إبراهيم بن عيسى بن يحي حمدي أبو اليقظان، ولد في مدينة القرارة ،
ولاية غرداية ، الجزائر، يوم 29 صفر 1306هـ/ 5 نوفمبر 1888م .دخل الكتّاب
القرآني ، وحفظ القرآن سنة 1323هـ عند الشّيخ الحاج إبراهيم بن كاسي (حميد
أوجانه) ، ثمّ أخذ في تعلّم الفنون العربية والشّرعية ، على يد أستاذه الشّيخ
الحاج عمر بن يحي ويرو الحاج يحي ، ثمّ سافر إلى مدينة بني يزقن (الجزائر)
ليكمل دراسته على قطب الأئمّة الشّيح الحاج امحمد بن يوسف اطفيش.
سافر إلى تونس سنة 1912ليدرس في جامع الزّيتونة والخلدونية ، وترأّس أوّل
بعثة طالبية علمية جزائرية إلى تونس. انضم بعد ذلك إلى الحزب الحرّ
الدّستوري التّونسي وأصبح عضوًا بارزًا فيه ، وربطته بزعيمه عبد العزيز
الثّعالبي صداقة وعلاقة خاصّة ، وله فيه قصائد ، وقد أسهم في تأسيسه ، كما كان
عضوًا في اللّجنة الأدبية للحزب ، كما كان يكتب في الصحافة مقالات سياسية
في صحيفتي "المنبر" و"الصواب" التونسيتين وصحيفة "المنهاج" الصادرة بمصر.
سنة 1925 عاد إلى الجزائر ، وأنشأ أوّل مدرسة عربية عصرية بالقرارة
ونظامًا للتّعليم الثّانوي ، مساعدا لشيخه الحاج عمر بن يحي. وأصبح نواة
لنظام معهد الحياة . كان أبو اليقظان مولعا بالصحافة إلى حد العشق ، فأنشأ
أول جريدة سنة 1926م تحت اسم "وادي ميزاب" هي أسبوعية ، صدر منها 119 عددًا ،
لم تتخلّف أسبوعًا واحدًا عن الصّدور ، وكان يتم تحرير هذه الجريدة
بالعاصمة الجزائر ثم ترسل إلى تونس لتطبع وتعود عن طريق القطار ليتم
توزيعها في الجزائر ، واستمرت على هذا المنوال لمدة سنتين ، ثم صدرت له جريدة
"ميزاب " 1930م وجريدة المغرب ، والنور ، والبستان ، والنبراس ، والأمة ، وآخر
جريدة أصدرها الفرقان 1938م ، كخلاصة القول أسّس ثماني جرائد ما بين أكتوبر
1926 و فبراير 1938. هي : وادي ميزاب ، ميزاب ، المغرب ، النّور، البستان ،
النّبراس ، الأمّة ، الفرقان ، إلى جانب نشاطه الصحفي ، أنشا أبو اليقظان
المطبعة العربيّة سنة 1931 ، وهو أوّل وطني جزائري
يؤسّس مطبعة بالعربية ، التي لم تخل هي الأخرى من مضايقة ومراقبة البوليس
الاستعماري لها .
لم تكن أعمال أبو اليقظان ونشاطه مقصورين على الصحافة والسياسة ، بل كان
رجل إصلاح من الطراز الأول حيث انضم في سنة 1931 م إلى جمعية العلماء
المسلمين الجزائريين ليتم انتخابه سنة 1934م عضوا بمجلسها الإداري نائبا
لأمين المال إلى غاية سنة 1938م .
أصيب بالشّلل النّصفي أوائل أفريل 1957 ، وقد نشر في أكثر من جريدة
ومجلّة ، منها : الفاروق، والإقدام والمنتقد والشّهاب والنّجاح والصّديق…في
الجزائر . والمنير ولسان الشّعب والإرادة…في تونس. والمنهاج واللّواء
والفتح ، في مصر.
ــ تفرّغ للتّأليف بعد انقطاعه عن الصّحافة ، وألّف أكثر من ستّين
مؤلّفًا ، بين كتاب ورسالة. عدا مراسلات ومقالات ومذكّرات وقصائد شعرية.
توفّي يوم الجمعة 30 من مارس 1973 ، في منزله بالقرارة. رحمه الله رحمة
واسعة ، فهذا الصحفي الفذ ، القلم العملاق ، المصلح المتفتح الآخذ بأسباب
العصر الذي اقتحم الحياة اقتحاما ، وخاض غمارها خوضا ، وواجه الصعاب تلو
الصعاب ، لو كان في بلد آخر لتحولت حياته إلى مسلسل تلفزيوني يبرز مناقبه
وخصاله وإنجازاته ، ويخلده ويعرف به الأجيال اللاحقة من بعده حتى تتأكد أن
الصحراء لم تكن صحراء العطش والبحث عن الكلأ والرحيل المتواصل ، بل هي واحة
خصبة ، ومدن عامرة ، ومدارس نابعة بالعلم ، وعلماء يتفجرون حكمة وذكاء وعلما ،
وما إبراهيم إلا أنموذجا ممن أنجبتهم الصحراء ، تعلموا العربية في الجزائر
وصنفوا المصنفات وأصدروا الجرائد وأداروا المؤسسات ، فرحم الله إبراهيم أبو
اليقظان.منقول من جريدة العاصمة نيوز.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق