الأحد، 22 يونيو 2025

لقد هزت الفاجعة الأليمة والجريمة النكراء التي راح ضحيتها الشاب هيباوي مولاي إدريس، منطقة أولف وما جاورها، والتي دقت ناقوس الخطر لتنبهنا إلى حجم المشكلة التي تواجه مجتمعنا، إن مثل هذه الأحداث ليست مجرد حوادث فردية عابرة، بل هي مؤشرات خطيرة على وجود خلل عميق في عمليةالتربية والأخلاق، وأرى أن سبب ذلك الإهمال التربوي من قبل أغلب الأسر، والمدارس (النظامية والقرآنية)، و البرامج التعليمية المكثفة والخالية من التربية الأخلاقية والغذاء الروحي و مشاركة المجتمع في ذلك، بالإضافة إلى الاستخدام السلبي للإنترنت، كلها عوامل تساهم في تفشي مثل هذه الظواهر المدمرة، إن الحل الجذري لهذه المعضلة يكمن في العودة إلى التربية السليمة القائمة على القيم والمبادئ الإسلامية الأصيلة، والتي تمثل الغذاء الروحي الذي يحصّن الأفراد والمجتمعات.

مسؤولية الأسرة: اللبنة الأولى

الأسرة هي الحاضنة الأولى والبيئة الأساسية التي يتلقى فيها الفرد أولى دروس الحياة، ولها الدور الأعظم في غرس القيم الإيمانية والأخلاقية في نفوس الأبناء، فالوالدان هما القدوة، ومنهما يتعلم الأبناء الصدق والأمانة والرحمة واحترام الآخرين، يقول الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6]. هذه الآية الكريمة تحمل في طياتها أمراً إلهياً صريحاً بضرورة حماية النفس والأهل من النار، ولا يكون ذلك إلا بالتربية السليمة على طاعة الله واجتناب نواهيه.

وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على هذه المسؤولية العظيمة بقوله: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" (متفق عليه). هذا الحديث الشريف يوضح أن مسؤولية التربية لا تقع على عاتق طرف واحد، بل هي مسؤولية مشتركة يتحملها كل فرد في موقعه.

دور المدرسة: صقل الشخصية وتوجيهها

تأتي المدرسة لتكمل دور الأسرة في بناء شخصية الفرد، فهي ليست مجرد مكان لتلقي العلوم الأكاديمية، بل هي منبر لتشكيل الوعي وصقل الأخلاق، فعلى المدارس، سواء كانت نظامية أو قرآنية، أن تولي اهتماماً خاصاً للجانب التربوي والروحي، وأن تعزز من غرس القيم الإسلامية السامية كالتسامح، والتعاون، واحترام الآخر، والعدل، والرحمة، و المناهج الدراسية يجب أن تتضمن ما يعزز هذه القيم، والمعلمون هم القدوة والموجهون، وعليهم أن يدركوا حجم الأمانة الملقاة على عاتقهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" (رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد)، هذا الحديث يؤكد على أن الهدف الأسمى من الرسالة النبوية هو بناء الإنسان الأخلاقي.

المجتمع: شريك أساسي في البناء

المجتمع ليس مجرد مجموعة من الأفراد، بل هو نسيج متكامل يتأثر أفراده ببعضهم البعض، فالمجتمع الصالح يدعم التربية السليمة، ويوفر البيئة الحاضنة للقيم الإيجابية، لذلك ينبغي على المجتمع بكل فئاته ومؤسساته أن يضطلع بدوره في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يدعم المبادرات التي تعزز من القيم الأخلاقية والدينية.

قال تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104]. هذه الآية تدعو إلى تشكيل أمة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وهذا يوضح أهمية الدور المجتمعي في الحفاظ على صلاح الأفراد.

التعامل مع الإنترنت: تحدي العصر

لقد أصبح الإنترنت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، وهو سلاح ذو حدين، فبقدر ما يقدمه من فرص للمعرفة والتواصل والإيجابيات، بقدر ما يحمل من مخاطر الانحرافات الأخلاقية والفكرية، وهنا تكمن أهمية التربية على الوعي والتمييز، لتمكين الشباب من الاستفادة من إيجابياته وتجنب سلبياته،

و على الأسر والمدارس أن يتعاونوا في توجيه الأبناء نحو المحتوى الهادف، وتنمية مهارات التفكير النقدي لديهم، وتحصينهم من الانجراف وراء كل ما هو سلبي وضار، فالتربية على القيم الإسلامية الأصيلة توفر لهم بوصلة أخلاقية ترشدهم في عالم الإنترنت المتسع.

إن ما حدث للشاب هيباوي مولاي إدريس يجب أن يكون نقطة تحول حقيقية، إنها دعوة صادقة لنا جميعاً، أسراً، ومدارس، ومجتمعاً، لأن نتحمل مسؤوليتنا كاملة في إعادة الاعتبار للتربية على القيم والمبادئ الإسلامية، فبغير هذه التربية، سيستمر ناقوس الخطر في الدق، وستتوالى الفواجع، وسينهار بنيان المجتمع.

لنجعل من هذه المأساة دافعاً للعمل الجاد، ولنغرس في أبنائنا حب الله ورسوله، والأخلاق الفاضلة، والقيم النبيلة، ليكونوا أفراداً صالحين، وبناة لمجتمع قوي ومتماسك. 

كتبت هذا الموضوع بالإعتماد على برنامج الذكاء الإصطناعي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق