السبت، 25 أكتوبر 2025

شهادةٌ في سِجِل الكِرام: باهتي عبد الله وميراث الخير في رِقَان

"ستُكتَبُ شهادَتُهُمْ ويُسألون"، صدق الله العظيم. في محكمة الحقائق، وميزان الأفعال، تقف الكلمات شهوداً لا تخون، تسرد سير الرجال الذين جعلوا من حياتهم منارة، ومن بيوتهم مأوى، ومن أيديهم جسراً للخير، إنها دعوة صادقة للشهادة بـ "ما علمنا" و"ما شهدنا" في حق رجلٍ كريمٍ، ابنِ كِرام، سليلِ مجدٍ وكرمٍ ضاربٍ في عمق صحراءنا: السيد باهتي عبد الله.

​ليست الشهادة مجرد حروف تُرتل، بل هي إقرارٌ بحقيقة ساطعة، كالشمس في كبد السماء. وكما قال الله تعالى على لسان إخوة يوسف: "وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين"، فنحن اليوم نشهد بما رأينا، وبما لمسنا من أثرٍ طيبٍ لا يُمحى، في حق هذا الرجل النبيل وعائلته الكريمة.

​منذ أن ارتقى اسم "رقان" ليصبح مركزاً لإجراء امتحانات البكالوريا المصيرية، تلك المرحلة التي تُعد عنق الزجاجة في حياة كل طالب، لم يكن الأمر مجرد تجهيز للمدارس والقاعات، بل كان الأمر يتطلب قلوباً مفتوحة وبيوتاً رحبة، هنا بالذات، تجلّت صورة التكافل بأبهى حللها، حيث قررت عائلة باهتي، بمبادرة تجسد روح الشهامة الأصيلة، أن تفتح أبواب بيتها لا كفندقٍ عابر، بل كحِصنٍ دافئ، وملاذٍ آمنٍ للطلاب الوافدين من مختلف المناطق.

​هذا ليس مجرد كرم ضيافة عابر؛ بل هو فلسفة حياة، إنه إدراكٌ عميقٌ لمعنى المسؤولية الاجتماعية التي تتجاوز حدود الجدران الشخصية لتلامس آمال وطموحات جيل كامل، إنهم يدركون أن قلق الامتحان لا يحتمل قلق المأوى أو جوع البطن، فإذا كان الطالب يقاتل في معركة العلم والشهادة، فإن عائلة باهتي قد أعلنت تطوعها لـ"جبهة الإمداد" والدعم اللوجستي الروحي والمادي.

​تخيّلوا المشهد: طالبٌ غريبٌ، أنهكه السفر والخوف، يجد أمامه بيتاً مفتوحاً على مصراعيه، لا يُسأل عن اسمه أو دينه أو قبيلته، بل يُستقبل كفردٍ من العائلة، يُقدَّم له الطعام الذي يقوّي الجسد والروح، ويوفر له المبيت الهادئ الذي يساعد على التركيز والمراجعة، هذه اللفتة الإنسانية ليست مجرد صدقة، بل هي استثمار في المستقبل؛ استثمار في كرامة الطالب، وفي نجاحه، وفي بناء الوطن، إن كل درجة يتفوق بها طالبٌ نامَ آمناً في كنف هذه العائلة، هي في ميزان حسناتهم.

​السيد باهتي عبد الله ليس إلا القائم الأمين على هذا الميراث العظيم، إنه الوجه المعاصر لتقاليد أصيلة، لتقاليد تعلّمت في مدرسة الصحراء أن الماء والطعام والظل ليست مجرد سلع، بل هي مبادئ بقاء وتكافل. إن هذا الكرم المتجذّر يوضح لنا بأن الخير في هذه العائلة ليس طارئاً ولا موسمياً، بل هو نبعٌ متدفقٌ لا يجف، يتوارثونه جيلاً بعد جيل.

​يا باهتي عبد الله، يا ابن الكرماء، إن شهادتنا في حقك وحق عائلتك ليست مجاملة، بل هي اعترافٌ بالفضل، لقد أقمتم دليلاً ساطعاً على أن القيم النبيلة لم تزل حية، وأن البيوت لا تُبنى فقط بالحجر والطين، بل تُقام بالرحمة والكرم والجود. إنكم لستم مجرد مضيفين، بل أنتم شركاء في صناعة النجاح، وفي غرس الثقة في نفوس الأجيال.

​لتُكتَب هذه الشهادة بأحرف من نور، لتُروى قصتكم للأجيال القادمة كنموذجٍ يُحتذى به في التضحية والعطاء غير المشروط، فمثلُ هذه الأفعال هي ما يبني الأوطان، ويُعلي شأن المجتمعات، إننا نشهد بما علمنا، ونؤكد بأن اسم باهتي عبد الله وعائلته، سيظلُ مقروناً بكلمة "الخير" في سجل "رقان" وفي قلب كل طالبٍ وجد في بيتهم ملاذاً ودفئاً خلال ليالي الامتحان الصعبة.

​فجزى الله الكرماء خيراً، وجعل عملهم الصالح شهادةً لهم في الدنيا والآخرة. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق