السبت، 6 سبتمبر 2025

الشيخ سيدي محمد بن سيدي بنعلي

في واحة العلم والإيمان، حيث تتلألأ النجوم في سماء المعرفة، ويتردد صدى الكلمات الطيبة، يبرز اسم الشيخ سيدي محمد بن سيدي بنعلي هيباوي كشعلة أضاءت دروبا، ونورا أنار العقول والقلوب، لم يكن مجرد رجل دين، بل كان إماما ومحدثا، وكان أيضا كنزا من كنوز العلم وشخصية دينية أفنت حياتها في سبيل طلب العلم ونشره، ​لقد نهل الشيخ سيدي محمد هيباوي من ينابيع العلم الصافية، وتتلمذ على أيدي كبار العلماء أمثال الشيخ باي والشيخ عبدالرحمن  بن إبراهيم حفصي، فغرف من بحرهم علما، وتسلح من نبعهم حكمةً وفقها، و كان شغوفا بالمعرفة، خاصةً في علم المواريث، حتى أصبح متضلعا فيه، يفصّل أحكامه ويشرح مسائله بوضوح تام، فكان مرجعا لمن أراد فهم هذا العلم الدقيق، ​ولم يكن علمه حبيس لديه، بل كان زادا يشارك به الآخرين، فقد كان يواظب على ختم كتاب "الموطأ" للإمام مالك بن أنس كل عام، وفي كل مرة يقرأ، يترنم لسانه بحديث رسول الله ﷺ، وييسّر على الحاضرين فهمه، فيشرح لهم ما استعصى عليهم من مفاهيم، وييسر لهم ما غمض من معاني، كان مجلسه لا يقتصر على القراءة فقط، بل كان منبرا للعلم والفهم، يتناقش فيه الحاضرون ويستفيدون.

​لقد كان الشيخ هيباوي سيدي محمد بنعلي نورا يهدي الحيارى، ولسانا يعلّم الجاهلين، وقلبا ينبض حبا للقرآن والسنة، ولم يكن حضوره ماديا فحسب، بل كان حضوره الروحي والعلمي أقوى وأعمق، لقد ترك إرثا عظيما من العلم والأخلاق، فأصبح أثره وعلمه شاهدا حيا عليه، و لقد رحل بجسده، لكنه بقي حيًا في القلوب، وفي العقول التي نهلت من علمه، وفي الدروب التي أنارها بفضله.

​فرحم الله الشيخ هيباوي سيدي محمد، وجعل قبره روضةً من رياض الجنة، وأنزله منزلة الصديقين والشهداء والصالحين. اللهم جدد عليه الرحمات والنفحات، واجزه عن أمة الإسلام خير الجزاء، واغفر له ولوالديه ولجميع المسلمين، وثقل ميزانه بما قدم من خير وعلم، فقد كان نورا يهدي، ولسانا يعلّم، وقلبا ينبض بالقرآن والسنة، ورحل بجسده وبقي أثره وعلمه شاهدا حيا عليه.  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق