الأحد، 31 أغسطس 2025

المؤسسة الإستشفائية بأولف أدرار تتدعم بطبيبين كوبيين

في خطوة هامة نحو تعزيز الخدمات الصحية وتقريبها من المواطنين، شهدت المؤسسة العمومية الاستشفائية بأولف دعما نوعيا تمثل في التحاق طبيبين كوبيين متخصصين في علم الأشعة والتصوير الطبي، ومن المقرر أن يباشر الطبيبان عملهما خلال الأيام القليلة القادمة، وذلك في إطار حرص السلطات العليا على تحسين التكفل الصحي بالمنطقة، وجاء هذا الدعم ليسد حاجة ملحة في القطاع الصحي بالمنطقة، حيث سيسهم وجود الطبيبين المختصين في الأشعة في توفير خدمات التشخيص الدقيق للمرضى محليا،

​وفي هذا الصدد، عبرت إدارة المؤسسة العمومية الاستشفائية بأولف عن فخرها بهذا الدعم، مؤكدة أنه ثمرة جهود متواصلة وتعاون مثمر، وتقدمت الإدارة بجزيل الشكر والعرفان إلى مديرة الصحة لولاية أدرار على ما بذلته من جهود حثيثة لرفع مستوى الرعاية الصحية بالمنطقة، كما قدمت الإدارة شكرها لنواب البرلمان على دعمهم ومساندتهم، التي كان لها بالغ الأثر في تجسيد هذا الإنجاز على أرض الواقع، ​ويُعد هذا الدعم الطبي الجديد خطوة إيجابية نحو تحقيق رؤية السلطات العليا في توفير رعاية صحية متكاملة وعالية الجودة لكافة المواطنين، ويعكس هذا سعي الدولة لتحسين البنية التحتية الصحية وتلبية احتياجات سكان المناطق النائية.  


المصدر جريدة التحرير الجزائرية ليوم 01 سبتمبر 2025، العدد 3344، في الصفحة06


الشيخ محمد بن عبد الله كنتاوي صوتٌ قرآنيٌ يرحل من تمقطن

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وبعيون تفيض حزناً على فراق عزيز، ودّعت أمة القرآن والأمة الإسلامية قامةً من قامات العلم والذكر، وعلماً من أعلام القراء المتقنين، إنه الشيخ محمد بن عبد الله كنتاوي، الساكن قيد حياته بقصر تمقطن بلدية تمقطن ولاية أدرار ، الذي ارتحل إلى جوار ربه بعد مسيرة حافلة بالعطاء والبذل في خدمة كتاب الله، ​كان الشيخ محمد كنتاوي -طيب الله ثراه- ليس مجرد قارئ، بل كان صوتاً عذباً يتردد صداه في جنبات المسجد، فيبعث الطمأنينة والخشوع في قلوب المصلين، صوته الرنان، الذي كان يلامس الروح قبل الأذن، كان بمثابة جسر يربط بين الدنيا والآخرة، يأخذ المستمع في رحلة روحية، حيث الكلمات المقدسة تنفذ إلى الأعماق، وتغسل القلوب من درنها، لقد كانت تلاوته ليست مجرد تلاوة، بل كانت تأملاً، وخشوعاً، وحباً لكلام الله، يتجلى في كل حرف يخرج من بين شفتيه، لقد عاش الفقيد حياته نذراً للعلم، فكان معلماً مربياً، يغرس حب القرآن في نفوس الأجيال، ويشيد به صروحاً من الإيمان والعلم، لم يكن يكتفِ بتعليم الحروف، بل كان يربي على الأخلاق الفاضلة، ويغرس في تلاميذه قيم القرآن العظيمة، لقد كان المسجد الذي عمره بصوته، وجهده، شاهداً على عطائه الذي لم ينضب، ومثلاً يحتذى في الإخلاص والتفاني، وفي زمن كثرت فيه المغريات، كان الشيخ محمد كنتاوي منارةً ثابتة، يذكر الناس بروحانيتهم، ويقربهم من خالقهم، وكان رمزاً للتواضع والورع، وعنواناً للعالم العامل الذي يترجم علمه إلى عمل، وقيمه إلى حياة، رحيله خسارة كبيرة، ليس فقط لأهله وذويه، بل لكل من أحبه واستمع إلى تلاوته، واستفاد من علمه، ​ولكن عزاءنا أنه خلف من بعده ذرية طيبة صالحة، تسير على دربه، وتحمل مشعل القرآن من بعده إن شاء الله، وتدعو له بالرحمة والمغفرة، فكم من طالب علم سيترحم عليه، وكم من مصحف سيُقرأ بفضل ما غرسه، وكم من دعاء سيصعد إليه من أفواه محبيه وتلاميذه، ودّعناه جسداً، ولكن صوته القرآني سيبقى حياً في الذاكرتنا، يتردد صداه في القلوب، ويذكر بمسيرة رجل كرّس حياته في سبيل الله، فنم هنيئاً يا شيخنا الفاضل، فقد أديت الأمانة، وبلّغت الرسالة، وتركت إرثاً لا يفنى، ​إنا لله وإنا إليه راجعون.  


المصدر جريدة التحرير الجزائرية ليوم 01 سبتمبر 2025، العدد 3344، في الصفحة06



وداعًا مولاي براهيم سي الطاهر، شمعة العلم التي أضاءت دروب متليلي الشعانبة

انطفأت شمعة، لكن نورها سيبقى ساطعا إلى الأبد، في يوم السبت 30 أوت  2025، اهتزت متليلي الشعانبة على وقع خبر مؤلم، خبر رحيل الأستاذ الجليل، مربي الأجيال، ومعلم القرآن والعربية، مولاي براهيم سي الطاهر، لم يكن وداعا لشخص عادي، بل كان وداعا لقامة تربوية ودينية قل نظيرها، رجل أفنى زهرة شبابه وحياته كلها في خدمة العلم وأهله، ​كان مولاي براهيم أشبه بنهرٍ جارٍ، يروي العقول بالمعرفة، ويغذي القلوب بالإيمان، لم يقتصر دوره على تلقين الحروف والكلمات، بل كان مهندسا للنفوس، ونحاتا للأخلاق، يغرس في تلاميذه حب القرآن الكريم والافتخار باللغة العربية، لغة الضاد، كان يرى في كل طالب بذرةً صالحة، لا يكل ولا يمل من سقيها ورعايتها حتى تصبح شجرةً مثمرة تظلل المجتمع وتفيده، ​لقد كانت أيامه ولياليه شاهدةً على تفانيه وإخلاصه؛ فكم من فجرٍ شهدَ ترتيله للقرآن مع طلابه، وكم من مغربٍ جمعهم حوله ليتعلموا أصول النحو والصرف، لم يكن يعلمهم فحسب، بل كان قدوةً لهم في كل صغيرة وكبيرة؛ في تواضعه الجم، وصبره العظيم، وحكمته التي كانت تسبق كلامه، كان يجمع بين صرامة المعلم وحنان الأب، في مزيج فريد جعل منه شخصية لا تُنسى في ذاكرة كل من تتلمذ على يديه، ​لقد خلف الفقيد وراءه إرثا عظيمًا لا يُقدر بثمن، فكل طبيب، ومهندس، ومعلم، وإمام، وسياسي، تخرج من مدرسته، هو بمثابة امتداد لنوره الذي لم ينطفئ، إن بصماته محفورة في وجدان أجيال كاملة، أجيال لن تنسَ أبدا فضل هذا الرجل الذي حمل على عاتقه مسؤولية تربيتهم وإعدادهم للحياة، وفي موكب مهيب، شارك فيه المئات من أهالي متليلي الشعانبة ومحبي الفقيد، ووري جثمانه الطاهر الثرى في مقبرة قوابين  القمقومة، في مشهد يعكس حجم الفقد وعمق المحبة، كانت الدموع تمتزج بالدعوات الصادقة، والقلوب تخشع تأثرا برحيل هذا المعلم الفاضل، لم تكن جنازة، بل كانت مسيرة وفاء وعرفان، من شعب أحب مربيه وأدرك قيمته، إن رحيل مولاي براهيم سي الطاهر ليس خسارة لمتليلي الشعانبة وحدها، بل هو خسارة للوطن بأكمله، ولكن عزاؤنا أنه ترك لنا إرثا خالدا من العلم والأخلاق، وسيبقى اسمه محفورا في صفحات التاريخ بأحرف من نور، ( ​إنا لله وإنا إليه راجعون )، تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته، ورزق أهله ومحبيه الصبر والسلوان. 


مديرية التجارة بأدرار تنظم معرضا لبيع الأدوات المدرسية

في خطوة تهدف إلى دعم الأسر وتحضير التلاميذ للدخول المدرسي الجديد، افتُتح يوم الخميس 28 أوت 2025 بمدينة أدرار، المعرض الخاص باالأدوات المدرسية، أشرف عليه شريد رشيد الأمين العام لولاية أدرار المكلف بتسيير شؤونها رفقة السلطات المحلية، وذلك بدار الثقافة الشهيد شيباني محمد بساحة الشهداء، المعرض تنظمه مديرية التجارة لولاية أدرار بالتنسيق مع غرفة التجارة والصناعة "توات" ومختلف الشركاء الفاعلين، يشهد إقبالا واسعا من المواطنين، الذين أبدوا استحسانهم للمبادرة التي تُسهم في توفير كافة المستلزمات الضرورية بأسعار تنافسية ومناسبة للجميع، وقد جرى حفل الافتتاح بحضور ممثلين عن عدة مديريات فاعلة بالولاية، من بينها مديريات ( التربية، والثقافة، والتكوين المهني، والسياحة )، بالإضافة إلى جامعة أدرار، ما يؤكد على أهمية هذا الحدث ودوره في تعزيز التعاون بين مختلف القطاعات لخدمة المجتمع، ويهدف تنظيم المعرض إلى تسهيل عملية اقتناء الأدوات واللوازم المدرسية على الأولياء والتلاميذ، وتخفيف الأعباء المالية عن كاهلهم، من خلال جمع العارضين والموردين في مكان واحد، وتقديم تشكيلة واسعة من المنتجات ذات الجودة العالية بأسعار في متناول الجميع،

يُعدّ هذا المعرض فرصة مثالية للأسر لشراء كل ما يحتاجه أبناؤهم من كتب، وكراريس، وأقلام، ومحافظ، وغيرها من المستلزمات الأساسية، مما يضمن لهم بداية ناجحة ومُريحة للعام الدراسي القادم.  


المصدر جريدة التحرير الجزائرية ليوم 31 أوت 2025، العدد 3343، في الصفحة06


والي أدرار المكلف يواصل تفقد منشآت ومشاريع التربية والتعليم

يواصل الأمين العام لولاية أدرار، المكلف بتسيير شؤون الولاية، السيد شريد رشيد، جهوده الحثيثة للإشراف على الاستعدادات النهائية للدخول المدرسي 2025-2026، وفي إطار مهامه، يقوم بتفقد وزيارة المشاريع التعليمية في مختلف بلديات الولاية، بهدف ضمان جاهزية المؤسسات التربوية لاستقبال التلاميذ في ظروف مثالية، و​تأتي هذه الجولات التفقدية ضمن استراتيجية شاملة تهدف إلى حل كل الإشكاليات والمعوقات التي قد تؤثر على السير الحسن للعملية التربوية، وقد شملت الزيارات متابعة تقدم أشغال إنجاز وترميم المؤسسات التعليمية، ومراقبة مدى توفر التجهيزات الضرورية لضمان بيئة تعليمية مناسبة، و​يؤكد المسؤولون المحليون على أهمية هذا الإجراء في تقديم كل الإمكانيات الضرورية لقطاع التربية والتعليم، فهو يمثل أولوية قصوى لضمان مستقبل الأجيال القادمة، وتعتبر هذه الجهود خطوة استباقية لضمان دخول مدرسي سلس وناجح، وتؤكد على الالتزام بتوفير تعليم ذي جودة عالية لجميع أبناء الولاية.  


المصدر جريدة التحرير الجزائرية ليوم 31 أوت 2025، العدد 3343، في الصفحة06


شرطة أدرار ومحافظة الغابات تنظمان حملة تحسيسية لحماية الواحات

في خطوة استباقية ومدروسة، أطلقت مصالح أمن ولاية أدرار حملة تحسيسية واسعة، بالتعاون مع محافظة الغابات المحلية، بهدف حماية البيئة والثروة الغابية في المنطقة من مخاطر الحرائق المتزايدة، وتأتي هذه المبادرة في إطار جهود متواصلة لرفع مستوى الوعي لدى المواطنين بأهمية الحفاظ على الواحات، أشجار النخيل، والمساحات الخضراء التي تُعدّ رئة الولاية، و​تستهدف الحملة بشكل مباشر سكان المناطق الفلاحية والواحات، حيث يتم تقديم إرشادات ونصائح عملية حول كيفية الوقاية من الحرائق، والتعامل معها في حال نشوبها، ويُشدد القائمون على الحملة على ضرورة تجنب الممارسات التي قد تُسهم في اندلاع النيران، مثل إشعال النيران لأغراض الطهي أو التنظيف بالقرب من الأشجار، أو رمي أعقاب السجائر بشكل عشوائي، ​وتعتبر حماية هذه الثروة الطبيعية مسؤولية مشتركة، ولا يمكن أن تقع على عاتق الجهات الأمنية ومحافظة الغابات فقط، إذ لابد من تعزيز الشراكة مع المواطن ليصبح شريكا فعالا في الحفاظ على بيئته، ​وتعكس هذه الحملة المشتركة بين الشرطة ومحافظة الغابات بأدرار نموذجا ناجحا للعمل التشاركي بين المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني، مؤكدة على أن الأمن البيئي لا يقل أهمية عن الأمن العام، وأن الحفاظ على ثروات الولاية الطبيعية هو استثمار في مستقبل الأجيال القادمة.  


المصدر جريدة التحرير الجزائرية ليوم 31 أوت 2025، العدد 3343، في الصفحة06


الخميس، 28 أغسطس 2025

وفاء واعتزاز المجاهد البطل إسماعيلي الشريف

تاريخ الجزائر العظيم سِفرٌ خالدٌ كُتِبَ بدماء الشهداء وتضحيات الأبطال، وفصوله حكايا رجالٍ آمنوا بالوطن وقدّسوا الحرية، فلم يبخلوا بأرواحهم فداءً لكرامة هذه الأرض الطيبة. ومن بين هؤلاء العظماء، يبرز اسم المجاهد البطل إسماعيلي الشريف، الذي لا تزال سيرته العطرة تتردد أصداؤها في كل شبرٍ من الجزائر، منارةً للأجيال ومصدر فخر واعتزاز.

​وُلد إسماعيلي الشريف عام 1925، وترعرع في بيئةٍ أصيلةٍ غنيةٍ بالقيم الدينية والوطنية، فترسخت في أعماقه محبة الوطن والإيمان بقضية التحرير العادلة. لم يكن مجرد فردٍ عاديٍّ في زمنٍ استثنائي، بل كان من خيرة الرجال الذين أدركوا أن الحرية تُنتزع ولا تُمنَح، وأن العيش بكرامة يتطلب تضحياتٍ جسام.

​عندما نادى الواجب، لبّى إسماعيلي الشريف النداء دون تردد، وانخرط في صفوف الثورة التحريرية المباركة، مقاتلاً شجاعاً إلى جانب إخوانه البواسل الذين أقسموا على تحرير البلاد من نير الاستعمار الغاشم. لم يكن سعيه طلباً للشهرة أو الغنيمة، بل كان إيماناً مطلقاً بقداسة القضية. في كل معركةٍ، وفي كل موقع، كان مثالاً للشجاعة والإقدام، يسطّر بدمائه الزكية أروع ملاحم البطولة، مقدّماً روحه وجهده فداءً للجزائر، حتى أصبحت تضحياته وساماً على صدر الوطن.

​ولأن الأمم الحية لا تنسى أبطالها، ولأن الوفاء من شيم الكبار، فقد حظي المجاهد البطل إسماعيلي الشريف بتكريمٍ يليق بعظمته، حيث تحمل اليوم متوسطة أولاد الحاج ببلدية تيمقطن اسمه الخالد، لتكون هذه المؤسسة التربوية منارةً للعلم والمعرفة، وتخليداً لذكرى رجلٍ وهب حياته فداءً للوطن. فكل طالب يخطو عتبات هذه المدرسة، وكل معلم يعلّم في رحابها، يدرك أن هذا المكان ليس مجرد صرحٍ تعليمي، بل هو شاهدٌ على تضحيات جسام، ورمزٌ لوفاء الأمة لأبنائها البررة.

​إن تخليد اسم إسماعيلي الشريف هو تجسيدٌ لمبدأ أن من يزرع الخير يحصد الوفاء، وأن من يقدّم للوطن أغلى ما يملك، لا يمكن أن يُمحى اسمه من صفحات التاريخ. ستبقى سيرته العطرة وقوداً يغذي في الأجيال القادمة حب الوطن والتفاني في خدمته. فالمجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والتحية الخالدة لمجاهدينا الأبطال، وعلى رأسهم البطل إسماعيلي الشريف، الذي سطّر اسمه بحروفٍ من نور في سجل الخالدين.  


 الرجوع إلى بيان أول نوفمبر 1954 يزيد من تلاحم الجزائريين

تتكسر الكلمات على عتبة عظمة نوفمبر، وتتضاءل الحروف أمام شموخ بيان الأول من نوفمبر 1954. إنّه ليس مجرد تاريخ في ذاكرة أمة، بل هو ميثاق العزة والكرامة، ونقطة تحول في مسار شعب قرر أن يكتب بدمائه تاريخا جديدا، في زمنٍ تلاشت فيه الحدود بين الألم والأمل، وبرزت فيه قوة المستعمر الغاشم المدعومة من الحلف الأطلسيٍ، حيث  ظنّ المستدمر الفرنسي، أنّه يمتلك القدرة على طمس الهوية، كان الشعب الجزائري على موعد مع قدره، مع نداءٍ من أعماق الأرض يصدح باسم الحرية.

​بيان نوفمبر: وثيقة العهد والوحدة

​لم يكن بيان أول نوفمبر مجرد إعلانٍ لبداية ثورة مسلحة، بل كان وثيقة سياسية محكمة ونداءً عكست كلماته عمق الوعي الوطني وروح الإتحاد، لقد جاء ذلك  الوقت ليؤكد أن الشعب الجزائري ليس كيانا متفرقا، بل هو جسد واحد يتنفس الكرامة ويرفض الخنوع، ذلك البيان لم يوجه فقط للشعب الجزائري ليحثه على المقاومة، بل كان رسالة للعالم أجمع، رسالة واضحة لا تقبل اللبس، مفادها أن الثورة ليست عملا عشوائيا أو مغامرة طائشة، بل هي خيار واعٍ ومدروس، نابع من إيمان عميق من الشعب الجزائري في حقه لتقرير مصيره، لقد أشار إلى الأهداف السامية للثورة، وهي استعادة السيادة الوطنية وبناء دولة جزائرية حديثة تقوم على مبادئ العدالة والديمقراطية في إطار المبادئ الإسلامية التي تكفل للجميع الحقوق بعض النظر عن اللون أو الجنس أو الإيديولوحية التي يتبعها الشخص.

فأتحد ​الشعب الجزائري في وجه العدوان، ولم تكن ثورة نوفمبر  لتنجح لولا الالتحام الكامل بين الشعب وجيش التحرير الوطني، لقد تحول كل بيت جزائري إلى قلعة مقاومة، وكل فرد إلى فدائي في سبيل الوطن، من الفلاح الذي كان يخفي المجاهدين في حقله، إلى المرأة التي تعد الزاد والدواء، إلى الطفل الذي يراقب تحركات العدو؛ كل هؤلاء كانوا يمثلون جبهة صلبة لا يمكن اختراقها في وجه الدبابات والطائرات، و لم يملك الشعب الجزائري سوى إيمانه بقضيته ووحدته التي كانت أقوى من أي سلاح، لقد أثبت الجزائريون للعالم أن الاتحاد هو القوة التي لا تُقهر، وأن الإرادة الشعبية إذا توحدت، قادرة على تحقيق المعجزات.

​نوفمبر كمرجع للمستقبل

​إنّ الدروس المستفادة من ثورة نوفمبر ليست مجرد صفحات من الماضي، بل هي خارطة طريق للمستقبل، فإذا أراد الجزائريون اليوم، شعبا وحكومةً، أن يزيدوا من لحمتهم وقوتهم، فعليهم أن يعودوا إلى روح بيان نوفمبر، وأن يتذكروا كيف كانت أهداف الثورة واضحة، وكيف كانت الصفوف موحدة، وكيف كان التسامي فوق المصالح الشخصية هو السبيل الوحيد لتحقيق النصر، إنّ روح نوفمبر تدعو إلى نبذ الفرقة، وتقديم المصلحة العليا للوطن على كل اعتبار، وإلى العمل الجاد من أجل بناء جزائر قوية ومزدهرة تستمد عزتها من تاريخها المجيد وتطلعاتها نحو مستقبل مشرق.

إنّ بيان أول نوفمبر ليس مجرد نص تاريخي، بل هو دعوة متجددة إلى الوحدة والعمل من أجل الحفاظ على أمانة الشهداء وبناء وطن يليق بتضحياتهم.  


نداء الضمير في دروب الحياة

في رحاب هذه الحياة الفسيحة، تتشابك دروبنا وتتعدد مساراتنا، لكن يظل هناك صوت خفيّ يتردد صداه في أعماقنا، هو نداء الضمير. هذا الصوت الذي لا ينام، هو بوصلة الروح التي توجهنا نحو الخير والنور، إنه ليس مجرد فكرة مجردة، بل هو حقيقة تتجلى في ثلاثة أبعاد رئيسية تشكل نسيج وجودنا الإنساني.

​الضمير الإنساني: منبع الحب والخير

​إن أول وأسمى تجليات الضمير هو الضمير الإنساني؛ هذا النداء الذي يدعونا إلى أن نُحب لغيرنا ما نُحب لأنفسنا، إنه ليس شعارًا يُرفع، بل هو فعل يُمارس، وشعور يُحيا، حينما ينبض القلب بحب الآخرين كما ينبض بحب الذات، تزول حواجز الأنانية، وتتلاشى ظلال الحسد، عندها يصبح فرح الآخرين فرحا لنا، وألمهم ألما يمسنا، هذا الشعور العميق بالوحدة مع الآخرين هو الذي يدفعنا لمد يد العون لمن يحتاج، ومسح دمعة من يتألم، ومشاركة بسمة من يفر، إنه أساس التراحم والتعاطف، وحجر الزاوية في بناء مجتمع إنساني متآلف.

​الضمير المهني: إتقان العمل وإخلاص السعي

​أما البعد الثاني فهو الضمير المهني؛ هذا الضمير الذي يفرض علينا أن نجتهد في تأدية عملنا على أكمل وجه، وأن نخلص في سعينا، وأن نتقن كل ما نقوم به، فالعمل ليس مجرد وسيلة للرزق، بل هو رسالة نؤديها، وبصمة نتركها في هذا العالم، إن الضمير المهني يدعونا إلى أن نتحمل مسؤولياتنا بكل أمانة وشرف، وأن نقدم أفضل ما لدينا، لا خوفا من رقيب، بل إيمانا بأن إتقان العمل هو عبادة، وأن الإهمال فيه هو خيانة للذات وللآخرين، إن العمل الذي يتقنه صاحبه بضمير حيّ، لا يكتفي بتحقيق النجاح المادي، بل يمنحه إحساسا عميقا بالرضا والفخر، ويجعل منه شعلة تضيء دروب الآخرين.

​الضمير الأخلاقي: العدل والعفو والسمو

​وأخيرا، يأتي البعد الأعمق، وهو الضمير الأخلاقي؛ هذا الضمير الذي يحصننا من الظلم ويدعونا إلى العفو، إنه الحارس الذي يمنعنا من أن نمد أيدينا لسلب حق أحد، أو أن نطلق ألسنتنا لتشويه سمعة بريء، إن الضمير الأخلاقي يجعلنا نرفض الظلم بكل أشكاله، حتى لو كان في ذلك مصلحة شخصية لنا، والأسمى من ذلك، هو أنه يدفعنا إلى العفو عمن ظلمنا، فالعفو ليس ضعفا، بل هو قوة، وهو سمو بالنفس فوق رغبة الانتقام، إن الإنسان الذي يعفو عن من أساء إليه، لا يتنازل عن حقه، بل يرتفع بروحه إلى مستوى لا يستطيع الظالم بلوغه، ويقطع دائرة الكراهية والانتقام.

​إن هذه الأبعاد الثلاثة للضمير ليست منفصلة، بل هي حلقات متصلة تشكل سلسلة واحدة من القيم الإنسانية النبيلة، فالضمير الإنساني يولد الحب، والضمير المهني يترجم هذا الحب إلى عمل نافع، والضمير الأخلاقي يحصن هذا العمل ويطهره من شوائب الظلم.

​فلنستمع جيدا إلى هذا الصوت الخفيّ الذي يسكننا، ولنجعله دليلنا في كل خطوة نخطوها، فبهذا الضمير، نرتقي بأنفسنا، ونبني مجتمعا أكثر عدلا وإنسانية، ونترك خلفنا أثرا طيبا لا يمحوه الزمن.  


مهمة الأستاذ و الموظف في التربية والتعليم

إن مهمة التربوي والمعلم في السلك التعليمي تتجاوز مجرد نقل المعرفة الأكاديمية، إنها مهمة نبيلة وشاملة، ترتكز على حماية التلميذ وتوجيهه وإرشاده، ليس فقط من المخاطر الخارجية، بل حتى من نفسه، هذه المسؤولية العظيمة تضع على عاتقنا عبئا ثقيلا ومقدسا في آن واحد، لأننا نؤتمن على أغلى ما يملك المجتمع: جيل المستقبل.

​المعركة الداخلية: حماية التلميذ من نفسه

​قد تبدو عبارة "حماية التلميذ من نفسه" غريبة للوهلة الأولى، لكنها تحمل في طياتها عمقا كبيرا، فالمراهقون والشباب، في رحلتهم لاكتشاف الذات، يمرون بمراحل عاصفة من قلة الثقة والتردد، وقد يقعون فريسة لأفكار وسلوكيات مدمرة، إنهم يبنون هوياتهم، ويجربون الحدود، وقد يقعون في فخ اليأس، أو الانطواء، أو حتى اتخاذ قرارات متهورة قد تؤثر على مستقبلهم.

​هنا يكمن دورنا الأساسي: أن نكون المرشد والبوصلة. فالمعلم ليس مجرد مصدر للمعلومات، بل هو مرشد نفسي ومستشار اجتماعي يدرك تحديات تلاميذه. علينا أن نرى ما لا يراه الآخرون، وأن نشعر بالصمت الذي قد يختبئ وراءه ألم عميق، مهمتنا هي أن نكشف عن علامات اليأس والإحباط، وأن نمد يد العون قبل أن تتجذر هذه المشاعر السلبية.

​بناء درع الوعي والإيجابية:

​إن حماية التلميذ من نفسه تبدأ ببناء درع داخلي قوي، هذا الدرع يتكون من ثلاثة عناصر أساسية:

​الوعي الذاتي: يجب أن نعلمهم كيف يفهمون عواطفهم، وكيف يتعاملون مع الفشل والإحباط، بدلاً من تجاهل مشاعرهم، علينا أن نعلمهم كيف يحللونها وكيف يتجاوزونها بشكل بنّاء.

​المرونة النفسية: العالم مليء بالصعاب، ومهمتنا ليست حمايتهم من كل تحدي، بل تعليمهم كيف ينهضون بعد السقوط، يجب أن نعزز فيهم القدرة على التكيف والصبر، وأن نجعلهم يدركون أن الفشل ليس نهاية المطاف، بل هو فرصة للتعلم والنمو.

​الثقة بالنفس: العديد من السلوكيات السلبية، مثل التمرد غير الهادف أو الانعزال، تنبع من قلة الثقة بالنفس، علينا أن نكون مصدرا للتشجيع والدعم، وأن نسلط الضوء على نقاط قوتهم ومواهبهم، حتى يشعروا بقيمتهم الحقيقية.

​لغة العيون والقلوب

​إن التواصل الحقيقي مع التلميذ لا يعتمد فقط على الكلمات، بل على لغة العيون والقلوب. يجب أن نكون حاضرين بوعينا وعاطفتنا، وأن نصغي لما لا يقال، فالنظرة العابرة التي تخفي حزنا، أو الصمت الذي ينم عن خوف، هي رسائل يجب أن نلتقطها من وجوه التلاميذ

​لذا، فإنه من واجبنا أن نخلق بيئة مدرسية آمنة وداعمة، يشعر فيها كل تلميذ أنه مسموع ومقدر،و يجب أن تكون فصولنا ملاذا؛ حيث يمكن للتلميذ أن يكون على طبيعته، وأن يعبر عن أفكاره ومشاعره دون خوف من الحكم أو السخرية.

​رسالة إلى كل تربوي ومعلم

​إن عملنا ليس وظيفة، بل رسالة إنسانية، إننا لسنا مجرد مدرسين، بل حراس أحلام وصناع مستقبل، دعونا نتذكر دائمًا أن كل كلمة نقولها، وكل نظرة نشاركها، وكل لحظة دعم نقدمها، يمكن أن تحدث فرقا لا يُنسى في حياة تلميذ،

​لنتجاوز حدود المنهج الدراسي، ولنتعمق في أرواح طلابنا، ولنكن المرشد الأمين الذي يحميهم من عثرات الطريق، حتى من أنفسهم، لنضمن أن يخرجوا إلى المجتمع كأفراد واثقين، مرنين، ومستعدين لترك بصمة إيجابية في هذا العالم.  


أمن دائرة أولف يضبط ويُتلف أكثر من 100 كيلوغرام من اللحوم الفاسدة

في عملية نوعية تهدف إلى حماية الصحة العامة، تمكنت مصالح الأمن بدائرة أولف ولاية أدرا ر من حجز وإتلاف كمية معتبرة من اللحوم الفاسدة غير الصالحة للاستهلاك البشري، وقد بلغت الكمية المحجوزة حوالي 116.200 كيلوغرام من لحم البقر، وقد نفذت العملية من قبل فرقة الشرطة العامة وفرقة شرطة العمران وحماية البيئة التابعتين لأمن دائرة أولف، وذلك بالتنسيق مع المصالح المختصة التي شاركت في عملية الفحص والتأكد من عدم صلاحية اللحوم، وتأتي هذه الخطوة في إطار الجهود المتواصلة للسلطات المحلية من أجل محاربة الغش التجاري وضمان سلامة المواد الغذائية المعروضة في الأسواق، و تم إتلاف الكمية المحجوزة بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة، وذلك لضمان عدم تسويقها ووصولها إلى المستهلكين، وتُعد هذه العملية رسالة واضحة حول يقظة الأجهزة الأمنية في مواجهة كل ما يهدد صحة المواطنين وسلامتهم، وفي هذا الصدد، تدعو المديرية العامة للأمن الوطني المواطنين إلى التعاون والإبلاغ عن أي ممارسات مشبوهة أو مواد غذائية مشكوك في سلامتها، وذلك من خلال الأرقام الخضراء المتاحة على مدار الساعة، وهي الأرقام : 1548، 104، وخط النجدة 17، وتأتي هذه الحملة لتؤكد شعار "أمنكم غايتنا"، الذي يبرز التزام قوات الشرطة بحماية المواطنين وسلامتهم من جميع الجوانب، بما في ذلك سلامتهم الغذائية.  


المصدر جريدة التحرير الجزائرية ليوم 28 أوت 2025، العدد 3342، في الصفحة06


الأربعاء، 27 أغسطس 2025

البروفيسور بن خالد عبد الكريم يثري المكتبة العربية بكتاب

في خطوة هامة نحو إثراء المكتبة العربية، صدر حديثا عن دار الأيام للطباعة والنشر بالأردن، كتاب أكاديمي جديد بعنوان "مدخل إلى علم النفس الاجتماعي للمنظمات" للبروفيسور بن خالد عبد الكريم، يمثّل هذا كتاب إضافة قيّمة للباحثين والطلبة المهتمين بفهم الديناميكيات البشرية داخل بيئات العمل، ويأخذنا الكتاب في رحلة معرفية عميقة، مستعرضا قضايا جوهرية تتصل بعلم النفس الاجتماعي في سياق المؤسسات، ويسلط المؤلف الضوء على البدايات التاريخية لهذا العلم، مما يمنح القارئ فهما شاملاً لتطوره، كما يتناول الكتاب محاور أساسية مثل الاتصال والعلاقات الإنسانية، السلوك التنظيمي، والقيادة داخل المنظمات، و​يتميز الكتاب بتقديمه لموضوعات محورية أخرى مثل الرضا الوظيفي، التغير والصراع التنظيمي، وأدوات القياس السوسيومتري، بالإضافة إلى القيم والاتجاهات والثقافة التنظيمية، و يهدف المؤلف من خلاله إلى تقديم مرجع أكاديمي متكامل يربط بين النظرية والتطبيق العملي، مما يجعله مناسبا للواقع المعاصر لبيئات العمل، و​يُعدّ هذا الكتاب مصدرا أساسيا لطلاب علم النفس، وعلم اجتماع العمل والتنظيم، وإدارة الموارد البشرية، وإدارة الأعمال، والعلوم الإدارية والاجتماعية بشكل عام، كما يسدّ الكتاب فراغا كبيرا في المحتوى العربي المتخصص، ويُقدّم منهجا علميا رصينا يساعد على فهم وتحليل سلوك الأفراد والجماعات داخل المنظمات، مما يعزز من كفاءة الأداء ويدعم بيئة عمل صحية، وبإختصار يُعتبر كتاب "مدخل إلى علم النفس الاجتماعي للمنظمات" خطوة مهمة نحو تعميق المعرفة في مجال حيوي يمسّ كل جوانب حياتنا المهنية.  


المصدر جريدة التحرير الجزائرية ليوم 27 أوت 2025، العدد 3341، في الصفحة 12.


الاثنين، 25 أغسطس 2025

قلمٌ من الجزائر يكتبُ بدمِ المليون ونصف شهيد

انا بلوافي عبدالرحمن بن هيبه: قلمٌ من الجزائر، يكتبُ بدمِ المليون ونصف شهيد، ​من بين رمال صحراء الجزائر الحارة، وأصوات رياحها التي تحمل قصصاً من المجد والألم، خرج قلمي. أنا بلوافي عبدالرحمن بن هيبه، لستُ مجرد كاتبٍ يخطّ الحروف على الصفحات، بل أنا ابن هذه الأرض التي ارتوت بدمِ المليون ونصف شهيد، أحمل في قلبي حكاياتٍ من أعماق الذاكرة، وأنفاساً من عبق البطولة، لأنسج منها كلماتٍ ليست كغيرها، كلماتي ليست حبراً، بل هي شهقةُ روح، وصيحةُ ميلادٍ، هي قطعةٌ مني ومن هذا الوطن الذي أعشقه.

​أكتبُ لأُعيدَ الحياةَ إلى ما كاد أن يُنسى، أكتبُ عن وجعِ الأجداد، عن صبرِ الأمهات، عن أحلامِ الشباب التي تُشرقُ كل صباح، في كل جملةٍ أخطّها، أرى وجهاً من وجوهِ الجزائر، أشمُ رائحةَ التراب بعد المطر، وأسمعُ صدى الأهازيج في الأفراح. كلماتي ليست مجرد أفكار، بل هي نبضُ شعبٍ لا يعرف الاستسلام، وإيمانٌ بوطنٍ لا تزيده الأيام إلا قوة.

​أنا لا أبحث عن الكلمات البراقة، بل عن الكلمات الصادقة التي تصلُ إلى القلب دون استئذان، مقالاتي هي مرآةٌ لي وللوطن، أُسافرُ فيها عبر الزمن، وأحكي عن الماضي لأُضيءَ به الحاضر، كل حرفٍ مني هو رسالة، وكل مقال هو قطعةٌ من روحي، هذا هو قلمي، وهذه هي أنا، وإن لم يفهم أحد ماذا أعني، بالله يعلم ما في قلبي من حب لوطني، ولأهلي وللإنسانية جميعها.   


مواضيع تربوية وداع العطلة واستقبال الموسم الدراسي الجديد

مع اقتراب نهاية العطلة الصيفية، يحلّ الوقت الذي تبدأ فيه العائلات بالاستعداد لاستقبال عام دراسي جديد، إنّها فترة مهمة تتطلب تهيئة شاملة للأبناء، ليست فقط من الناحية المدرسية، بل من النواحي النفسية والجسدية والعملية أيضا.

​1. الاستعداد النفسي: من اللعب إلى التعلم

​يُعدّ الانتقال من أجواء العطلة المريحة إلى روتين الدراسة المنظم تحديا للأطفال، لذا من المهم أن يبدأ الآباء بتهيئة أبنائهم نفسيا بشكل تدريجي، يمكن تحقيق ذلك من خلال:

​التحدث بإيجابية عن المدرسة، وذلك بالتركز على الجوانب الممتعة في المدرسة مثل لقاء الأصدقاء، الأنشطة الجديدة، والتكلم عن مواضيع شيّقة، تجعل الحديث عن المدرسة تجربة ممتعة لا عبئا.

​تحديد توقعات واقعية : لا تضع ضغوطا كبيرة على الطفل لتحقيق نتائج فورية، ذكّره بأنّ التكيّف مع الروتين الجديد يستغرق وقتا، وأنّ الأخطاء جزء من عملية التعلم.

​تشجيع التعبير عن المشاعر: اطلب من طفلك أن يشاركك مشاعره حول العودة إلى المدرسة، إذ قد يشعر ببعض القلق أو الحماس، ومن المهم أن يستمع الآباء لكلتا المشاعر وأن يقدّروها.

​2. الاستعداد العملي: تنظيم وترتيب

​يساعد الاستعداد العملي في جعل عملية الانتقال سلسة ومريحة، يجب أن يشعر الطفل بأنّه مستعدّ ومجهز بالكامل للعام الدراسي الجديد، يمكن تحقيق ذلك من خلال:

​شراء الأدوات المدرسية معا: اسمح لطفلك باختيار بعض أدواته المدرسية مثل حقيبة الظهر أو المقلمة، هذا يمنحه شعورا بالتحكم والمسؤولية ويجعله أكثر حماسا للعودة.

​تجهيز مكان للدراسة: خصّص مكانا هادئا ومنظما للدراسة في المنزل، واجعل هذا المكان مريحا ومجهزا بكل ما يحتاجه الطفل من كتب وغيرها.

​وضع خطة زمنية للنوم والاستيقاظ: ابدأ بتعديل مواعيد النوم والاستيقاظ بشكل تدريجي قبل بدء الدراسة بأسبوع أو أسبوعين، سيساعد هذا في التغلب على الكسل الصباحي والتأقلم مع مواعيد المدرسة.

​3. الاستعداد الجسدي: الصحة أساس النجاح

​إنّ العقل السليم في الجسم السليم، وهذا المبدأ ينطبق على الأطفال بشكل خاص، والاستعداد الجسدي هو عنصر أساسي في تهيئة الأطفال للموسم الدراسي الجديد، و يمكن تحقيق ذلك من خلال:

​نظام غذائي صحي: تأكد من أن يتناول طفلك وجبات متوازنة وغنية بالفيتامينات والمعادن لتعزيز طاقته وتركيزه.

​النشاط البدني: شجّع طفلك على ممارسة الأنشطة البدنية بانتظام، فهي تساهم في تخفيف التوتر وتحسين الحالة المزاجية.

​فحص طبي: إذا لزم الأمر، قم بإجراء فحص طبي شامل لطفلك للتأكد من سلامة نظره وسمعه، فهما يؤثران بشكل مباشر على قدرته على التعلم.

​4. التفكير الإيجابي: بناء عقلية النجاح

​إنّ غرس التفكير الإيجابي في الطفل هو أفضل استثمار في مستقبله،  ساعده على رؤية العام الدراسي الجديد كفرصة للنمو والتطور، يمكن تحقيق ذلك من خلال:

​التركيز على نقاط القوة: ذكّر طفلك بإنجازاته في العام الماضي وكيف يمكنه البناء عليها.

​تشجيع التحدّي: علّمه أن التحديات هي فرص للتعلم وليست عوائق.

​الاحتفال بالنجاحات الصغيرة: احتفل مع طفلك بجهوده وإنجازاته، مهما كانت بسيطة.

​باختصار، إنّ تهيئة الأبناء للموسم الدراسي الجديد ليست مهمة صعبة إذا تم التخطيط لها بشكل جيّد. من خلال التركيز على الاستعداد النفسي والعملي والجسدي، وبناء عقلية إيجابية، يمكن للآباء أن يضمنوا بداية موفقة ومثمرة لأبنائهم.  


هل السبق الصحفي أهم من الأخلاق؟ أم معضلة الإعلام في عصر السرعة

في عالمنا اليوم، لم تعد المعلومة حكراً على أحد، ففي كل زاوية من زوايا هذا العالم المترامي الأطراف، هناك شخص يملك هاتفاً محمولاً قادراً على توثيق أي حدث ونشره في ثوانٍ معدودة، هذه السرعة الهائلة، التي يسعى وراءها الجميع، وضعت الإعلام التقليدي في مأزق حقيقي، وكشفت عن معضلة أخلاقية قديمة لكنها تجددت في ثوبها الحديث: هل الأولوية للسبق الصحفي أم للمسؤولية الأخلاقية؟

​تتعدد السيناريوهات التي يواجهها الصحفيون يومياً، وتتضارب فيها الآراء بين من يدعو إلى نشر الحقيقة مهما كانت مؤلمة، ومن يرى أن هناك خطوطاً حمراء يجب عدم تجاوزها، في حادث أليم، قد يرى مدير النشر أن نشر صور الضحايا أو تفاصيلهم الشخصية يخدم السبق الصحفي ويجلب مشاهدات أكثر، في حين يرى الصحفي أن هذا انتهاك لخصوصية العائلات ومعاناة الأشخاص المعنيين، وهنا يطرح السؤال نفسه: هل يكفي الحصول على موافقة العائلات لنشر هذه المعلومات؟ وهل عدم النشر يؤثر على مصداقية الوسيلة الإعلامية؟

​ما يحدث في الحوادث الأليمة قد يختلف ظاهرياً عما يحدث في الحروب والنزاعات، لكن الجوهر واحد: هل النشر من أجل كشف الحقيقة أم من أجل السبق والترويج؟ في الصراعات المسلحة، يكون السبق الصحفي بالغ الأهمية، وقد ينقذ أرواحاً أو يكشف عن جرائم حرب، لكن في المقابل، قد يؤدي نشر تفاصيل حساسة إلى تعريض حياة أشخاص للخطر أو زيادة حدة التوتر، هذه هي المعضلة الأخلاقية التي تضع الصحفي في مرمى النيران.

​الصحفي المحترف في مواجهة الصحفي المواطن:

​تزداد هذه المعضلة تعقيداً مع صعود نجم الصحفي المواطن، هذا الشخص الذي يملك كاميرا ويصور وينشر ما يراه دون رقيب أو حسيب، قد يكون دافعه نبيلاً، ككشف فساد أو توثيق انتهاكات، لكن في أحيان كثيرة، قد ينشر معلومات مضللة أو صوراً صادمة دون مراعاة لأي ضوابط مهنية،

​وهنا يجد الصحفي المحترف نفسه في مواجهة حقيقية: فبينما يلتزم هو بمعايير أخلاقية صارمة، ويجري تدقيقاً للحقائق، ويحصل على موافقات، نجد أن "الصحفي المواطن" قد سبق ونشر وساهم في كشف أو توعية أو حتى تهويل الوضع، وفي كثير من الأحيان، يصبح هذا المصدر المباشر من قلب الحدث أكثر ثقة لدى الجمهور من الصحفي المحترف الذي تأخر في النشر بسبب التزامه بالمهنية.

​إذاً، كيف يمكن للصحفي المحترف أن يتعامل مع هذا الواقع الجديد؟ هل يتخلى عن معاييره المهنية من أجل اللحاق بالركب؟ أم يجد طرقاً جديدة للتواصل مع الجمهور، مؤكداً أن الحقيقة الكاملة والمسؤولة تستحق الانتظار؟

​في النهاية، يظل الهدف الأسمى للإعلام هو خدمة الحقيقة، لكن يجب هل السبق الصحفي أهم من الأخلاق؟ معضلة الإعلام في عصر السرعة

​في عالمنا اليوم، لم تعد المعلومة حكراً على أحد. ففي كل زاوية من زوايا هذا العالم المترامي الأطراف، هناك شخص يملك هاتفاً محمولاً قادراً على توثيق أي حدث ونشره في ثوانٍ معدودة. هذه السرعة الهائلة، التي يسعى وراءها الجميع، وضعت الإعلام التقليدي في مأزق حقيقي، وكشفت عن معضلة أخلاقية قديمة لكنها تجددت في ثوبها الحديث: هل الأولوية للسبق الصحفي أم للمسؤولية الأخلاقية؟

​تتعدد السيناريوهات التي يواجهها الصحفيون يومياً، وتتضارب فيها الآراء بين من يدعو إلى نشر الحقيقة مهما كانت مؤلمة، ومن يرى أن هناك خطوطاً حمراء يجب عدم تجاوزها. في حادث أليم، قد يرى مدير النشر أن نشر صور الضحايا أو تفاصيلهم الشخصية يخدم السبق الصحفي ويجلب مشاهدات أكثر، في حين يرى الصحفي أن هذا انتهاك لخصوصية العائلات ومعاناة الأشخاص المعنيين. وهنا يطرح السؤال نفسه: هل يكفي الحصول على موافقة العائلات لنشر هذه المعلومات؟ وهل عدم النشر يؤثر على مصداقية الوسيلة الإعلامية؟

​ما يحدث في الحوادث الأليمة قد يختلف ظاهرياً عما يحدث في الحروب والنزاعات، لكن الجوهر واحد: هل النشر من أجل كشف الحقيقة أم من أجل السبق والترويج؟ في الصراعات المسلحة، يكون السبق الصحفي بالغ الأهمية، وقد ينقذ أرواحاً أو يكشف عن جرائم حرب. لكن في المقابل، قد يؤدي نشر تفاصيل حساسة إلى تعريض حياة أشخاص للخطر أو زيادة حدة التوتر. هذه هي المعضلة الأخلاقية التي تضع الصحفي في مرمى النيران.

​الصحفي المحترف في مواجهة صحفي المواطن

​تزداد هذه المعضلة تعقيداً مع صعود نجم الصحفي المواطن. هذا الشخص الذي يملك كاميرا ويصور وينشر ما يراه دون رقيب أو حسيب. قد يكون دافعه نبيلاً، ككشف فساد أو توثيق انتهاكات. لكن في أحيان كثيرة، قد ينشر معلومات مضللة أو صوراً صادمة دون مراعاة لأي ضوابط مهنية.

​وهنا يجد الصحفي المحترف نفسه في مواجهة حقيقية: فبينما يلتزم هو بمعايير أخلاقية صارمة، ويجري تدقيقاً للحقائق، ويحصل على موافقات، نجد أن "الصحفي المواطن" قد سبق ونشر وساهم في كشف أو توعية أو حتى تهويل الوضع. وفي كثير من الأحيان، يصبح هذا المصدر المباشر من قلب الحدث أكثر ثقة لدى الجمهور من الصحفي المحترف الذي تأخر في النشر بسبب التزامه بالمهنية.

​إذاً، كيف يمكن للصحفي المحترف أن يتعامل مع هذا الواقع الجديد؟ هل يتخلى عن معاييره المهنية من أجل اللحاق بالركب؟ أم يجد طرقاً جديدة للتواصل مع الجمهور، مؤكداً أن الحقيقة الكاملة والمسؤولة تستحق الانتظار؟

​في النهاية، يظل الهدف الأسمى للإعلام هو خدمة الحقيقة. لكن يجب ألا ننسى أن الحقيقة ليست مجرد معلومة مجردة، بل هي سياق كامل يشمل احترام كرامة الإنسان وخصوصيته. التوازن بين السبق الصحفي والمسؤولية الأخلاقية هو ما يميز الإعلام الاحترافي عن غيره، وهو ما يضمن له البقاء كمصدر موثوق للمعلومة في هذا العالم الرقمي السريع.

​ما هي برأيك أهم مسؤولية أخلاقية يجب على الصحفي الالتزام بها في عصر السرعة؟ ننسى أن الحقيقة ليست مجرد معلومة مجردة، بل هي سياق كامل يشمل احترام كرامة الإنسان وخصوصيته، و التوازن بين السبق الصحفي والمسؤولية الأخلاقية هو ما يميز الإعلام الاحترافي عن غيره، وهو ما يضمن له البقاء كمصدر موثوق للمعلومة في هذا العالم الرقمي السريع.  


تحضيرات مكثفة للدخول المدرسي 2025-2026 بولاية أدرار

ت​شهد ولاية أدرار حراكا مكثفا في إطار الاستعدادات للدخول المدرسي للسنة الدراسية 2025-2026، حيث قام السيد شريد رشيد، المكلف بتسيير شؤون الولاية، بجولات تفقدية واسعة شملت عددا من المشاريع التربوية والتعليمية، وتهدف هذه الجولات إلى الوقوف على مدى جاهزية هذه المنشآت لاستقبال التلاميذ في ظروف لائقة تضمن لهم بداية سنة دراسية موفقة، و​تركزت جولة المسؤول الأول للولاية على مشاريع بناء وصيانة المدارس والمرافق التعليمية المختلفة، حيث اطلع عن كثب على تقدم الأشغال ومدىجودة الإنجاز، وقد شدد السيد شريد رشيد على ضرورة الانتهاء من جميع الأعمال في الآجال المحددة، مع الالتزام بمعايير الجودة لضمان سلامة وراحة التلاميذ والأسرة التربوية، وشملت الجولات التفقدية معاينة الأقسام وغيرها للتأكد من أنها تتماشى مع المعايير المطلوبة، و​يُعدّ توفير الظروف الملائمة للتلاميذ أولوية قصوى، وهو ما أكد عليه السيد شريد رشيد خلال جولته أن الهدف من هذه جهود توفير بيئة تعليمية محفزة تشجع على التفوق الدراسي وتقلل من التسرب المدرسي، وأعطى توجيهاته لضرورة توفير التجهيزات المدرسية اللازمة من كتب ووسائل إيضاح ومقاعد دراسية، بالإضافة إلى التأكد من جاهزية الأطقم التربوية والإدارية لاستقبال التلاميذ وتقديم أفضل خدمة تعليمية ممكنة، و​تعكس هذه الزيارات الميدانية حرص السلطات المحلية على إنجاح الدخول المدرسي وضمان انطلاقته السلسة، وتبعث هذه الخطوات برسالة طمأنة إلى أولياء الأمور والأسرة التربوية ككل، مؤكدةً على أن جميع الإجراءات الضرورية ستُتخذ لضمان انطلاق العملية التعليمية في أحسن الظروف، ومن المتوقع أن تساهم هذه الاستعدادات المكثفة في تحقيق بداية قوية ومثمرة للسنة الدراسية الجديدة بولاية أدرار.   


المصدر جريدة التحرير الجزائرية ليوم 27 أوت 2025، العدد 3341، في الصفحة 06



الأمين العام ولاية أدرار يستقبل المواطنين ويستمع إلى انشغالاتهم

أشرف يوم الإثنين 25 أوت 2025، السيد شريد رشيد، الأمين العام المكلف بتسيير شؤون ولاية أدرار، على استقبال عدد من المواطنين الذين تقدموا بطلبات مقابلة، وجرى الاستقبال في إطار خلية استقبال المواطنين المخصصة لهذا الغرض على مستوى الولاية، و​خلال اللقاء، استمع السيد الأمين العام إلى انشغالات المواطنين المختلفة، مؤكداً على التكفل بكل طلب حسب الجهة المختصة؛ وأفاد بأن المصالح والمؤسسات العمومية المعنية بكل انشغال سيتم مراسلتها فوراً لضمان معالجة فعّالة وسريعة للقضايا المطروحة، و​يأتي هذا الإجراء في إطار حرص الولاية على التواصل المباشر مع المواطنين والاستماع إلى همومهم وتلبية احتياجاتهم، مما يعكس سعي الإدارة المحلية لتحسين الخدمات العامة وتعزيز مبدأ القرب من المواطن.   


المصدر جريدة التحرير الجزائرية ليوم 27 أوت 2025، العدد 3341، في الصفحة 06



 


فرقة شرطة العمران وحماية البيئة بأدرار تشارك في نظافة المدينة

تُثبت شرطة أدرار، التزامها بمشاركة المجتمع المحلي في كل ما يخدم الصالح العام، حيث شاركت مؤخرا في حملة واسعة لتطهير وتنظيف أحياء وشوارع مدينة أدرار، ​وقد مثّلت فرقة شرطة العمران وحماية البيئة التابعة للمصلحة الولائية للأمن العمومي، جنبا إلى جنب مع عناصر كتيبة التدخل السريع، واجهة هذه المشاركة الميدانية، وعملوا بشكل منسق مع السلطات المحلية لإزالة كل ما يُشكل مظهرا من مظاهر الفوضى، بما في ذلك الحواجز والمباني المقامة بطريقة غير قانونية، و​تأتي هذه المبادرة في إطار الدور الفعّال الذي تلعبه مصالح الأمن في الحفاظ على المظهر الجمالي للمدينة وضمان بيئة نظيفة وآمنة للمواطني، وتُبرز هذه المشاركة التلاحم بين مختلف الهيئات والجهات الرسمية في سبيل تحقيق الأهداف المشتركة، وتؤكد على أن الأمن ليس فقط مجرد عمل إجرائي، بل هو مسؤولية مجتمعية تتطلب تضافر الجهود لضمان جودة الحياة في المدينة.  


المصدر جريدة التحرير الجزائرية ليوم 27 أوت 2025، العدد 3341، في الصفحة 


الأحد، 24 أغسطس 2025

الدنيا هي إمتحان للوصول في الأخرة إلى الجنة

الحياة على الأرض هي ميدان اختبارٍ، حيث يجد الإنسان نفسه في رحلةٍ لا تُشبه أي رحلةٍ أخرى، إنها رحلةٌ نحو الخلود، فالدنيا ليست سوى محطة عبورٍ، وممرٍ ضيقٍ، يختبر فيه المرء نفسه، ويصقل روحه، ويُعِدُّها ليوم اللقاء الأكبر.

​إنها امتحانٌ في الصبر على الشدائد، والرضا بالقضاء والقدر، والشكر على النعم، امتحانٌ في مقاومة الأهواء، والانتصار على الشهوات، والتحرر من سجون الدنيا الفانية، فالإنسان في هذه الحياة يواجه معركةً داخليةً، بين الخير والشر، بين الروح والجسد، بين الطموحات العلية والرغبات الدنيوية، وفي كل خطوةٍ يخطوها، وفي كل قرارٍ يتخذه، تتجلى حقيقة هذا الامتحان، وتتضح معالمه.

​ليست الحياة في هذا المعنى مجرد أيامٍ نعيشها، وسنين تمضي، بل هي سلسلة من الخيارات والاختبارات، التي تحدد مصيرنا الأبدي، فالكلمة الطيبة التي نطلقها، والبسمة التي نرسمها، والمساعدة التي نقدمها، والظلم الذي نتحاشاه، كلها أجزاء من هذا الامتحان الكبير، إنها فرصةٌ لنسطر صحيفة أعمالنا بأجمل الصور، ونملأها بأطيب الأعمال، ونزينها بأزكى الصفات.

​إنها امتحانٌ في حب الله، واتباع هديه، والسير على صراطه المستقيم، فالجنة ليست جائزةً تُعطى بالمجان، بل هي ثمرة جهدٍ وتضحيةٍ، وإخلاصٍ وتفانٍ، إنها جزاءٌ لمن أحسن العمل، وصدق في النية، وصبر على البلاء.

​وفي نهاية هذه الرحلة، وفي ختام هذا الامتحان، يقف الإنسان أمام ربه، حاملاً معه كل ما قدمه في دنياه، فمن اجتاز هذا الامتحان بنجاح، وخرج من الدنيا بقلبٍ سليمٍ، وروحٍ مطمئنةٍ، فإنه سيُلاقي جزاءً لا يُخطر على قلب بشر، جزاءً يُنسيه كل تعبٍ، ويُنسيه كل شقاءٍ، جزاءً أبديا في جناتٍ تجري من تحتها الأنهار.

​فيا أيها العابرون في هذه الحياة، تذكروا أن الدنيا ليست سوى امتحانٍ قصيرٍ، نهايته خلودٌ أبديٌ، فلنجعلها فرصةً لنسطر أجمل القصص، ونحفر أروع الذكريات، ونغرس أسمى القيم، لتكون لنا شفاعةً يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون.


أخلاق رسولنا صلى الله عليه وعلى أله وصحبه

يَا سَائِلًا عَنْ حُلُمِ الأَنْبِيَاءِ، وَعَنْ قُلُوبٍ تَنَزَّلَتْ فِيهَا الْوَحْيُ، وَعَنْ رُوحٍ تَجَسَّدَ فِيهَا الْحُبُّ وَالرَّحْمَةُ، قِفْ وَتَأَمَّلْ فِي سِيرَةِ مَنْ كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ، وَجَمَالُهُ مِنْ نُورِ السَّمَاءِ، مُحَمَّدٌ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لَا يَكْفِي الْقَوْلُ أَوْ الْكِتَابَةُ لِوَصْفِهِ، فَهُوَ كَالْبَحْرِ لَا تُحِيطُ بِهِ الْكَلِمَاتُ، وَكَالشَّمْسِ لَا يُحْجُبُهَا الْغُبَارُ.

​كَانَ خُلُقُهُ نَسِيجًا مِنْ خَيْطِ الصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ، وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْهُ فِي شَبَابِهِ وَقَبْلَ النُّبُوَّةِ إِلَّا الصَّادِقُ الأَمِينُ، لَمْ تُغَيِّرْهُ الدُّنْيَا بِزُخْرُفِهَا، وَلَمْ تُغْرِهِ الْقُوَّةُ بِسَطْوَتِهَا، فَقَدْ ظَلَّ عَلَى عَهْدِهِ مَعَ رَبِّهِ وَمَعَ نَفْسِهِ، يَتَعَامَلُ مَعَ الْجَمِيعِ بِتَوَاضُعٍ وَإِكْرَامٍ، لَقَدْ تَمَثَّلَتْ فِيهِ الرَّحْمَةُ، لَمْ يَكُنْ عَابِسَ الْوَجْهِ أَوْ قَاسِيَ الْقَلْبِ، بَلْ كَانَ لِلْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفا رَحِيما، وَلِلْكُفَّارِ دَاعِيا إِلَى الْهُدَى بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي حَقِّهِ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾، وَهِيَ شَهَادَةٌ مِنْ اللَّهِ لَا يُضَاهِيهَا شَيْءٌ.

​لَقَدْ كَانَ يُقَابِلُ الإِسَاءَةَ بِالْإِحْسَانِ، وَالْجَهْلَ بِالْحِلْمِ، وَالْغَضَبَ بِالْكَظْمِ، وَفِي قِصَّةِ الطَّائِفِ، حِينَ قَابَلَهُ أَهْلُهَا بِالْحِجَارَةِ وَالطَّرْدِ، جَاءَهُ مَلَكُ الْجِبَالِ يَأْمُرُهُ بِأَنْ يُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْجَبَلَيْنِ، فَرَفَضَ وَقَالَ: "بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا". هَذَا هُوَ الْعَفْوُ، وَهَذَا هُوَ الْأَمَلُ، وَهَذَا هُوَ حُبُّ الْهِدَايَةِ لِلنَّاسِ، لَا لِأَنْفُسِهِمْ بَلْ لِأَجْلِ أَنْفُسِهِمْ.

​وَفِي بَيْتِهِ، كَانَ سَيِّدُ النَّاسِ أو أَعْظَمَهُمْ فِي خُلُقِهِ، لَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ، وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدا، وَكَانَ فِي خِدْمَةِ أَهْلِهِ، يَخِيطُ ثَوْبَهُ وَيَرْقَعُ حِذَاءَهُ، وَيَعْمَلُ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُهُمْ، لَمْ يأْخُذْهُ الْغُرُورُ، وَلَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْ الْبُسَطَاءِ، وَمَعَ فَقْرِهِ، كَانَ أَكْرَمَ النَّاسِ يَدا، لَا يَرُدُّ سَائِلًا، وَلَا يَبْخَلُ عَلَى مُحْتَاجٍ، كَانَ كَالسَّيْلِ الَّذِي يَرْوِي الْأَرْضَ بِمَاءِ الْجُودِ وَالْكَرَمِ.

​لَقَدْ بَنَى مُجْتَمَعا عَلَى أَخْلَاقٍ، لَمْ يَبْنِهِ عَلَى ثَرَاءٍ أَوْ سُلْطَةٍ، فَقَدْ عَلَّمَ أَصْحَابَهُ كَيْفَ يَكُونُونَ أُمَّةً وَاحِدَةً، وَكَيْفَ يَتَعَامَلُونَ بِالصِّدْقِ وَالْعَدْلِ وَالْمُرُوءَةِ، فَنَشَأَ جِيلٌ لَمْ يَرَ التَّارِيخُ مِثْلَهُ فِي تَرْفِيعِ الْأَخْلَاقِ وَرَوْعَتِهَا.

​فَالْيَوْمَ فِي زَمَنٍ كَثُرَ فِيهِ الْبُغْضُ وَالْكَرَاهِيَةُ، وَانْتَشَرَ فِيهِ الْجَهْلُ وَالظُّلْمُ، نَحْتَاجُ إِلَى سِيرَتِهِ، لِنَتَعَلَّمَ مِنْهَا الصَّبْرَ وَالْحِكْمَةَ، وَنَحْتَاجُ إِلَى خُلُقِهِ، لِنُصْلِحَ بِهَا مَا فَسَدَ مِنْ قُلُوبِنَا وَأَعْمَالِنَا.

​وَفي النِّهَايَةِ، لَا يَكْفِي أَنْ نَقُولَ: "أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ"، بَلْ يَجِبُ أَنْ نَجْعَلَ هَذَا الشُّهُودَ حَيَاةً نَعِيشُهَا، وَخُلُقا نَتَّصِفُ بِهِ، وَسَبِيلا نَمْشِي عَلَيْهِ، لِنَكُونَ حَقًّا عَلَى هُدَى مِنْ رَبِّنَا، فَلنَعُودُ إِلَى مَنْهَلِهِ الصَّافِي، وَإِلَى أَخْلَاقِهِ الْعَظِيمَةِ، لِنُرِيَ الْعَالَمَ أَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ دِينا فَقَطْ، بَلْ هُوَ حَيَاةٌ، وَسَعَادَةٌ، وَأَخْلَاقٌ؟. 



الصديق الحقيقي الذي تجده عند الشدائد

في بحر هذه الحياة المتقلب، حيث تتلاطم أمواج الفرح والحزن، وتهب رياح النجاح والفشل، يظل الإنسان يبحث عن مرسى آمن، وسفينة ثابتة لا تتزعزع، وفي رحلة البحث هذه، يكتشف أن أثمن ما يملكه ليس مالا يُجمع، ولا منصبا يُحرز، بل كنزا لا يُقدر بثمن، يُدعى الصداقة الحقيقية. ​تلك الكلمات التي خطتها يد الحكمة: "الصديق الحقيقي من تجده بجانبك عند الشدائد"، ليست مجرد عبارة عابرة، بل هي جوهر الصداقة ومحورها، وميزانها الذي لا يخطئ، ففي أوقات الرخاء، قد تتسابق الوجوه وتكثر الأصوات، ويحيط بك من يدّعي الودّ والمحبة، لكن عندما تُرفع الرايات البيضاء، وتُسدل ستائر الابتلاء، وتُخيم ظلمة الحزن، عندها فقط تتجلى حقيقة القلوب وتُكشف معادنها. ​الصديق الحقيقي ليس من يشاركك ضحكاتك فحسب، بل هو من يمسح دمعتك قبل أن تسقط، وليس من يصفق لك عند انتصارك، بل هو من يمد يده ليرفعك بعد سقوطك، هو ذلك الرفيق الذي لا يتردد في أن يترك عالمه ليكون عالمك، يشاركك ألمك بصمت، ويحمل عنك ثقل همومك دون أن يطلب جزاءً أو شكرا. ​إن وجود صديق حقيقي في حياتنا هو بمثابة نور يُبدد ظلام اليأس، وقوة تُعيد لنا توازننا عندما نكاد أن نسقط، هو المرآة التي نرى فيها أنفسنا بوضوح، والصوت الذي يهمس لنا بالحق عندما تخدعنا الأوهام، إنه السند الذي نعتمد عليه، والكتف الذي نستند إليه عندما تخذلنا الأيام. ​وهنا تكمن قيمة الصداقة الحقيقية، فهي لا تُبنى على مصالح زائلة، ولا تُقاس بظروف متغيرة، إنها علاقة روحية عميقة، تشبه جذور شجرة أصيلة، كلما اشتدت عليها الرياح، زادت ثباتًا ورسوخا، هي عقد غير مكتوب، يوقع عليه القلب قبل العقل، وينص على الوفاء والإخلاص والتضحية. ​فإذا كان لديك صديق كهذا، فتمسك به بكل ما أوتيت من قوة، لا تجعله يفلت من يدك، فهو كنز قد لا تجد له مثيلا في هذه الحياة، وإذا كنت أنت ذلك الصديق لأحدهم، فاعلم أنك تُقدم أثمن الهدايا، وتزرع في أرض الخير بذورا مباركة ستثمر يوما ما. ​وفي الختام، تبقى الصداقة الحقيقية هي الشمعة التي تضيء دروبنا المظلمة، واليد التي تنتشلنا من وحل الألم، هي الملاذ الآمن والدرع الواقي، وهي الدليل الأصدق على أننا لسنا وحدنا في هذه الحياة، بل هناك من يشاركنا رحلتها بحب وصدق وإخلاص.  

السبت، 23 أغسطس 2025

من أدرار يتواصل العطاء الثقافي بتأليف خمسة كتب

يتواصل العطاء الثقافي بولاية أدارار لإثراء المكتبة الجزائرية بخمسة إصدارات جديدة خلال الأيام القادمة، وتعكس هذه الأعمال التنوع المعرفي والعمق الفكري الذي تتميز به المنطقة، وتشمل هذه الكتب مجالات القانون والتاريخ إلى الأدب والدراسات اللغوية، و​تتنوع هذه الكتب لتلامس اهتمامات مختلف القراء، ففي مجال القانون، يبرز كتاب "حدود سلطة رئيس الدائرة في ممارسة الرقابة على البلديات التابعة لدائرة اختصاصه: دراسة قانونية تأصيلية" للدكتور أحمد عسري، ويتم التقدم لهذا الكتاب من قبل الأستاذ الدكتور بن طيفور نصر الدين، ويتضمن تحليلاً عميقا للإطار القانوني لسلطات رئيس الدائرة، ويعد إضافة مهمة للمكتبة القانونية، و​في الشأن التاريخي، يقدم الدكتور عبد الرحمن بعثمان كتابه "محاضرات في تاريخ إفريقيا جنوب الصحراء: مصادر العصور الوسطى والحديثة"، يسلط هذا الكتاب الضوء على حقبة مهمة من تاريخ القارة الإفريقية، ويقدم للباحثين والقراء مصدرا غنيا بالمعلومات حول هذه الفترة، و​لم يغفل الحراك الثقافي في أدرار عن الجانب الأدبي، حيث سيصدر للأستاذ بن أمحمد محمد مجموعة قصصية بعنوان "الوحل والأحاجي"، يعد هذا الإصدار فرصة للاطلاع على إبداع أدبي جديد يعكس تجارب وأحداثا إنسانية من خلال قالب قصصي ماتع، وتحظى الدراسات اللغوية بحضور بارز من خلال كتابين؛ الأول هو "الدرس الصوتي والصرفي عند ابن قيم الجوزية" للدكتور إدريس بن خويا، والذي يتطرق إلى أغوار الفكر اللغوي عند أحد أعلام الفقه الإسلامي، أما الكتاب الثاني، فهو للدكتور محمد بن علي رقاني ويحمل عنوان "البنية الإيقاعية للنص الشعري الجزائري لدى الشعراء الشهداء: الشاعر عبدالكريم العقون - أنموذجا -"، ويقدم دراسة تحليلية للإيقاع الشعري في نصوص شهداء الجزائر، مما يربط بين الأدب والتاريخ النضالي للبلاد، و​تؤكد هذه الإصدارات على الدور الحيوي الذي تلعبه ولاية أدرار كمركز إشعاع ثقافي، وتسلط الضوء على الجهود الأكاديمية والإبداعية التي يبذلها أبناؤها للمساهمة في بناء المشهد الثقافي الوطني، إن هذا العطاء المستمر هو دليل على أن الكتاب يظل جسرا للتواصل المعرفي والثقافي بين الأجيال، وستصدر هذه الكتب عن دار الدواية للنشر والتوزيع  والطبع بأدرار، لصاحبها الحاج أحمد أيوب.    


المصدر جريدة التحرير الجزائرية ليوم 25 أوت 2025، العدد 3339، في الصفحة 12




المدرسة القرآنية مالك بن أنس بأوقديم تنظم الملتقى الوطني الرابع عشر

برعاية السيد والي ولاية أدرار، تستعد المدرسة القرآنية مالك بن أنس بأوقديم في ولاية أدرار لتنظيم الملتقى الوطني الرابع عشر، احتفالا بذكرى المولد النبوي الشريف،  الملتقى هذا العام يأتي تحت عنوان : "دور العلماء في صناعة الأمم"، ويُقام تكريما للشيخ العلامة مولاي التهامي غيتاوي رحمه الله، وس​يُعقد هذا الحدث الهام على مدار يومين، يومي 15 و16 ربيع الأنوار 1447 هـ، الموافق لـ 7 و8 سبتمبر 2025. ويُتوقع أن يشهد الملتقى مشاركة واسعة من العلماء والباحثين والمهتمين بالشأن الديني والثقافي من مختلف أنحاء الوطن، لمناقشة محاور الملتقى التي تُسلط الضوء على الأثر العميق للعلماء في نهضة المجتمعات وتقدمها، و​يأتي تنظيم الملتقى في إطار جهود المدرسة القرآنية مالك بن أنس بأوقدين، لتسليط الضوء على مكانة العلماء ودورهم المحوري في بناء الحضارات، وحفظ الهوية الإسلامية، ونشر قيم التسامح والاعتدال، كما يُعدّ تكريم الشيخ مولاي التهامي غيتاوي رحمه الله بمثابة اعتراف بجهوده العلمية والفكرية التي أثرت الساحة الدينية والثقافية في الجزائر، و​يُذكر أن الملتقى سيُتيح فرصة للباحثين لتقديم أوراق عمل حول الموضوع، مما يُثري النقاش ويُعمق الفهم حول العلاقة الوثيقة بين العلم والنهضة، ويُعد هذا الحدث فرصة لتعزيز الحوار الفكري وتبادل الخبرات بين الأجيال، والمحافظة على الإرث العلمي الذي خلفه كبار العلماء.


المصدر جريدة التحرير الجزائرية ليوم 24 أوت 2025، العدد 3338، في الصفحة 06




أمن أدرار ينظم حملة مشتركة لتحرير الطريق العام ومكافحة التجارة غير الشرعية

في إطار جهودها المتواصلة للحفاظ على النظام العام وصحة المستهلك، قامت فرقة البيئة والعمران التابعة لأمن ولاية أدرار، بالتنسيق مع فرقة التطهير، بتنظيم عملية مشتركة ناجحة نهاية الأسبوع الماضي، استهدفت هذه الحملة سوق "عبد القادر زكري" والشوارع المجاورة له، بمشاركة فعّالة من لجنة الدائرة والمصالح البلدية، وكانت العملية تهدف بشكل أساسي إلى تحرير الطريق العام والأرصفة من أي شيئ يعرقل حركة سير المشاة والمركبات، كما سعت ذات الفرقة بالتنسيق مع الشركاء إلى مواجهة ظاهرة عرض وبيع السلع بدون ترخيص، والحد من كافة أشكال التجاوزات التي تُعرض صحة وسلامة المستهلك للخطر، ​وأسفرت هذه الحملة عن حجز العديد من أغراض عرض السلع التي كانت تشكل عائقاً كبيراً أمام حركة المرور، كما تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المخالفين، وذلك بالتنسيق الكامل مع المصالح المعنية، و​يأتي هذا النشاط ضمن سلسلة من العمليات الميدانية التي تنفذها الفرق المختصة، والتي تؤكد التزام أمن ولاية أدرار بمكافحة المخالفات التي تمس بالبيئة والعمران، والحفاظ على صحة المواطنين من خلال التنسيق مع الهيئات المختلفة، ومجابهة جميع أشكال الباعة غير الشرعيين الذين يحتلون الفضاءات العامة.      


المصدر جريدة التحرير الجزائرية ليوم 24 أوت 2025، العدد 3338، في الصفحة 06



ما كان لله دام وأتصل وما كان لغير الله أنقطع و أنفصل

في زحام الحياة، وتوالي الأيام، تتقلب القلوب بين سعْيٍ وتمنٍ، بين عطاءٍ وأخذ، وقد تظن النفس أن ما بذلت فيه جهدها سيبقى، وأن ما تعلقت به سيكتب له الخلود، ولكن سرعان ما يظهر ميزان خفي، يزنُ الأعمال، ويصنف النوايا، ليُظهر الحقائق على حقيقتها، ويُميّز الخيط الرفيع بين ما كان لله، وما كان لغير الله.

​"ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل." ليست مجرد حكمة عابرة، بل هي قانون كوني، يعكس جوهر كل عمل، وصدق كل نية، إن العمل الذي يبتغي به صاحبه وجه الله، يكون أشبه بنهرٍ جارٍ، لا ينضب معينه، ولا يتبخر ماؤه، قد يُنسى اسمه في الأرض، ولكن ذكره يرتفع في السماء، وبركته تفيض على الأرواح، فكل عطاء خالص، وكل كلمة طيبة، وكل جهد مخلص، يجد طريقه إلى قلوب الناس وأرواحهم، لأنه لا يرتبط بمصلحة زائلة، ولا يخضع لتقلبات الأهواء، هو باقٍ ببقاء النية، ومستمر باستمرار الإخلاص، ​أما ما كان لغير الله، فهو أشبه بفقاعة صابون، تلمعُ في ضوء الشمس لبرهة، ثم تتلاشى دون أثر، قد يبدو في أوله براقا، وقد يجلب لصاحبه الثناء والمديح، ولكن بمجرد أن تنطفئ شمعة المصلحة، وتغيب شمس الرغبة، يذوي وينقطع، فالجاه الذي يسعى إليه المرء لنفسه، والمال الذي يجمعُه ليتفاخر به، والمحبة التي يطلبها لمجرد الإعجاب، كل هذا لا يلبث أن ينفصل وينتهي، يتبخر الثناء، وتزول الأموال، وتبقى القلوب خاوية من أي رابط حقيقي.

​إنها دعوة عميقة للنظر في دواخلنا، ومراجعة نياتنا، فليس المهم كم أنجزنا، بل الأهم لماذا أنجزنا؟ هل كان عملنا لله أم لأجل دنيا فانية؟ هل كان عطاؤنا خالصا أم كان بهدف الحصول على مقابل؟ في النهاية، كل ما نبنيه على أساسٍ غير الإخلاص، هو بناءٌ هشٌّ، سينهار مع أول رياح قوية، أما ما نبنيه على أساس الإيمان والنية الصافية، فهو بنيانٌ راسخ، لا تهزه العواصف، ولا يمحوه الزمان.

​دعونا نجعل كل سعينا خالصا لله، وكل بذلٍ منا خالصا من أجل رضاه حينها سنرى كيف تدوم أعمالنا، وتتصل آثارها، وتثمر في حياتنا وحياة من حولنا، لأنها كانت لله، وما كان لله دام واتصل.  


تاريخ التصوير رحلة عبر الزمن من الظلام إلى النور

التصوير ليس مجرد وسيلة لتوثيق اللحظات، بل هو فن وعلم يروي قصة تطور البشرية من خلال عدسة، رحلة التصوير، التي بدأت في الظلام وتوجت بالنور، هي قصة مليئة بالاكتشافات المذهلة، والشخصيات الرائدة، والتحولات التي غيرت العالم.

​البدايات: الكاميرا المظلمة

​جذور التصوير تعود إلى آلاف السنين، حيث كان الفيلسوف الصيني موزي أول من وصف "الكاميرا المظلمة" (Camera Obscura) في القرن الخامس قبل الميلاد، هذه الغرفة المظلمة التي تخترقها فتحة صغيرة تسمح للضوء بالدخول ليعكس صورة مقلوبة على الجدار المقابل، كانت الأساس النظري للتصوير، وعلى مر العصور، استخدمها العديد من العلماء والرسامين، مثل ليوناردو دافنشي، كأداة للمساعدة في الرسم وتحديد المنظور.

​الولادة الحقيقية للتصوير: القرن التاسع عشر

​الخطوة الحاسمة نحو التصوير الفوتوغرافي بمعناه الحديث حدثت في أوائل القرن التاسع عشر، في عام 1826، نجح العالم الفرنسي جوزيف نيسيفور نيبس في التقاط أول صورة فوتوغرافية دائمة في التاريخ، بعنوان "منظر من نافذة في لو غرا"، استخدم نيبس لوحة معدنية مطلية بمادة حساسة للضوء، واستغرقت عملية التعريض أكثر من 8 ساعات، كانت صورته باهتة وذات جودة منخفضة، لكنها كانت إنجازا ثوريا فتح الباب أمام العصر الذهبي للتصوير، و​بعد وفاة نيبس، واصل شريكه لويس جاك ماندي داجير تطوير العملية، وفي عام 1839، قدم للعالم "الداجيروتايب" (Daguerreotype)، كانت هذه الطريقة أسرع وأكثر وضوحا، وأنتجت صورا فريدة من نوعها لا يمكن نسخها، في نفس العام، وفي إنجلترا، ابتكر ويليام فوكس تالبوت "الكالوتايب" (Calotype)، وهي أول طريقة تسمح بإنتاج نسخ متعددة من الصورة، مما جعلها أساسا للتصوير الحديث القائم على "السلبي والإيجابي".

​التصوير ينتشر ويتحول

​خلال العقود التالية، شهد التصوير تطورات سريعة، و في منتصف القرن التاسع عشر، أدت الاختراعات مثل الألواح الرطبة واللواح الجافة إلى تقليل زمن التعرض بشكل كبير وجعل التصوير أكثر سهولة.

​في عام 1888، أحدث جورج إيستمان، مؤسس شركة كوداك، ثورة حقيقية عندما قدم كاميرا "كوداك 1" (Kodak No. 1)، التي كانت سهلة الاستخدام وتأتي مع فيلم ملفوف، كان شعار إيستمان "أنت تضغط الزر، ونحن نفعل الباقي"، مما جعل التصوير متاحا للجماهير لأول مرة في التاريخ.

​التصوير الملون وعصر الرقميات

​ظل التصوير بالأبيض والأسود هو السائد حتى أوائل القرن العشرين، عندما بدأت محاولات إنتاج صور ملونة.، في عام 1935، قدمت كوداك فيلم "كوداكروم" (Kodachrome)، وهو أول فيلم ملون ناجح تجاريا، والذي مهد الطريق لانتشار التصوير الملون بشكل واسع.

​ومع اقتراب نهاية القرن العشرين، بدأ عصر جديد مع ظهور الكاميرات الرقمية، في عام 1975، ابتكر ستيفن ساسون، المهندس في شركة كوداك، أول كاميرا رقمية، كانت الكاميرا ضخمة، ذات دقة منخفضة، وتستخدم شريط كاسيت لتخزين الصور. لكنها كانت بداية النهاية للفيلم التقليدي. أصبحت الكاميرات الرقمية أكثر تطورًا وانتشارًا بسرعة، مما أتاح للمصورين رؤية الصور فورا، وتعديلها بسهولة، ومشاركتها مع العالم.

​التصوير اليوم: من الكاميرا إلى الهاتف الذكي

​اليوم، أصبح التصوير جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية بفضل الهواتف الذكية، أصبحنا جميعا مصورين، نوثق لحظاتنا الخاصة ونشاركها على وسائل التواصل الاجتماعي، والتصوير لم يعد مجرد هواية أو مهنة، بل أصبح أداة للتعبير عن الذات، ولتوثيق الأحداث التاريخية، ولنشر الوعي، ولربط الناس ببعضهم البعض.

​في الختام، تاريخ التصوير هو قصة لا تتوقف عن التطور والنمو، من الكاميرا المظلمة إلى الهاتف الذكي، تظل مهمة التصوير الأساسية هي التقاط النور وتجميد الزمن، مما يتيح لنا العودة إلى الماضي واستشراف المستقبل من خلال الصورة.  


أبناء باديس صونٌ للعهد وبناءٌ للوطن ​

في كل شبر من أرض الجزائر، ينبض التاريخ بدم الشهداء وعزيمة الأبطال، لسنا أبناء باريس، فجذورنا ليست غريبة، بل هي مغروسة في تراب هذا الوطن الطاهر منذ الأزل، نحن أبناء باديس، نرفع راية العلم والفكر، ونستلهم من أسلافنا الإصرار على بناء أمة قوية لا تنحني إلا لله.

​إنها أرض المليون ونصف المليون شهيد، التي رُويت دماؤها لتزهر حرية وكرامة، ولذلك كان واجبا علينا أن نصون هذا العهد الغالي، وأن نكون الدرع الحصين أمام كل من تسول له نفسه المساس بأمنها واستقرارها.

​ولأن الجزائر أمانة، يجب أن يكون صوتنا واحدا وكلمتنا واحدة، أنا مع بلادي، لأنها الأم التي احتضنتنا، والأرض التي نعتز بها، أنا مع رئيسي، لأنه يمثل إرادة شعب اختار طريق البناء والتقدم، أنا مع جيشي، لأنه الساهر على حدودنا، والحامي لأرضنا من كل متربص.

​نحن نقف صفا واحدا ضد كل من يحاول إثارة الفتن أو بث سموم الفرقة، إن أعداء الوطن لا يفرقون بين أحد، وعدو الأمس هو عدو اليوم، وإن غيّر أقنعت، فالحذر كل الحذر، واليقظة هي واجبنا جميعا.

​تحيا الجزائر، حرة أبية، بشعبها العظيم ورجالها الأوفياء، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، الذين بدمائهم الزكية أضاءوا لنا دروب الحرية، ستبقى الجزائر شامخة، بشعبها المخلص وجيشها الباسل وقيادتها الرشيدة.  


تصريحات فرانشيسكا ألبانيز تثير جدلاً حول توصيف حركة حماس

أثارت تصريحات منسوبة إلى فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جدلاً واسعاً بعد تداولها على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، ونقلت قناة الجزيرة، في خبر عاجلا سابق، تصريحاً لألبانيز مفاده أن "حماس ليست جماعة من القتلة المتعطشين للدماء أو المقاتلين المدججين بالسلاح".

​يأتي هذا التصريح في سياق حساس للغاية، حيث تتزايد التوترات في المنطقة، وتتواصل العمليات العسكرية التي تخلف أعداداً كبيرة من الضحايا المدنيين، وتُعتبر تصريحات ألبانيز مثيرة للجدل، خاصةً وأن العديد من الدول الغربية تصنف حركة حماس كمنظمة إرهابية، بينما يرى آخرون أنها حركة مقاومة.

​وتُعرف فرانشيسكا ألبانيز بمواقفها المدافعة عن حقوق الفلسطينيين، وانتقادها الشديد لسياسات الاحتلال الإسرائيلي، وقد تعرضت في السابق لحملات تشويه وانتقادات من قبل جهات مؤيدة لإسرائيل بسبب تقاريرها ومواقفها التي تعتبرها تلك الجهات متحيزة ضد إسرائيل،

​هذه التصريحات قد تزيد من حدة الجدل حول دور المقررة الخاصة للأمم المتحدة، وتفتح باب التساؤلات حول طبيعة توصيف الحركات المسلحة في مناطق النزاع، وما إذا كان هذا التوصيف يجب أن يأخذ في الاعتبار السياقات التاريخية والسياسية التي أدت إلى نشأتها.

​وفي ظل هذا الجدل، يرى محللون أن تصريحات ألبانيز قد تكون محاولة لإعادة صياغة النقاش حول القضية الفلسطينية، والخروج عن الأطر المألوفة التي تفرضها الخطابات السياسية السائدة، ومع ذلك، فإن هذه التصريحات قد تكون أيضاً سبباً في زيادة الضغوط عليها من قبل الدول التي لا تتفق مع وجهة نظرها.

​ويظل السؤال مطروحاً: هل ستغير هذه التصريحات من وجهة نظر المجتمع الدولي تجاه حركة حماس؟ أم أنها ستظل محصورة في إطار الجدل السياسي والإعلامي، دون أن تحدث تغييراً جوهرياً في الواقع على الأرض؟. 


غزةضمير العالم الذي يحترق

غزة ليست مجرد بقعة جغرافية على الخريطة، إنها نزيف في قلب الإنسانية، تحت الركام، لا يرتفع الغبار، بل تنهض أشلاء صرخات مدوية، صرخات أطفال، وشيوخ، ونساء، تملأ الفضاء وتخترق صمت عالمٍ أبكم، عالمٌ اكتفى بالمشاهدة والصمت،

​العالم ينظر وكأنه يتابع فيلما سينمائيا، يجلس على مقاعده الوثيرة، يرتشف قهوته ببرود، ويشاهد الدماء المسكوبة على شاشات لامعة، هذا البرود لا ينم إلا عن موت الضمير، ضميرٌ غطّته الأنانية، وحجبه النفاق، وأطفأته المصالح.

​أين هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن؟ أين تلك الهياكل التي تتباهى بحماية السلام والأمن؟ تحولت قراراتها ومواثيقها إلى مجرد حبر على ورق، وشعارات جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع.

​وأين هم المدافعون عن حقوق الإنسان؟ أولئك الذين يرفعون رايات العدل في كل محفل، صمتوا، أطبقوا شفاههم وأغمضوا عيونهم، وكأن حقوق الإنسان لا تشمل أهل غزة، كأن الدم الغزاوي ليس أحمر كالدم الآخر، أصبحوا كتماثيل شمعية، جميلة المنظر، ولكنها باردة وصماء، لا تشعر.

​غزة اليوم ليست مجرد قضية فلسطينية، إنها اختبار حقيقي لإنسانية العالم، فهل من صحوة ضمير، أم أن النزيف سيستمر حتى تلتهم جمرته كل ما تبقى من إنسانيتنا؟  


غزة جرحاً نازفاً في قلب التاريخ

يا غزة، يا جرحاً نازفاً في قلب التاريخ، ويا صرخة مدوية في أذن الصمت المطبق، لم تعد قضيتك مجرد نزاع على أرض، بل هي مرآة تعكس عري العالم، وتفضح زيف الشعارات، وتكشف عن هشاشة الأنظمة التي بنيت على أكذوبة العدل والمساواة،

​في كل قذيفة تسقط على بيت آمن، وفي كل جسد طفل يتمزق، وفي كل صرخة ثكلى، تتهاوى أركان هيئة الأمم المتحدة، وتنهار جدران مجلس الأمن الدولي، فما قيمة هذا الكيان الذي يدّعي حماية السلم والأمن الدوليين، بينما هو عاجز عن وقف آلة القتل، وفي الحالات عاجز حتى عن إدانة المجازر بوضوح وصراحة؟ إنه مجرد هيكل عظمي بلا روح، ومسرحية هزيلة تُعرض على خشبة مسرح العالم، يصفق لها القتلة، ويتجاهلها المتفرجون.

​أما المنظمات الإنسانية التي تدعي أنها تحمل لواء الرحمة، فهل يكفي أن تقدم المساعدات الغذائية والأغطية، بينما يتم قصف المستشفيات والمدارس، ويُحاصر المرضى والجرحى؟ وفي بعض الحالات عاجز حتى عن تقديم المساعدة ويد العون، و إن دورها يجب أن لا يقتصر على تقديم العون، بل يجب أن يتعداه إلى رفع الصوت عالياً، والضغط على الضمائر الميتة، وفضح من يقتل الأمل في قلوب الأبرياء، وإلا فإنها ستتحول إلى مجرد واجهة إنسانية زائفة، تغطي على جرائم الإبادة.

​لقد سقطت الأقنعة عن وجوه المنظمات التي تزعم أنها تدافع عن حقوق الإنسان، فهل حقوق الإنسان تُجزأ وتُقسّم؟ وهل هي حق للبعض وحرمان للآخرين؟ إن صمتها المطبق عن جرائم الحرب، وتغاضيها عن انتهاكات حقوق الإنسان في غزة، هو وصمة عار في جبين الإنسانية، لقد أثبتت هذه المنظمات أنها ليست سوى أبواق دعائية، تخدم أجندات سياسية، وتتجاهل المبادئ التي بُنيت عليها.

​يا غزة، لقد فضحتِ عورة العالم، فلقد كشفتِ عن أن القوانين الدولية مجرد حبر على ورق، وأن العدالة هي سلعة تُباع وتُشترى، وأن الإنسانية عند الكثيرين، ليست سوى كلمة فارغة تُنطق في المحافل الدولية، ولكن في قلب هذا الظلام، يكمن بصيص من الأمل، فأنتِ لستِ مجرد قضية، بل أنتِ إرادة شعب لا يقهر، ورمز للصمود الأسطوري، ومن رحم هذا الألم، سيولد فجراً جديداً، وستنتصر إرادة الحياة على آلة الموت، وسيبقى صوت الحق هو الأقوى، وإن حاولوا إسكاته بآلاف القنابل.  


معجزة غزة بين الحقائق العسكرية والإرادة التي لا تُقهر

في خضم الحرب التي لا هوادة فيها على قطاع غزة، تتصاعد التحليلات العسكرية لتضع علامات استفهام كبيرة حول قدرة المقاومة على الصمود في وجه آلة عسكرية تُعتبر من الأقوى في العالم، فبينما يرى البعض أن ما يحدث هو مجرد صمود أسطوري، يذهب آخرون، بمن فيهم خبراء عسكريون، إلى ما هو أبعد من ذلك، متحدثين عن "قوة خفية" و"معجزة" تكسر كل النظريات العسكرية التقليدية.

​تتحدث التقارير عن حجم غير مسبوق من الأسلحة التي تم ضخها لدعم الجيش اليهودي الصهيوني الظالم والمعتدي، كميات تكفي لإبادة مساحة تعادل عشرة أضعاف مساحة غزة، أي ما يوازي قوة ست قنابل نووية، هذه الأرقام المخيفة، بحسب محللين عسكريين، تجعل من صمود غزة لغزا يصعب فك شفرته، فكيف يمكن لمقاتلين محاصرين في رقعة جغرافية صغيرة، وتحت رقابة مكثفة من طائرات التجسس الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية، أن يدمروا ثلث آليات الجيش الإسرائيلي ويتسببوا في آلاف القتلى والجرحى؟

​الغريب في هذا المشهد ليس فقط الصمود العسكري، بل أيضا الإرادة التي يظهرها المقاتلون، يصفهم البعض بأنهم "ليسوا بشرًا مثلنا"، في إشارة إلى صلابتهم وقوتهم التي تظهر في مقاطع الفيديو وهم يتقدمون بثبات نحو الآليات لتفجيرها، هذا التدريب الذي يبدو فريدا من نوعه، لا يمكن لأي جيش تقليدي أن يكتسبه في هذه الظروف.

​لكن الأمر لا يقتصر على المقاتلين فقط، يتحدث المحللون عن مشهد آخر لا يقل غرابة، وهو مشهد الأطفال وهم يلعبون بالصواريخ التي لم تنفجر، هذا المشهد، الذي قد يبدو عاديا في غزة، هو في أي مكان آخر كابوس يتطلب استدعاء فرق متخصصة في المتفجرات، هذه الظاهرة تفتح الباب أمام تساؤل كبير : من يحمي هؤلاء الأطفال؟ والإجابة، بحسب ما يراه المحللون، هي "العناية الإلهية"، بل أكيد هي العناية الإلهية، هذه الصواريخ نفسها، التي لم تنفجر، قام المقاتلون بتدويرها واستخدامها ضد آليات الجيش الصهيوني، محققين بذلك انتصارات جديدة.

​إن ما يحدث في غزة يتجاوز الأساليب العسكرية التقليدية، إنه يمزج بين الصمود والإيمان، وفي النهاية، يؤكد الخبراء أن الدولة اليهودية الصهيونية ورطت نفسها في حرب لا يمكنها الانتصار فيها عسكريا ونفسيا، وأنها ستحتاج إلى عقود طويلة لإعادة بناء جيشها وإعادة الروح القتالية إليه، أما المقاتلون في غزة، فقصتهم الأسطورية ستظل تُروى، شاهدة على أن الإرادة والإيمان أقوى من كل الأسلحة.   


اليقين مرساة القلب في بحر الحياة

في رحاب هذه الحياة المتقلبة، حيث تتلاطم أمواج الشك والخوف، يبقى اليقين بالله هو مرساة الأمان التي تثبّت القلب وتمنحه السكينة، إنه ليس مجرد كلمة تُقال باللسان، بل هو شعور عميق يتغلغل في كل خلية من كيان الإنسان، يمنحه القوة لمواجهة أصعب التحديات وأكثرها إيلاما.

​لقد غابت عنا هذه السكينة، وانكسر اليقين في جوانب متعددة من حياتنا؛ ففي الرزق والمال، بدلًا من الثقة المطلقة في أن الله هو الرزّاق ذو القوة المتين، صرنا نخشى الفقر ونتسابق خلف المال بكل ما أوتينا من جهد، وكأن رزقنا مرهون بجهدنا وحدنا، ونسينا أن الأرزاق بيد خالقنا، وفي النصر، أصبحنا نعتمد على الأسباب المادية وننسى أن النصر من عند الله، وأن الأمة التي تتسلح بالإيمان واليقين أقوى من كل الجيوش، وفي الشفاء، نتوكل على الأطباء ونسعى خلف العلاج، ونتناسى أن الشافي هو الله، وأن الأدوية مجرد أسباب سخّرها لنا.

​إن اليقين ليس تهورا أو تجاهلا للأسباب، بل هو إدراك عميق بأن الأسباب مجرد أدوات، وأن المسبّب الحقيقي هو الله، إنه الشعور الذي يجعلنا نرى العسر في ثوب اليسر، والشدة في صورة الفرج، هو أن نعلم أن الله أرحم بك من نفسك، وألطف بك من أن يرى قلبك مكسورا ولا يجبره، فكيف تيأس وتفقد الأمل والله أقرب إليك من حبل الوريد؟ وكيف تحزن والله هو الذي يقول للشيء كن فيكون؟

​ارفع عينيك إلى السماء، واسمع نداء قلبك الذي يناديك : "تفاءل ولا تيأس"، ألقِ بهمومك وراء ظهرك، فالله قادر على أن يقلب موازين الكون من أجلك، قادر على أن يفتح لك أبوابا لم تخطر لك على بال، وأن يزيح عنك هموما أثقلت كاهلك، ثق به، ثق بقدرته، ثق بلطفه الذي يسبق غضبه.

​اليقين بالله هو نور في العتمة، وبرد وسلام في لهيب القلق، هو أن تكون على يقين أن الخير كامن في كل ابتلاء، وأن حكمة الله أوسع من أن تُدرَك بعقولنا القاصرة، هو أن تنام مطمئنا، وأن تستيقظ مرتاحا، وأن تسير في هذه الحياة وأنت تحمل في قلبك يقينا لا يتزعزع بأن الله معك، يراك ويسمعك، ويجيب دعواتك، ويجبر كسرك، ويغنيك من فضله.

​اللهم ارزقنا يقينا نؤمن به بقدرتك، وعافنا في الدنيا والدين.