غزة ليست مجرد بقعة جغرافية على الخريطة، إنها نزيف في قلب الإنسانية، تحت الركام، لا يرتفع الغبار، بل تنهض أشلاء صرخات مدوية، صرخات أطفال، وشيوخ، ونساء، تملأ الفضاء وتخترق صمت عالمٍ أبكم، عالمٌ اكتفى بالمشاهدة والصمت،
العالم ينظر وكأنه يتابع فيلما سينمائيا، يجلس على مقاعده الوثيرة، يرتشف قهوته ببرود، ويشاهد الدماء المسكوبة على شاشات لامعة، هذا البرود لا ينم إلا عن موت الضمير، ضميرٌ غطّته الأنانية، وحجبه النفاق، وأطفأته المصالح.
أين هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن؟ أين تلك الهياكل التي تتباهى بحماية السلام والأمن؟ تحولت قراراتها ومواثيقها إلى مجرد حبر على ورق، وشعارات جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع.
وأين هم المدافعون عن حقوق الإنسان؟ أولئك الذين يرفعون رايات العدل في كل محفل، صمتوا، أطبقوا شفاههم وأغمضوا عيونهم، وكأن حقوق الإنسان لا تشمل أهل غزة، كأن الدم الغزاوي ليس أحمر كالدم الآخر، أصبحوا كتماثيل شمعية، جميلة المنظر، ولكنها باردة وصماء، لا تشعر.
غزة اليوم ليست مجرد قضية فلسطينية، إنها اختبار حقيقي لإنسانية العالم، فهل من صحوة ضمير، أم أن النزيف سيستمر حتى تلتهم جمرته كل ما تبقى من إنسانيتنا؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق