السبت، 1 نوفمبر 2025

في رحاب ذكرى: العلوي مولاي أحمد بن مولاي عمر... سراج تمقطن الذي لا ينطفئ

هناك أرواح تطوف في دنيا الناس كنسائم الخير، تسكن الأجساد لزمن محدود، ثم ترحل تاركة وراءها أثراً لا يمحوه تقلب الأيام ولا تعاقب الأعوام. ومن تلك الأرواح الطاهرة، سيدي العلوي مولاي أحمد بن مولاي عمر، الذي كان قنديلاً مضيئاً في رحاب بلاد مولاي الرشيد، ببلدية تمقطن، دائرة أولف، ولاية أدرار.

​اليوم، وقد مرت سنوات ثلاث على رحيله المُر، لا تزال ذكراه مُعطَّرة في فضاء تلك الواحة الطيبة، كنسمة هادئة تلامس شغاف القلوب وتُعيد إليها دفء الإيمان وجمال الخُلُق.

منارة الخُلُق وحصن الطيبة

​لم يكن العلوي مولاي أحمد مجرد اسم عابر في سجلات تمقطن، بل كان أيقونة للطيبة المُتجسّدة، ورجلاً إذا ذُكر، تداعت إلى الأذهان صور النقاء والصفاء. لقد كان يتمتع بأخلاقٍ هي أرقى من أن توصف بكلمات بسيطة؛ فكانت كلمته صدقاً، وفعله مروءة، وابتسامته بلسمًا. كان مأوى لكل طالب عون، ومستراحًا لكل مهموم، يحمل همّ مجتمعه في صدره، ويسعى في قضاء حوائج الناس بصمت وتواضع، لا ينتظر ثناءً ولا يرجو جزاءً من أحد، إلا من رب الأرض والسماء.

​"فالجبال تُعرَف بثباتها، والرجال تُعرَف بأفعالها، والعلوي مولاي أحمد عُرف بسعيه الدائم للخير والخدمة الصادقة التي كانت عماد حياته لأهل بلده."

ركن المسجد وعماد الروحانية

​كانت خطواته شاهدة على إيمانه العميق، فالمسجد لم يكن بالنسبة له مجرد مكان للصلاة، بل كان ملاذه الروحي ومرتعه الخصب. كان من عُمّار بيوت الله الذين تتشوق إليهم الأركان وتأنس بهم السواري. في كل فجر، وفي كل وقت صلاة، كان العلوي حاضراً، يسبقه وضوؤه ونور وجهه، يُقيم الصلاة بخشوع، ويجلس بعدها تالياً وذاكراً، ينهل من معين الذكر ما يُقوّي به قلبه ويُضيئ به دربه. رحيله عن محراب العبادة ترك فراغاً لا يملؤه إلا الصبر الجميل، وصوت ذكراه الذي يُردّده كل من عرفه قائلاً: "لقد فقد المسجد أحد أركانه الثابتة."

غياب الجسد وبقاء الأثر

​لقد مضت الأيام، وحملت معها جسده الطاهر إلى مثواه الأخير، ولكن الأثر الذي غرسه في نفوس محبيه وفي تراب تمقطن لا يمكن أن يموت. إنها الأرواح التي ترحل جسدًا، ولكنها تبقى حية في الذاكرة، تُعلّم الأجيال معنى الوفاء، ومغزى العطاء، وقيمة التمسك بالأخلاق الفاضلة.

​لقد جازى الله العلوي بما قدم من خدمة جليلة لأهل بلده، تلك الخدمات التي كانت تُنجز في صمت المخلصين، بعيداً عن ضجيج الأضواء، سعيًا في تيسير أمورهم ورسم البسمة على شفاههم.

دعاء وعهد:

​في هذه الذكرى، لا نملك إلا أن نرفع أكف الضراعة إلى المولى عز وجل:

​"اللهم يا واسع الرحمة، اجعل قبر المرحوم العلوي مولاي أحمد بن مولاي عمر روضة من رياض الجنة، ولا تجعله حفرة من حفر النار. اللهم جَدِّدْ عليه الرّحمات، وأنزِلْ عليه السكينة والنور، واغفر له وتجاوز عن سيئاته، واجزه بما قدّم لأهل بلده ومسجده خير الجزاء وأوفاه. اللهم ألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان، واجمعنا به في مستقر رحمتك."

​رحم الله رجلاً كان بحق خير مثال لابن الصحراء المُتخلّق بالإيمان والعطاء. ويبقى اسمه منقوشاً بحروف من نور في ذاكرة تمقطن.


قصيدة في حقه

قصيدة رثاء (تمقطن تبكي قنديلها)

​يا قلبُ صبراً على جُرحٍ بتمقطنَ قدْ،

ثلاثةٌ مرّتْ والروحُ لمْ تَبْرأْ.

فجُّرُّ الزمانِ على الأحبابِ لا يرحمُ،

لكنَّ ذكراهُمُ نورٌ فلا يُطفَأْ.


​في رِحَابِ العَظِيمِ

​قَد كانَ العلويُ للأخلاقِ مَدرسةً،

مَوْلايَ أحمدُ فينا سيرةٌ تُقرَأْ.

إنْ مَرَّ ذِكرُكَ بينَ الناسِ، قالوا: قُمْ!

رجلٌ تجسَّدَ فيهِ الخيرُ والمَبْدأْ.

يا أيها الطيّبُ، يا ذا الخُلُقِ الراضي،

كمْ كنتَ للنّاسِ غيثاً، بالهُدى يَهْدَأْ.


​عِمَارَةُ المَسجِدِ

​نَشتاقُ خَطْوَكَ نحو المَسجدِ الطاهرِ،

كنتَ المُصلّي الذي للأجرِ ما أبطَأْ.

يا عابداً، طالما نادى المؤذّنُ "حيَّ"،

إلاّ وكنتَ المُجيبَ الأوّلَ، الأسْرَعْ.

للهِ دَرُّكَ منْ رُوحٍ مُعطّرَةٍ،

للهِ صَوتُكَ بالتسبيحِ قدْ دَوّى.

قدْ أبصرَتْكَ سَواري البيتِ خاشِعةً،

واليومَ تبكي فراقَ الوجهِ إذ غابَا.


​خِدمةُ البَلَدِ والأثرُ

​يا خادمَ القومِ في صمتٍ وفي حَبْرٍ،

لمْ يَنْسَ فعلكَ أولفَ أو بِلادَ الرُّشْدِ مَهْمَا كانَ.

سخّرتَ عُمرَكَ للوَاجبْ، بلا مَنٍّ،

كفٌّ تُمدُّ ولا تَبغي بهَا ثَمَنَا.

كمْ كُربةٍ فُكّتْ، وكمْ ضِيقٍ زالَ؟

بفضلِ سَعيِكَ، فاللهمَّ جازِيهِ بالإحسَانْ.

فالنّاسُ شُهْدٌ على الأفعالِ ما بَقِيَتْ،

وَأنتَ شاهدُنا للصَّالحِ العَمَلِ.


​ رَحِيلٌ وَدُعَاءٌ

​مضَتْ ثلاثٌ، ونَزفُ القلبِ مُتصِلٌ،

وكأنّما الرُّوحُ لَمْ تَسكُنْ ولمْ تَهْنَأْ.

لكنّنا مؤمنون بالحقِّ، فاصبِرْنا،

فالموتُ حقٌ، وكلُّ الكائناتِ تَفْنَى.

يا ربُّ، جَدّدْ على العلويِّ رحمَتَكَ،

واجعلْ قَبرَهُ ضَوءاً، بالهُدى مَمْلُوءْ.

يا ربُّ، اجعلْهُ في روضاتِكَ العُليا،

مع النبيِّينَ والصِدّيقِ، يا رَحمنْ.

​رحمَ اللهُ العلوي مولاي أحمد وأسكنه فسيح جناته.


هذا المقال والقصيظة،كتبهما من خلال الإستعانة بالذكاء الإصطناعي في إدخال المعلومات.  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق