الأحد، 24 أغسطس 2025

الصديق الحقيقي الذي تجده عند الشدائد

في بحر هذه الحياة المتقلب، حيث تتلاطم أمواج الفرح والحزن، وتهب رياح النجاح والفشل، يظل الإنسان يبحث عن مرسى آمن، وسفينة ثابتة لا تتزعزع، وفي رحلة البحث هذه، يكتشف أن أثمن ما يملكه ليس مالا يُجمع، ولا منصبا يُحرز، بل كنزا لا يُقدر بثمن، يُدعى الصداقة الحقيقية. ​تلك الكلمات التي خطتها يد الحكمة: "الصديق الحقيقي من تجده بجانبك عند الشدائد"، ليست مجرد عبارة عابرة، بل هي جوهر الصداقة ومحورها، وميزانها الذي لا يخطئ، ففي أوقات الرخاء، قد تتسابق الوجوه وتكثر الأصوات، ويحيط بك من يدّعي الودّ والمحبة، لكن عندما تُرفع الرايات البيضاء، وتُسدل ستائر الابتلاء، وتُخيم ظلمة الحزن، عندها فقط تتجلى حقيقة القلوب وتُكشف معادنها. ​الصديق الحقيقي ليس من يشاركك ضحكاتك فحسب، بل هو من يمسح دمعتك قبل أن تسقط، وليس من يصفق لك عند انتصارك، بل هو من يمد يده ليرفعك بعد سقوطك، هو ذلك الرفيق الذي لا يتردد في أن يترك عالمه ليكون عالمك، يشاركك ألمك بصمت، ويحمل عنك ثقل همومك دون أن يطلب جزاءً أو شكرا. ​إن وجود صديق حقيقي في حياتنا هو بمثابة نور يُبدد ظلام اليأس، وقوة تُعيد لنا توازننا عندما نكاد أن نسقط، هو المرآة التي نرى فيها أنفسنا بوضوح، والصوت الذي يهمس لنا بالحق عندما تخدعنا الأوهام، إنه السند الذي نعتمد عليه، والكتف الذي نستند إليه عندما تخذلنا الأيام. ​وهنا تكمن قيمة الصداقة الحقيقية، فهي لا تُبنى على مصالح زائلة، ولا تُقاس بظروف متغيرة، إنها علاقة روحية عميقة، تشبه جذور شجرة أصيلة، كلما اشتدت عليها الرياح، زادت ثباتًا ورسوخا، هي عقد غير مكتوب، يوقع عليه القلب قبل العقل، وينص على الوفاء والإخلاص والتضحية. ​فإذا كان لديك صديق كهذا، فتمسك به بكل ما أوتيت من قوة، لا تجعله يفلت من يدك، فهو كنز قد لا تجد له مثيلا في هذه الحياة، وإذا كنت أنت ذلك الصديق لأحدهم، فاعلم أنك تُقدم أثمن الهدايا، وتزرع في أرض الخير بذورا مباركة ستثمر يوما ما. ​وفي الختام، تبقى الصداقة الحقيقية هي الشمعة التي تضيء دروبنا المظلمة، واليد التي تنتشلنا من وحل الألم، هي الملاذ الآمن والدرع الواقي، وهي الدليل الأصدق على أننا لسنا وحدنا في هذه الحياة، بل هناك من يشاركنا رحلتها بحب وصدق وإخلاص.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق