السبت، 1 نوفمبر 2025

منارة العلم والكرم والنضال: الأستاذ لهشمي الشريف بن مولاي هيبه بن حمو الطاهر

في رحاب أرض الجزائر الطيبة، وعلى ثرى أولف الكبير، تحديدا بلدية تمقطن بدائرة أولف، منبع العراقة والإباء بولاية أدرار، بزغ نجم سليل بيتٍ طاهر، يحمل في اسمه وسيرته شرف النسب وسمو الأخلاق: إنه الأستاذ لهشمي الشريف بن مولاي هيبة بن حمو الطاهر، هو من تلك السلالة المباركة التي تتصل جذورها بآل البيت الكرام، وصولا إلى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ذلك النسب الشريف الذي لم يكن مجرد فخر يُتلى، بل كان منهاجا حياة يُترجم إلى فعلٍ وخدمةٍ ونبل.

سراجٌ في ميدان التربية والتعليم

​الأستاذ لهشمي الشريف لم يختر مهنةً، بل اختار رسالة، ففي سلك التعليم المتوسط، أضاء دروب العقول كـأستاذ للعلوم الطبيعية، و كانت قاعات الدرس بالنسبة له ليست مجرد فضاء لتمرير المعلومات، بل محرابا للعلم ومشتلا لغرس القيم، و كان حريصا ومتفانيا في أداء مهمته، مخلصا في نقل المعرفة، ولم يكن يكتفي بالشرح وحسب، بل كان يزرع في نفوس تلاميذه الفضول والشغف، جاعلاً من حصص العلوم الطبيعية رحلة استكشاف ممتعة لأسرار الكون والخلق، وشهد له كل من عاصره في القسم بحسن المعاملة؛ فكان للتلاميذ أبا ومربيا قبل أن يكون معلما، يُحسن إليهم ويُقوّمهم برفق وحكمة، مؤمنا بأن التعليم بالقدوة هو أعمق أثرا.

منبر النضال وميزان الحقوق

​من دفء قاعات الدرس إلى ساحات العمل والنضال، انتقلت رسالة الأستاذ الشريف لتأخذ بعدا اجتماعيا عظيما. فمنذ أعوام عديدة، استقر به المقام في ولاية عين صالح، ولم يكتفِ بكونه معلما فاضلا، بل ارتقى ليترأس أحد نقابات العمال، هذا الاختيار لم يكن مصادفة، بل كان نتيجة إيمانه الراسخ بالعدل وضرورة الدفاع عن المظلوم، لقد أصبح صوت العمال الصارخ ومحاميهم الباسل، بـإلمامه العميق بالقوانين والتشريعات، لم يدخر جهدا في الدفاع عن حقوق العمال، يسعى بمهارة وحنكة لضمان نيلهم لكامل مستحقاتهم وكرامتهم، إنه يمثل الضمير اليقظ في جسد العمل النقابي، لا يخشى قول كلمة الحق، ويقف سدا منيعا أمام أي محاولة للتعدي على حقوق من وضعوا ثقتهم فيه.

قامة الأخلاق ومائدة الكرم

​لكن القصة لا تكتمل إلا بذكر الجانب الأسمى في شخصيته: أخلاقه العالية وكرمه المعهود، لهشمي الشريف يجسد صفات النبل التي ورثها عن أجداده، فـبيته في عين صالح هو بيت ضيافة، قبل أن يكون منزلا للسكن؛ مفتوح للضيوف والزوار والأحباب والغرباء على حد سواء، فيه تُنسج قصص الكرم الأصيل، وتُقام موائد السخاء بلا تكلف، هو رجل لا يعرف البخل طريقا إلى قلبه، وقد يُعدّ مضرب المثل في حسن الاستقبال والإكرام، هذه الخصال جعلت منه عمودا من أعمدة المجتمع في محيطه الجديد، يجمع بين رصانة المثقف ونخوة البدوي الأصيل، بين حكمة النسيب الشريف وطيبة الجزائري الأبي.

​الخلاصة:

​إن سيرة الأستاذ لهشمي الشريف بن مولاي هيبة بن حمو الطاهر هي لوحة فنية متكاملة؛ نجد فيها شرف النسب يُتوّج بـشرف الفعل، هو معلم مُلهم، ونقابي مدافع، ومضيف كريم، ورجل أخلاق فاضل، جسدٌ تنقل بين أدرار وعين صالح، ولكنه ترك بصمات لا تُمحى في كل مكان حلّ به، فكان منارة للعلم والكرم والنضال، ومثالًا يُحتذى به للرجل الذي سخّر علمه ووقته ونسبه لخدمة أمته وأهله، محققا بذلك أرقى معاني الإنسانية والمسؤولية.   


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق