الخميس، 4 سبتمبر 2025

القوانين تنهار مبادئ وقيم الإسلام

في ظل عالمٍ تتقلب فيه الموازين وتتبدل فيه القيم، وتتصارع فيه النظريات وتتهالك فيه القوانين، يبقى هناك نورٌ لا ينطفئ، ومنارٌ لا يضلّ من إستقى منه، إنه نور الإسلام العظيم، الذي لا تُقاس عظمته بقوانين البشر، ولا تُحصر قيمه في نظرياتهم القاصرة، فكل القوانين التي وضعها الإنسان، مهما بلغت من دقة وإحكام، تظل قاصرة وعاجزة عن احتواء كل متغيرات الحياة، وعن تحقيق العدالة الكاملة التي تشمل كل المخلوقات.

​الواسـطـيـة: ميزانُ العدلِ الإلهي

​يتجلى سر عظمة الإسلام في واسطيته التي هي جوهر عدله وكمال تشريعه، إنها ليست مجرد نقطة وسط بين طرفين، بل هي ميزانٌ إلهي دقيق يزنُ الحق بالحق، ويقيم العدل بالعدل، ففي الإسلام، لا يطغى الفرد على الجماعة، ولا تُهمَل الجماعة في سبيل الفرد، لا إفراط ولا تفريط، لا غلو ولا تقصير، هذه الواسطية هي التي جعلت من الإسلام رحمةً للعالمين، لا تخص فئةً دون أخرى، ولا تميز بين جنسٍ أو لونٍ أو معتقد.

​فحين تنهار القوانين البشرية أمام المصالح الشخصية أو الأهواء المتقلبة، يبقى عدل الإسلام راسخا كالجبال، لا يتزعزع، إنه عدلٌ من الله، يتجاوز حدود الإنسان، ليشمل كل المخلوقات: من رحمةٍ تُوجّه للإنسان الضعيف، إلى رفقٍ يُوصى به بالحيوان الأعجم، إلى عنايةٍ تُعطى للنبات والشجر، هذا العدل الشامل هو ما يمنح الإسلام قوة لا مثيل لها، وقدرة على احتواء كل مشاكل الحياة.

​قيمٌ نبيلة ورحمةٌ شاملة

​إن القيم النبيلة في الإسلام ليست مجرد شعارات تُرفع، بل هي مبادئ حية تُطبق وتُعاش، فمن التسامح الذي يفتح القلوب، إلى العفو الذي يمحو الأحقاد، إلى الكرم الذي يجود بالنفس والمال، وإلى الإحسان الذي يغطي كل عمل، هذه القيم ليست مجرد فضائل أخلاقية، بل هي رحمة من الله أودعها في هذا الدين ليكون منارة للإنسانية التائهة.

​فالإسلام ليس دينا لا يقتصر على الصلاة والصيام، بل هو نظام حياة متكامل، يحمل في طياته رحمةً لكل مخلوق، إنه يرى الكون كله نسيجا واحدا، مترابطا ومتناغما، فالإنسان فيه أخٌ لأخيه في الإنسانية، والحيوان فيه كائنٌ يستحق الشفقة، والنبات والشجر فيه مخلوقاتٌ لها حق في الحياة، والحجر فيه رمزٌ لثبات الخالق وعظمته، هذه النظرة الشاملة والرحمة الواسعة هي ما تجعل الإسلام ملاذا لكل نفس تائهة، وشفاءً لكل قلب مجروح.

​فإذا رأيتَ القوانين تتهاوى أمام ظلم الأقوياء، وتتهافت أمام جشع الطامعين، فاعلم أن عدل الإسلام قادمٌ ليرفع الظلم، وأن رحمته قادرة على تضميد الجراح، إن الإسلام ليس مجرد دين، بل هو نورٌ يشع في ظلمات الكون، ورحمةٌ تُظلل كل الكائنات، وقانونٌ لا ينهار أبداً، لأنه من صنع من لا ينهار حكمه ولا يزول ملكه.  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق