون يعبد ولا يعبد وذكر مثله عن مجاهد، ثم قال: فقد بين قول ابن عباس ومجاهد هذا: آن أله عبد وان الآلهة مصدره ساق حديثا عن أبى سعيد مرفوعا آن عيسى أسلمته أمه إلي الكتاب ليعلمه. فقال له المعلم: اكتب بسم الله. فقال عيسى: أتدرى ما الله؟ الله إله الآلهة .

    ردحذف


  4. قال المصنف رحمه الله: وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم.
    ش: أصح ما قيل فى معنى صلاة الله على عبده: ما ذكره البخارى رحمه الله تعالى عن أبى العالية قال: "صلاة الله على عبده ثناؤه عليه عند الملائكة" وقرره ابن القيم رحمه الله ونصره فى كتابيه جلاء الأفهام وبدائع الفوائد .
    قلت: وقد يراد بها الدعاء، كما فى المسند عن على مرفوعا "الملائكة تصلى على أحدكم ما دام فى مصلاه: اللهم اغفر له اللهم ارحمه".
    قوله (وعلى آله) أى أتباعه على دينه، نص عليه الإمام أحمد هنا. وعليه أكثر الأصحاب. وعلى هذا فيشمل الصحابة وغيرهم من المؤمنين.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: كتاب التوحيد
    ش: كتاب: مصدر كتب يكتب كتابا وكتابة وكتبا، ومدار المادة على الجمع. ومنه: تكتب بنو فلان، إذا اجتمعوا. والكتيبة لجماعة الخيل، والكتابة بالقلم لاجتماع الكلمات والحروف. وسمى الكتاب كتابا: لجمعه ما وضع له.
    والتوحيد نوعان: توحيد فى المعرفة والإثبات. وهو توحيد الربوبية والأسماء والصفات. وتوحيد فى الطلب والقصد. وهو توحيد الإلهية والعبادة.

    ردحذف
  5. قال العلامة ابن القيم رحمه الله: وأما التوحيد الذى دعت إليه الرسل ونزلت به الكتب فهو نوعان: توحيد فى المعرفة والإثبات، وتوحيد فى الطلب والقصد.

    ردحذف

  6. قال شيخ الإسلام: التوحيد الذى جاءت به الرسل إنما يتضمن إثبات الإلهية لله وحده بأن يشهد أن لا إله إلا الله: لا يعبد إلا إياه، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يوالى إلا له، ولا يعادى إلا فيه، ولا يعمل إلا لأجله. وذلك يتضمن إثبات ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات. قال تعالى: '2: 163' "وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم" قال تعالى: '16: 51 '"وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون" وقال تعالى: '23: 117' " ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون "وقال تعالى: '43: 45 '" واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون "وأخبر عن كل نبى من الأنبياء أنهم دعوا الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له. وقال: '60: 4 "قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده" وقال عن المشركين: '37: 35، 36 '"إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون * ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون" وهذا فى القرآن كثير.
    وليس المراد بالتوحيد: مجرد توحيد الربوبية. وهو اعتقاد أن الله وحده خلق العالم، كما يظن ذلك من يظنه من أهل الكلام والتصوف. ويظن هؤلاء أنهم إذا أثبتوا ذلك بالدليل فقد أثبتوا غاية التوحيد. وأنهم إذا شهدوا هذا وفنوا فيه فقد فنوا فى غاية التوحيد فإن الرجل لو أقر بما يستحقه الرب تعالى من الصفات ونزهه عن كل ما ينزه عنه. وأقر بأنه وحده خالق كل شئ، لم يكن موحدا حتى يشهد بأن لا إله إلا الله وحده. فيقر بأن الله وحده هو الإله المستحق للعبادة. ويلتزم بعبادة الله وحده لا شريك له. و الإله هو المألوه المعبود الذى يستحق العبادة. وليس هو الإله بمعنى القادر على الاختراع. فإذا فسر المفسر الإله بمعنى القادر على الاختراع واعتقد أن هذا المعنى هو أخص وصف الإله. وجعل إثبات هذا هو الغاية فى التوحيد - كما يفعل ذلك من يفعله من متكلمة الصفاتية. وهو الذى يقولونه عن أبى الحسن وأتباعه لم يعرفوا حقيقة التوحيد الذى بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم. فإن مشركى العرب كانوا مقرين بأن الله وحده4 خالق كل شئ. وكانوا مع هذا مشركين. قال تعالى: '12: 106 '"وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون" قالت طائفة من السلف تسألهم: من خلق السموات والأرض؟ فيقولون: الله وهم مع هذا يعبدون غيره قال تعالى: '23: 84-89 "قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل أفلا تذكرون * قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله قل أفلا تتقون * قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنى تسحرون "فليس كل من أقر بأن الله تعالى رب كل شئ وخالقه يكون عابدا له، دون ما سواه. داعيا له دون ما سواه راجيا له خائفا منه دون ما سواه. يوالى فيه ويعادى فيه. ويطيع رسله ويأمر بما أمر به. وينهى عما نهى عنه. وعامة المشركين أقروا بأن الله خالق كل شئ. وأثبتوا الشفعاء الذين يشركونهم به وجعلوا له أندادا. قال تعالى: '39: 43، 44 '"أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أو لو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون * قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض" وقال تعالى: '10: 18' "ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون "وقال تعالى: '6: 14" ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون "وقال تعالى: '2: 165'" ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله "ولهذا كان أتباع هؤلاء من يسجد للشمس والقمر والكواكب ويدعوها. ويصوم وينسك لها ويتقرأ إليها. ثم يقول: إن هذا ليس بشرك. إنما الشرك إذا اعتقدت أنها المدبرة لى. فإذا جعلتها سببا وواسطة لم أكن مشركا. ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن هذا شرك. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

    ردحذف
  7. فالأول هو: إثبات حقيقة ذات الرب تعالى وصفاته وأفعاله وأسمائه وتكلمه بكتبه وتكليمه لمن شاء من عباده، وإثبات عموم قضائه وقدره وحكمته، وقد أفصح القرآن عن هذا النوع جد الإفصاح، كما فى أول سورة الحديد، وسورة طه، وآخر الحشر، وأول تنزيل السجدة، وأول آل عمران، وسورة الإخلاص بكمالها، وغير ذلك.
    النوع الثانى: ما تضمنته سورة "قل يا أيها الكافرون" وقوله تعالى: '3: 64' "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون "وأول سورة تنزيل الكتاب وآخرها. وأول سورة المؤمن: ووسطها وآخرها، وأول سورة الأعراف وآخرها. وجملة سورة الأنعام، وغالب سور القرآن. بل كل سورة في القرآن فهي متضمنة لنوعى التوحيد، شاهدة به داعية إليه.
    فإن القران إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وأقواله، فهو التوحيد العلمى الخبرى وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له وخلع ما يعبد من دونه، فهو التوحيد الإرادي الطلبي. وإما أمر ونهى، وإلزام بطاعته وأمره ونهيه، فهو حقوق التوحيد ومكملاته وإما خبر عن إكرام أهل التوحيد وما فعل به فى الدنيا وما يكرمهم به فى الآخرة، فهو جزاء توحيده، وإما خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم فى الدنيا من النكال وما يحل بهم في العقبى من العذاب. فهو جزاء من خرج عن حكم التوحيد. فالقرآن كله فى التوحيد، وحقوقه وجزائه، وفى شأن الشرك وأهله وجزائهم. انتهى

    ردحذف
  8. قال المصنف رحمه الله تعالى : وقول الله تعالى: '51: 56' "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"
    ش: بالجر عطف على التوحيد. ويجوز الرفع على الابتداء.
    قال شيخ الإسلام: العبادة هى طاعة الله بامتثال ما أمر الله به على ألسنة الرسل.
    وقال أيضا: العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
    قال ابن القيم: ومدارها على خمس عشرة قاعدة. من كملها كمل مراتب العبودية.
    5 ++++++ وبيان ذلك: أن العبادة منقسمة على القلب واللسان والجوارح. والأحكام التى للعبودية خمسة: واجب ومستحب وحرام ومكروه ومباح. وهن لكل واحد من القلب واللسان والجوارح.
    وقال القرطبى: أصل العبادة التذلل والخضوع. وسميت وظائف الشرع على المكلفين عبادات. لأنهم يلتزمونها ويفعلونها خاضعين متذللين لله تعالى.
    ومعنى الآية: أن الله تعالى أخبر أنه ما خلق الجن والإنس إلا لعبادته. فهذا هو الحكمة في خلقهم.
    قلت: وهي الحكمة الشرعية الدينية.
    قال العماد ابن كثير: وعبادته هى طاعته بفعل المأمور وترك المحظور. وذلك هو حقيقة دين الاسلام. لأن معنى الإسلام: الاستسلام لله تعالى، المتضمن غاية الانقياد والذل والخضوع. انتهى.
    وقال أيضا فى تفسير هذه الاية: ومعنى الآية أن الله خلق الخلق ليعبدوه وحده لا شريك له. فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء. ومن عصاه عذبه أشد العذاب. وأخبر أنه غير محتاج إليهم. بل هم الفقراء فى جميع أحوالهم وهو خالقهم ورازقهم. وقال علي بن
    أبى طالب رضى الله عنه فى الآية إلا لآمرهم أن يعبدونى وأدعوهم إلى عبادتى وقال مجاهد: إلا لآمرهم وأنهاهم اختاره الزجاج وشيخ الإسلام. قال: ويدل على هذا قوله '75: 36' "أيحسب الإنسان أن يترك سدى" قال الشافعى: لا يؤمر ولا ينهى وقال فى القرآن فى غير موضع "اعبدوا ربكم" "اتقوا ربكم" فقد أمرهم بما خلقوا له. وأرسل الرسل بذلك. وهذا المعنى هو الذى قصد بالآية قطعا، وهو الذى يفهمه جماهير المسلمين ويحتجون بالآية عليه.
    قال وهذه الآية تشبه قوله تعالى: '4: 64' "وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله" ثم قد يطاع وقد يعصى. وكذلك ما خلقهم إلا لعبادته. ثم قد يعبدون وقد لا يعبدون. وهو سبحانه لم يقل: إنه فعل الأول. وهو خلقهم ليفعل بهم كلهم. الثانى: وهو عبادته ولكن ذكر أنه فعل الأول ليفعلوا هم الثانى. فيكونوا هم الفاعلين له. فيحصل لهم بفعله سعادتهم ويحصل ما يحبه ويرضاه منه ولهم. انتهى.

    ردحذف
  9. فمنها ما أخرجه مسلم فى صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابا: لو كانت لك الدنيا وما فيها ومثلها °° = 6 معها أكنت مفتديا بها؟ فيقول: نعم. فيقول: قد أردت منك أهون من هذا وأنت فى صلب آدم. أن لا تشرك - أحسبه قال: ولا أدخلك النار - فأبيت إلا الشرك "فهذا المشرك قد خالف ما أراده الله تعالى منه: من توحيده وأن لا يشرك به شيئا فخالف ما أراده الله منه فأشرك به غيره وهذه هى الإرادة الشرعية الدينية كما تقدم..
    فبين الإرادة الشرعية الدينية والإرادة الكونية القدرية عموم وخصوص مطلق.
    يجتمعان فى حق المخلص المطيع. وتنفرد الإرادة الكونية القدرية فى حق العاصى. فافهم ذلك تنج من جهالات أرباب الكلام وتابعيهم.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: وقوله '16: 36' "ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت".
    ش: الطاغوت: مشتق من الطغيان، وهو مجاوزة الحد. قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: الطاغوت الشيطان. وقال جابر رضى الله عنه الطاغوت كهان كانت تنزل عليهم الشياطين رواهما ابن أبى حاتم. وقال مالك: الطاغوت كل ما عبد من دون الله.
    قلت: وذلك المذكور بعض أفراده، وقد حده العلامة ابن القيم حدا جامعا فقال الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده: من معبود أو متبوع أو مطاع. فطاغوت كل قوم: من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله أو يتبعونه على غير بصيرة من الله أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله. فهذه طواغيت العالم. إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها. رأيت أكثرههم أعرض عن عبادة الله تعالى إلى عبادة الطاغوت وعن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طاعة الطاغوت ومتابعته.
    وأما معنى الآية: فأخبر تعالى أنه بعث فى كل طائفة من الناس رسولا بهذه الكلمة "أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" أي اعبدوا الله وحده واتركوا عبادة ما سواه، كما قال تعالى: '2: 256' "فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها "وهذا معنى لا إله إلا الله فإنها هي العروة الوثقى.
    قال العماد ابن كثير فى هذه الآية: كلهم ​​- أى ​​الرسل - يدعو إلى عبادة الله، وينهى عن عبادة ما سواه، فلم يزل سبحانه يرسل إلى الناس الرسل بذلك منذ حدث الشرك فى بنى آدم فى قوم نوح الذين أرسل إليهم، وكان أول رسول بعثه الله تعالى إلى أهل الأرض إلى أن ختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، الذى طبق دعوته الإنس والجن فى المشارق والمغارب، وكلهم كما +++ = 7 قال الله تعالى: '21: 25 '"وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" وقال تعالى فى هذه الآية الكريمة: "ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت "فكيف يسوغ لأحد من المشركين بعد هذا أن يقول:" لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء "، فمشيئة الله تعالى الشرعية عنهم منفية، لأنه نهاههم عن ذلك على ألسن رسله، وأما مشيئته الكونية - وهى تمكينهم من ذلك قدرا - فلا حجة لهم فيها، لأنه تعالى خلق النار وأهلها من الشياطين والكفرة، وهو لا يرضى لعبادة الكفر، وله فى ذلك الحجة البالغة والحكمة القاطعة، ثم إنه تعالى قد أخبر أنه أنكر عليهم بالعقوبة فى الدنيا بعد إنذار الرسل، فلهذا قال: '16: 36 '" فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة "انتهى.
    قلت: وهذه الآية تفسير الآية التي قبلها. وذلك قوله: "فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة" فتدبر.
    ودلت هذه الآية على أن الحكمة في ارسال الرسل، دعوتهم أممهم إلى عبادة الله وحده، والنهي عن عبادة ما سواه، وأن هذا هو دين الأنبياء والمرسلين، وإن اختلفت شريعتهم كما قال تعالى "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا" وأنه لا بد في الإيمان من عمل القلب والجوارح.

    ردحذف
  10. قال المصنف رحمه الله تعالى: قوله تعالى: '17: 23 '"وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا".
    ش: قال مجاهد قضى يعني وصى، وكذا قرأ أبي بن كعب وابن مسعود وغيرهم ولابن جرير عن ابن عباس وقضى ربك يعني أمر.
    وقوله تعالى: "أن لا تعبدوا إلا إياه" المعنى، أن تعبدوه وحده دون ما سواه، وهذا معنى لا إله إلا الله.
    قال ابن القيم رحمه الله تعالى، والنفي المحض ليس توحيدا، وكذلك الاثبات بدون النفي، فلا يكون التوحيد إلا متضمنا للنفي والإثبات، وهذا هو حقيقة التوحيد.
    وقوله: "وبالوالدين إحسانا" أي وقضى أن تحسنوا بالوالدين إحسانا، كما قضى بعبادته وحده لا شريك له. كما قال تعالى في الآية الأخرى '13: 14 '"أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير"
    وقوله: "إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما" أى ألا تسمعهما قولا سيئا، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيء "ولا تنهرهما" أي: لا يصدر منك إليهما فعل قبيح، كما قال عطاء بن أبي رباح لا تنفض يديك عليهما.
    ولما نهاه عن الفعل القبيح والقول القبيح أمره بالفعل الحسن والقول الحسن فقال: "وقل لهما قولا كريما" أي لينا طيبا بأدب وتوقير وقوله "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة" أى تواضع لهما "وقل رب ارحمهما" أي في كبرهما وعند وفاتهما "كما ربياني صغيرا "وقد ورد في بر الوالدين أحاديث كثيرة، منها: الحديث المروي من طرق عن أنس وغيره" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صعد المنبر قال: آمين، آمين، آمين، فقالوا يا رسول الله، على ما أمنت قال أتاني جبريل فقال: يا محمد رغم أنف امرىء ذكرت عنده فلم يصل عليك قل: آمين، فقلت: آمين ثم قال: رغم أنف امرىء دخل عليه شهر رمضان ثم خرج ولم يغفر له، قل آمين: فقلت آمين، ثم قال: رغم أنف امرىء أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة قل: آمين، فقلت آمين "وروى الامام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم" رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف رجل أدرك والديه، أحدهما أو كلاهما لم يدخل الجنة "قال العماد ابن كثير: صحيح من هذا الوجه عن أبى بكرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين. وكان متكئا فجلس، فقال ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت "رواه البخارى ومسلم وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" رضى الرب فى رضى الوالدين ، وسخطه فى سخط الوالدين "، عن أسيد الساعدى رضى الله عنه قال:" بينا نحن جلوس عند النبى صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بنى سلمة فقال: يا رسول الله، هل بقى من بر أبوي شئ أبرهما به بعد موتهما؟ فقال: نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التى لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما "رواه أبو داود وابن ماجة والأحاديث فى هذا المعنى كثيرة جدا.

    ردحذف
  11. قال المصنف رحمه الله تعالى: وقوله: 4: 36 "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا".
    ش: قال العماد ابن كثير رحمه الله فى هذه الآية: يأمر الله تعالى عباده بعبادته وحده لا شريك له، فإنه الخالق الرازق المتفضل على خلقه فى جميع الحالات، وهو المستحق منهم أن يوحدوه ولا يشركوا به شيئا من مخلوقاته. انتهى.
    = 8 + وهذه الاية هى التى تسمى آية الحقوق العشرة، وفى بعض النسخ المعتمدة من نسخ هذا الكتاب تقديم هذه الآية على آية الأنعام، ولهذا قدمتها لمناسبة كلام ابن مسعود الآتي لآية الأنعام، ليكون ذكره بعدها أنسب.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: وقوله تعالى: '6: 151-153 "قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا" الآيات.
    ش: قال العماد ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى لنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم (قل) لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله، وحرموا ما رزقهم الله (تعالوا) أي هلموا وأقبلوا (أتل) أقص عليكم (ماحرم ربكم عليكم) حقا، لا تخرصا ولا ظنا، بل وحيا منه وأمرا من عنده (ألا تشركوا به شيئا) وكأن في الكلام محذوفا دل عليه السياق تقديره: وصاكم ألا تشركوا به شيئا، ولهذا قال في آخر الآية (ذلكم وصاكم به) ا ه.
    قلت: فيكون المعنى: حرم عليكم ما وصاكم بتركه من الإشراك به، وفي المغني لابن هشام فى قوله تعالى "أن لا تشركوا به شيئا" سبعة أقوال، أحسنها: هذا الذى ذكره ابن كثير، ويليه: بين لكم ذلك لئلا تشركوا، فحذفت الجملة من أحدهما، وهى (وصاكم) وحرف الجر وما قبله من الأخرى. ولهذا إذا سئلوا عما يقول لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يقول اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم كما قال أبو سفيان، لهرقل وهذا هو الذى فهمه أبو سفيان وغيره من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم قولوا لا اله إلا الله تفلحوا.
    وقوله تعالى: "وبالوالدين إحسانا" قال القرطبى: الإحسان إلى الوالدين برهما وحفظهما وصيانتهما وامتثال أمرهما، وإزالة الرق عنهما، وترك السلطنة عليهما، و (إحسانا) نصب على المصدرية، وناصبه فعل من لفظه تقديره: وأحسنوا بالوالدين إحسانا.
    وقوله "ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم" إلاملاق: الفقر، أى لا تئدوا بناتكم خشية العيلة والفقر، فإنى رازقكم وإياهم، وكان منهم من يفعل ذلك بالذكور خشية الفقر، ذكره القرطبى. وفى الصحيحين "عن ابن مسعود رضى الله عنه (قلت: يا رسول الله، أى الذنب أعظم عند الله قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك قلت: ثم أى قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك قلت: ثم أي ؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم '25: 68-70 "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا° بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا *= 9 إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما "".
    وقوله: "ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن" قال ابن عطية: نهي عام عن جميع أنواع الفواحش، وهى المعاصى.
    و (ظهر) و (بطن) حالتان تستوفيان أقسام ما جلتا له من الأشياء. انتهى.
    وقوله: "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" فى الصحيحين: "عن ابن عباس رضى الله عنه مرفوعا: لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزانى، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة ".
    وقوله: "ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون" قال ابن عطية: (ذلكم) إشارة إلى هذه المحرمات والوصية الأمر المؤكد المقرر. وقوله (لعلكم تعقلون) (لعل) للتعليل أى إن الله تعالى وصانا بهذه الوصايا لنعقلها عنه ونعمل بها، وفى تفسير الطبرى الحنفى: ذكر أو لا (تعقلون) في (تذكرون) ثم (تتقون) لأنهم إذا عقلوا تذكروا وخافوا واتقوا.
    وقوله: "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده" قال ابن عطية: هذا نهى عام عن القرب الذى يعم وجوه التصرف وفيه سد الذريعة، ثم استثنى ما يحسن وهو السعى فى نمائه، قال مجاهد: التي هي أحسن، إشارة فيه ، وفي قوله: (حتى يبلغ أشده) قال مالك وغيره: هو الرشد وزوال السفه مع البلوغ، روى نحو هذا عن زيد بن أسلم والشعبى وربيعة وغيرهم.

    ردحذف

  12. وقوله: "وأوفوا الكيل والميزان بالقسط" قال ابن كثير: يأمر تعالى بإقامة العدل فى الأخذ والإعطاء "لا نكلف نفسا إلا وسعها" أي من اجتهاد بأداء الحق وأخذه، فإن أخطأ بعد استفراغ الوسع وبذل جهده فلا حرج عليه.
    وقوله: "وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى" هذا أمر بالعدل فى القول والفعل على القريب والبعيد. قال الحنفي: العدل فى القول فى حق الولى والعدو لا يتغير فى الرضى والغضب بل يكون على الحق وإن كان ذا قربى فلا يميل إلى الحبيب والقريب "5: 8" ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ".
    وقوله "وبعهد الله أوفوا" قال ابن جرير: وبوصية الله تعالى التي وصاكم بها فأوفوا. وإيفاء ذلك بأن يطيعوه بما أمرهم به ونهاهم عنه. وأن يعملوا بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ذلك هو الوفاء بعهد الله. وكذا قال غيره، وقوله "ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون" تتعظون وتنتهون عما كنتم فيه.

    ردحذف
  13. وقوله: "وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله" قال القرطبي: هذه آية عظيمة عطفها على ما تقدم. فإنه نهي وأمر وحذر عن اتباع غير سبيله على ما بينته الأحاديث الصحيحة وأقاويل السلف. و (أن) فى موضع نصب. أي أتلو أن هذا صراطي، عن الفراء و الكسائي. ويجوز أن يكون خفضا. أي وصاكم به وبأن هذا صراطي. قال: والصراط الطريق الذي هو دين الإسلام. (مستقيما) نصب على الحال ومعناه مستويا قيما لا اعوجاج فيه. فأمر باتباع طريقه الذي طرقه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وشرعه ونهايته الجنة وتشعبت منه طرق، فمن سلك الجادة نجا، ومن خرج إلى تلك الطرق أفضت به إلى النار. قال الله تعالى: "ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون" أي يميل. انتهى.

    ردحذف
  14. وروى الإمام أحمد والنسائي و الدارمي و ابن أبي حاتم و الحاكم - وصححه - "عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده، ثم قال هذا سبيل الله مستقيما، ثم خط خطوطا عن يمين ذلك الخط وعن شماله ثم قال: وهذه سبل ليس منها سبيل إلا وعليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ "وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل" الآية ". وعن مجاهد: ولا تتبعوا السبل، قال: البدع والشهوات.
    قال ابن القيم رحمه الله: ولنذكر في الصراط المستقيم قولا وجيزا فإن الناس قد تنوعت عباراتهم عنه بحسب صفاته ومتعلقاته، وحقيقته شئ واحد، وهو طريق الله الذي نصبه لعباده موصلا لهم إليه ولا طريق إليه سواه، بل الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا طريقه الذي نصبه على ألسن رسله، وجعله موصلا لعبادة الله وهو إفراده بالعبادات، وإفراد رسله بالطاعة، فلا يشرك به أحدا في عبادته ولا يشرك برسوله صلى الله عليه وسلم أحدا في طاعته. فيجرد التوحيد، ويجرد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا كله مضمون شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله فأي شئ فسر به الصراط المستقيم فهو داخل في هذين الأصلين. ونكتة ذلك، أن تحبه بقلبك وترضيه بجهدك كله، فلا يكون في قلبك موضع إلا معمورا بحبه، ولا يكون لك إرادة متعلقة بمرضاته. فالأول يحصل بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، والثاني يحصل بتحقيق شهادة أن محمدا رسول الله. وهذا هو الهدى ودين الحق، وهو معرفة الحق والعمل به، وهو معرفة ما بعث الله به رسوله والقيام به، وقل ما شئت من العبارات التى هذا آخيتها وقطب رحاها. قال: وقال سهل بن عبد الله: عليكم بالأثر والسنة، فإنى أخاف، إنه سيأتي عن قليل زمان إذا ذكر إنسان النبى صلى الله عليه وسلم والاقتداء به فى جميع أحواله ذموه ونفروا عنه وتبرأوا منه، وأذلوه وأهانوه.

    ردحذف