في دروب الحياة، يمرّ بنا أشخاص يتركون بصمات لا تُمحى، ويغرسون في أرواحنا قيما تظلّ خالدة، هم كالنور الذي يضيء لنا الطريق، وكالينبوع الذي يروي ظمأ العقول، ومن تمام الوفاء وحُسن العرفان لأهل الفضل أن نُثني عليهم، وأن نرفع ذكرهم تقديراً لجهودهم المباركة، قبل أن تغيب عنّا أجسادهم، فكثيرا ما نُؤجّل كلمات الثناء، حتى يفوت الأوان وتصبح مجرد رثاء.
وكلمة حقٍ ووفاءٍ، هي ما نُقدّمها اليوم لمُربي الأجيال، الأستاذ بن السعدي الحاج عبد الله بن سيدي علي، الذي لا يُعدّ مجرد مُعلّم، بل هو قامةٌ علميةٌ وتربويةٌ شامخة، ونموذجٌ يُحتذى به في الإخلاص والتفاني، لقد وهب حياته لرسالته النبيلة، رسالة التربية والتعليم، مُسلحا بإيمانٍ عميقٍ بأن بناء الإنسان أهم من بناء أي شيء آخر.
لقد كان بن السعدي الحاج، معلما ومرشدا، يغرس في نفوس طلابه القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة، مُعلما إياهم أن النجاح الحقيقي لا يقتصر على المراتب العلمية فحسب، بل هو قبل كل شيء في بناء الشخصية السوية، وتهذيب السلوك، ونقاء القلب، لم تكن فصوله الدراسية مجرد أماكن لتلقين الدروس، بل كانت محاضنا لتربية العقول وتنمية الأرواح،
أثره المبارك ما زال حيا في كل من تتلمذ على يديه، فمنهم من أصبح أستاذا، ومنهم الطبيب والمهندس والممرض، ومنهم الجندي والشرطي، وموظف الإدارة، بل وحتى عامل النظافة، كل واحد منهم يحمل في ذاكرته وجه ذلك المُعلم الوقور، الذي كان لا تفارقه الابتسامة، ويغمرهم بعطفه وحنانه، ويهديهم بعلمه وحكمته.
كان صاحب هيبة ووقار، لكنه في الوقت ذاته، وكان ولا يزال كريم السجايا، طيب القلب، محبا للخير، سبّاقا إليه، لاينتظر جزاءً أو شكرا، بل هدفه الأسمى هو أن يرى الخير يزدهر في كل مكان.
إن أثره وعطاءه يظلان شاهدين على مسيرته الحافلة بالخير في ميدان التربية والتعليم، وفي وجوه الخير عامة، ولذلك من الواجب علينا أن نرفع أيدينا بالدعاء له، بأن يمنّ الله عليه بالشفاء العاجل، ويُبارك في عمره، ويجزيه خير الجزاء على كل ما قدّم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق