الثلاثاء، 20 مايو 2025

موعظة عن السرقة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات،

إننا اليوم نقف لنتحدث عن ظاهرة خطيرة ومُدمرة، ألا وهي السرقة. هذه الآفة التي تتسلل إلى مجتمعاتنا، لتُفسد الأمن، وتُهدم الثقة، وتُثير الفتنة. إن السرقة ليست مجرد أخذ لمال الغير بغير حق، بل هي انتهاك لحرمة الآخرين، وتعدٍ على حقوقهم، وجريمة تترك آثارًا عميقة في النفوس والمجتمعات.

لقد حرّم الله سبحانه وتعالى السرقة تحريمًا قاطعًا في كتابه العزيز وعلى لسان نبيه الكريم. قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]. هذه الآية الكريمة تُبين لنا مدى فداحة هذه الجريمة، والعقوبة الشديدة التي رتبها الله عليها، لردع النفوس ومنع انتشارها. 

لماذا يسرق البعض؟

قد يتساءل البعض عن الأسباب التي تدفع إنسانًا للسرقة. قد تكون الحاجة والفقر دافعًا لبعضهم، ولكن الإسلام لم يُجز السرقة تحت أي مبرر، بل حث على العمل والكسب الحلال، ووعد بالكفاية لمن يتقيه. وقد يكون الطمع والجشع وحب التملك دون وجه حق هو المحرك الأساسي لبعض السارقين، وهذا أشد خطورة، لأنه يدل على ضعف في الوازع الديني والأخلاقي.

آثار السرقة على الفرد والمجتمع

إن آثار السرقة وخيمة ومدمرة على الفرد والمجتمع على حد سواء:

 * على الفرد: السارق يعيش حياة ملؤها الخوف والقلق، ويُحرم من طمأنينة النفس ورضا الضمير. وهو مُعرض للعقوبات الدنيوية والأخروية، وتُحرم عليه البركة في ماله وحياته.

 * على المجتمع: تُزعزع السرقة أمن المجتمع واستقراره، وتُثير الشك والريبة بين الناس. تُعيق التنمية والتقدم، حيث يُصبح الناس خائفين على ممتلكاتهم، ويُقلّ الإقدام على الاستثمار والعمل. وتُولد السرقة الكراهية والبغضاء بين الأفراد، وتُضعف أواصر الأخوة والتراحم.

الحلول والعلاج

لمعالجة ظاهرة السرقة، يجب علينا أن نعمل على عدة محاور:

 * التربية الإيمانية والأخلاقية: غرس القيم الإسلامية السامية في نفوس الأبناء، وتعليمهم الأمانة والصدق والقناعة، وحب الحلال وكره الحرام.

 * توفير فرص العمل: السعي الجاد لتوفير فرص عمل كريمة للشباب، ومكافحة الفقر والحاجة، مع التأكيد على أن الفقر لا يبرر السرقة.

 * تطبيق الشرع والقانون: تفعيل دور الأجهزة الأمنية والقضائية لردع السارقين وتطبيق العقوبات الرادعة عليهم، ليكونوا عبرة لغيرهم.

 * التكافل الاجتماعي: تعزيز روح التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، ومساعدة المحتاجين والعناية بالفقراء والمساكين، لسد حاجاتهم الضرورية ومنعهم من الوقوع في فخ السرقة.

 * الدعوة والتوجيه: دور العلماء والدعاة في توعية الناس بخطورة السرقة وعواقبها الوخيمة في الدنيا والآخرة.

أيها الأحبة في الله،

فلنتق الله في أنفسنا وفي مجتمعاتنا، ولنتعاون جميعًا على مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة. ولنتذكر دائمًا أن كل نعمة لدينا هي رزق من الله، يجب أن نكتسبه من حلال، ونُحافظ عليه بشكر الله وحفظ حقوق الآخرين.

أسأل الله العلي القدير أن يُطهر مجتمعاتنا من كل سوء، وأن يرزقنا الحلال الطيب، وأن يحفظنا من كل شر.

والحمد لله رب العالمين.  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق