الخميس، 4 سبتمبر 2025

الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بين المؤيدين والمعارضين

يُعدّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف مناسبةً، تُقام في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل عام، وهو ذكرى ميلاد النبي محمد ﷺ، و يثير هذا الاحتفال جدلاً واسعا بين فئات المسلمين؛ فمنهم من يرى أنه بدعة حسنة ومشروعة، ومنهم من يراه بدعة سيئة لا أصل لها في الدين، هذا المقال يستعرض كلا الرأيين مع الأدلة التي يستند إليها كل فريق.

​المؤيدون للاحتفال وأدلتهم:

​يستند المؤيدون للاحتفال بالمولد النبوي إلى مجموعة من الأدلة الشرعية والعقلية:

​التعظيم والمحبة: يرى المؤيدون أن الاحتفال هو تعبير عن حب وتعظيم النبي محمد ﷺ، وهو أمر مطلوب شرعا، وأن إظهار الفرح بميلاده يُعدّ جزءا من الإيمان.

​القياس على الفرح بنجاة موسى: يستدلون بحديث صيام يوم عاشوراء، حيث صامه النبي محمد ﷺ فرحا بنجاة موسى عليه السلام من فرعو، ويقيسون على ذلك أن الفرح بميلاد سيد الأنبياء أولى وأعظم.

​أصل البدعة الحسنة: يعتمد المؤيدون على مبدأ البدعة الحسنة، الذي يرى أن كل ما كان فيه خير ولم يخالف نصا شرعيا فهو جائز، ويستشهدون بقول الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن صلاة التراويح: "نعمت البدعة هذه".

​الفوائد الاجتماعية والدينية: يرى المؤيدون أن الاحتفال فرصة لـالاجتماع على ذكر الله، وتلاوة القرآن، ومدارسة السيرة النبوية، وإطعام الطعام.

​المعارضون للاحتفال وأدلتهم:

​يعارض فريق آخر الاحتفال بالمولد النبوي بناءً على الأدلة التالية:

​الخوف من البدعة: يرى المعارضون أن الاحتفال بدعة محدثة لم يفعلها النبي ﷺ ولا أحد من الصحابة الكرام ولا التابعين، وأن كل بدعة في الدين ضلالة، استنادا لقوله ﷺ: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".

​مخالفة هدي السلف الصالح: يرى المعارضون أن خير الهدي هو هدي النبي ﷺ وأصحابه، وأنه لو كان في الاحتفال خير، لسبقونا إليه.

​الخوف من المغالاة: يرى المعارضون أن الاحتفال قد يؤدي إلى مظاهر شركية أو محرمة، مثل الغناء الصوفي المصحوب بآلات محرمة، أو الإفراط في تعظيم النبي ﷺ إلى حد العبادة.

​الاكتفاء بالسنّة: يرى المعارضون أن حب النبي ﷺ وتعظيمه لا يكون بالاحتفال بمولده، بل يكون باتباع سنّته والالتزام بأوامره واجتناب نواهيه، فالسنة هي الطريق الصحيح للتعبير عن الحب.

​خلاصة المقال

​في الختام، يُعدّ موضوع الاحتفال بالمولد النبوي الشريف قضية فقهية خلافية، لا يمكن لأي من الفريقين إنكار حُسن نية الآخر، فالمؤيدون يهدفون إلى تعظيم النبي ﷺ وإظهار الفرح به، والمعارضون يهدفون إلى اتباع السنة الصحيحة وتجنّب البدع، والاحتفال بالمولد لا يُعدّ من أركان الدين ولا من فروضه ولا من سننه، وهو محل اجتهاد بين الفقهاء، و الأهم هو أن نتذكر سيرة النبي ﷺ ونتأسى بأخلاقه وسنّته في جميع الأيام، فخير ما نُكرم به النبي هو أن نُطبّق ما جاء به من تعاليم سمحة.  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق