الخميس، 4 سبتمبر 2025

منارات النجاة التمسك بالكتاب والسنة لبناء مجتمع مزدهر

في زحمة الحياة المعاصرة وتلاطم أمواجها، حيث تتسارع المتغيرات وتتعاظم التحديات، يبرز التمسك بالأصول والثوابت كخيار حتمي وضرورة قصوى، إن بناء فرد صالح ومجتمع مزدهر لا يمكن أن يتم على أسس هشة أو مبادئ متغيرة، بل يتطلب قاعدة صلبة لا تتزعزع، هذه القاعدة هي كتاب الله وسنة رسوله، اللذان يمثلان منارة الهداية والتحصين من كل ما يهدد كيان الفرد وسلامة المجتمع.

​كتاب الله: النور الذي لا يخفت

​القرآن الكريم ليس مجرد كتاب ديني يُتلى، بل هو دستور شامل للحياة، ومنهج متكامل يغطي جميع جوانبها، إنه مصدر العلم والحكمة، وقاعدة الأخلاق والقيم،إن التمسك بكتاب الله يعني أكثر من مجرد تلاوة آياته؛ إنه يعني التدبر في معانيه، وفهم مقاصده، وتطبيق أحكامه في الحياة اليومية، في كل آية، يجد الإنسان ما يغذيه باليقين، ويقويه على مواجهة الصعاب، ويهديه إلى الحق في زمن يكثر فيه الباطل، هو الحبل المتين الذي يشد الأمة إلى ربها، ويصون وحدتها من التمزق، القرآن هو الذي يرسخ الإيمان في القلوب، ويجعل الفرد يستشعر عظمة الخالق، ما ينعكس على سلوكه وأخلاقه، فيصبح عضوا فاعلا وإيجابيا في مجتمعه.

​سنة الرسول: القدوة الحسنة

​إذا كان القرآن هو النظرية، فإن السنة النبوية هي التطبيق العملي لهذه النظرية، لقد كان رسول الله ﷺ قرآنًا يمشي على الأرض، كما وصفته أم المؤمنين زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها، فكانت سيرته العطرة وسنته المطهرة ترجمة حية لمبادئ الإسلام، واتباع سنته يعني الاقتداء به في أقواله وأفعاله وأخلاقه، في عبادته ومعاملاته، فالسنة النبوية تعلمنا كيف نكون صادقين وأمناء، وكيف نتعامل مع أهلنا وجيراننا، وكيف نخدم مجتمعاتنا، هي التي تكمل فهمنا للقرآن، وتفصل لنا ما أُجمل فيه، وباتباعه تتشكل شخصية المسلم المتوازنة، التي تجمع بين قوة الإيمان وجمال الأخلاق، مما يجعله عنصرا فاعلا في بناء مجتمع متراحم ومتكافل.

​تربية الأبناء: استثمار في المستقبل

​لا يمكن أن تستمر الأمة في مسيرتها نحو الازدهار ما لم تُورِّث هذه المبادئ للأجيال القادمة، إن تربية الأبناء على كتاب الله وسنة رسوله هي أهم استثمار يمكن أن يقوم به الآباء والمربون، هذه التربية ليست مهمة سهلة، بل هي مسؤولية عظيمة تتطلب الصبر والحكمة والمثابرة، عندما نغرس في نفوس أبنائنا حب القرآن، وتعظيم النبي ﷺ، فإننا نحصنهم من كل المؤثرات السلبية التي تحاول أن تجرفهم بعيدا عن هويتهم وقيمهم، هذه التربية هي التي تشكل جيلا واعيا، يحمل رسالة الإسلام، ويتحمل مسؤولية إعمار الأرض، جيلا لا يخشى فتن العصر بل يواجهها بعلم ويقين، لبناء مستقبل أمة بأكملها.

​ثمار التمسك: مجتمع صالح ومزدهر

​إن التمسك بكتاب الله وسنة رسوله، وتربية الأبناء على هذه المبادئ، ليس هدفا بحد ذاته، بل هو وسيلة لتحقيق غايات أسمى، الغاية الأولى هي رضا الله تعالى، الذي لا يدرك إلا بالالتزام بأوامره واجتناب نواهيه، والغاية الثانية هي التحصين من الانجراف وراء كل ما هو هادم للفرد والمجتمع، من الأفكار المسمومة والسلوكيات المنحرفة، وثمرة كل ذلك هي بناء مجتمع صالح ومزدهر، مجتمع لا يكتفي بالصلاح الفردي، بل يعمل على تحقيق الصلاح الجماعي، مجتمع قائم على العدل والرحمة، والعلم والأخلاق، مجتمع يحقق التقدم المادي دون أن ينسى روحه، ويزدهر في الدنيا والآخرة.  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق