الأربعاء، 27 ديسمبر 2017

رائد الصحافة الوطنية الشيخ أبي اليقظان

إبراهيم بن عيسى بن يحي حمدي أبو اليقظان، ولد في مدينة القرارة ، ولاية غرداية ، الجزائر، يوم 29 صفر 1306هـ/ 5 نوفمبر 1888م .دخل الكتّاب القرآني ، وحفظ القرآن سنة 1323هـ عند الشّيخ الحاج إبراهيم بن كاسي (حميد أوجانه) ، ثمّ أخذ في تعلّم الفنون العربية والشّرعية ، على يد أستاذه الشّيخ الحاج عمر بن يحي ويرو الحاج يحي ، ثمّ سافر إلى مدينة بني يزقن (الجزائر) ليكمل دراسته على قطب الأئمّة الشّيح الحاج امحمد بن يوسف اطفيش.
سافر إلى تونس سنة 1912ليدرس في جامع الزّيتونة والخلدونية ، وترأّس أوّل بعثة طالبية علمية جزائرية إلى تونس. انضم بعد ذلك إلى الحزب الحرّ الدّستوري التّونسي وأصبح عضوًا بارزًا فيه ، وربطته بزعيمه عبد العزيز الثّعالبي صداقة وعلاقة خاصّة ، وله فيه قصائد ، وقد أسهم في تأسيسه ، كما كان عضوًا في اللّجنة الأدبية للحزب ، كما كان يكتب في الصحافة مقالات سياسية في صحيفتي "المنبر" و"الصواب" التونسيتين وصحيفة "المنهاج" الصادرة بمصر.
سنة 1925 عاد إلى الجزائر ، وأنشأ أوّل مدرسة عربية عصرية بالقرارة ونظامًا للتّعليم الثّانوي ، مساعدا لشيخه الحاج عمر بن يحي. وأصبح نواة لنظام معهد الحياة . كان أبو اليقظان مولعا بالصحافة إلى حد العشق ، فأنشأ أول جريدة سنة 1926م تحت اسم "وادي ميزاب" هي أسبوعية ، صدر منها 119 عددًا ، لم تتخلّف أسبوعًا واحدًا عن الصّدور ، وكان يتم تحرير هذه الجريدة بالعاصمة الجزائر ثم ترسل إلى تونس لتطبع وتعود عن طريق القطار ليتم توزيعها في الجزائر ، واستمرت على هذا المنوال لمدة سنتين ، ثم صدرت له جريدة "ميزاب " 1930م وجريدة المغرب ، والنور ، والبستان ، والنبراس ، والأمة ، وآخر جريدة أصدرها الفرقان 1938م ، كخلاصة القول أسّس ثماني جرائد ما بين أكتوبر 1926 و فبراير 1938. هي : وادي ميزاب ، ميزاب ، المغرب ، النّور، البستان ، النّبراس ، الأمّة ، الفرقان ، إلى جانب نشاطه الصحفي ، أنشا أبو اليقظان المطبعة العربيّة سنة 1931 ، وهو أوّل وطني جزائري يؤسّس مطبعة بالعربية ، التي لم تخل هي الأخرى من مضايقة ومراقبة البوليس الاستعماري لها .
لم تكن أعمال أبو اليقظان ونشاطه مقصورين على الصحافة والسياسة ، بل كان رجل إصلاح من الطراز الأول حيث انضم في سنة 1931 م إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ليتم انتخابه سنة 1934م عضوا بمجلسها الإداري نائبا لأمين المال إلى غاية سنة 1938م .
أصيب بالشّلل النّصفي أوائل أفريل 1957 ، وقد نشر في أكثر من جريدة ومجلّة ، منها :  الفاروق،  والإقدام والمنتقد والشّهاب  والنّجاح والصّديق…في الجزائر . والمنير ولسان الشّعب والإرادة…في تونس. والمنهاج واللّواء والفتح ،  في مصر.
ــ تفرّغ للتّأليف بعد انقطاعه عن الصّحافة ، وألّف أكثر من ستّين مؤلّفًا ، بين كتاب ورسالة. عدا مراسلات ومقالات ومذكّرات وقصائد شعرية.
توفّي يوم الجمعة 30 من مارس 1973 ، في منزله بالقرارة. رحمه الله رحمة واسعة ، فهذا الصحفي الفذ ، القلم العملاق ، المصلح المتفتح الآخذ بأسباب العصر الذي اقتحم الحياة اقتحاما ، وخاض غمارها خوضا ، وواجه الصعاب تلو الصعاب ، لو كان في بلد آخر لتحولت حياته إلى مسلسل تلفزيوني يبرز مناقبه وخصاله وإنجازاته ، ويخلده ويعرف به الأجيال اللاحقة من بعده حتى تتأكد أن الصحراء لم تكن صحراء العطش والبحث عن الكلأ والرحيل المتواصل ، بل هي واحة خصبة ، ومدن عامرة ، ومدارس نابعة بالعلم ، وعلماء يتفجرون حكمة وذكاء وعلما ، وما إبراهيم إلا أنموذجا ممن أنجبتهم الصحراء ، تعلموا العربية في الجزائر وصنفوا المصنفات وأصدروا الجرائد وأداروا المؤسسات ، فرحم الله إبراهيم أبو اليقظان.منقول من جريدة العاصمة نيوز.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق