تاريخ الجزائر العظيم سِفرٌ خالدٌ كُتِبَ بدماء الشهداء وتضحيات الأبطال، وفصوله حكايا رجالٍ آمنوا بالوطن وقدّسوا الحرية، فلم يبخلوا بأرواحهم فداءً لكرامة هذه الأرض الطيبة. ومن بين هؤلاء العظماء، يبرز اسم المجاهد البطل إسماعيلي الشريف، الذي لا تزال سيرته العطرة تتردد أصداؤها في كل شبرٍ من الجزائر، منارةً للأجيال ومصدر فخر واعتزاز.
وُلد إسماعيلي الشريف عام 1925، وترعرع في بيئةٍ أصيلةٍ غنيةٍ بالقيم الدينية والوطنية، فترسخت في أعماقه محبة الوطن والإيمان بقضية التحرير العادلة. لم يكن مجرد فردٍ عاديٍّ في زمنٍ استثنائي، بل كان من خيرة الرجال الذين أدركوا أن الحرية تُنتزع ولا تُمنَح، وأن العيش بكرامة يتطلب تضحياتٍ جسام.
عندما نادى الواجب، لبّى إسماعيلي الشريف النداء دون تردد، وانخرط في صفوف الثورة التحريرية المباركة، مقاتلاً شجاعاً إلى جانب إخوانه البواسل الذين أقسموا على تحرير البلاد من نير الاستعمار الغاشم. لم يكن سعيه طلباً للشهرة أو الغنيمة، بل كان إيماناً مطلقاً بقداسة القضية. في كل معركةٍ، وفي كل موقع، كان مثالاً للشجاعة والإقدام، يسطّر بدمائه الزكية أروع ملاحم البطولة، مقدّماً روحه وجهده فداءً للجزائر، حتى أصبحت تضحياته وساماً على صدر الوطن.
ولأن الأمم الحية لا تنسى أبطالها، ولأن الوفاء من شيم الكبار، فقد حظي المجاهد البطل إسماعيلي الشريف بتكريمٍ يليق بعظمته، حيث تحمل اليوم متوسطة أولاد الحاج ببلدية تيمقطن اسمه الخالد، لتكون هذه المؤسسة التربوية منارةً للعلم والمعرفة، وتخليداً لذكرى رجلٍ وهب حياته فداءً للوطن. فكل طالب يخطو عتبات هذه المدرسة، وكل معلم يعلّم في رحابها، يدرك أن هذا المكان ليس مجرد صرحٍ تعليمي، بل هو شاهدٌ على تضحيات جسام، ورمزٌ لوفاء الأمة لأبنائها البررة.
إن تخليد اسم إسماعيلي الشريف هو تجسيدٌ لمبدأ أن من يزرع الخير يحصد الوفاء، وأن من يقدّم للوطن أغلى ما يملك، لا يمكن أن يُمحى اسمه من صفحات التاريخ. ستبقى سيرته العطرة وقوداً يغذي في الأجيال القادمة حب الوطن والتفاني في خدمته. فالمجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والتحية الخالدة لمجاهدينا الأبطال، وعلى رأسهم البطل إسماعيلي الشريف، الذي سطّر اسمه بحروفٍ من نور في سجل الخالدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق