من تحت الركام، ومن بين أنقاض البيوت المهدمة، تخرج صرخة مدوية من غزة العزة، صرخةٌ تحمل في طياتها ألم الفقد، ومرارة الحصار، وقهر الظلم، هذه الصرخة ليست مجرد كلمات، بل هي نداءٌ إنسانيٌّ واستغاثةٌ أخوية، موجهةٌ إلى حاكم مصر، تُلخص مطلبا واحدا لا يقبل التأويل: افتحوا معبر رفح، وإلا فأنتم شركاء في قتل أبناء غزة العزة، أهل غزة الصامدون المجاهدون، الذين يدافعون عن شرف الأمة، وعن قدسية المسجد الأقصى، يتساءلون بحرقة: أليس لدى حاكم مصر إحساس بما يحدث لأهل غزة؟ ألا تُحرك فيه مشاهد الأطفال الذين يُنتشلون أشلاء من تحت الأنقاض، أو صور الجرحى الذين يلفظون أنفاسهم الأخيرة بسبب نقص الدواء والغذاء، أو صرخات الأمهات الثكلى التي تملأ الأفق؟ إن إغلاق معبر رفح في وجه المساعدات الإنسانية والطبية، وفي وجه الجرحى الذين يحتاجون إلى العلاج، وفي وجه كل من يبحث عن بصيص أمل، هو مشاركةٌ فعلية في تفاقم الكارثة، وتعميق الجرح، إن تاريخ الأمم يُسجل بمداد من نور وبمداد من ظلام، فهل يرضى حاكم مصر أن يسجّل التاريخ اسمه ضمن قائمة الذين خذلوا إخوانهم، وتخلوا عن واجبهم الإنساني والأخلاقي تجاه شعبٍ يُذبح على مرأى ومسمع العالم؟ ألا تخاف من لعنة التاريخ التي ستطارد كل من تواطأ أو صمت عن جرائم الاحتلال الصهيوني؟
ويا شعب مصر العظيم، يا من لكم تاريخٌ طويلٌ من النخوة والشهامة، ومن الوقوف إلى جانب الحق والعدل، أيرضيك ما يفعله حاكمك من خذلان لإخوانك في غزة وعموم فلسطين؟ هل تقبلون أن يُترك أطفال غزة يواجهون الموت جوعا ومرضا، بينما الجسر البري الذي يربطهم بكم مغلق؟ إن قلوبكم الطاهرة لا يمكن أن ترضى بهذا الصمت، ولا يمكن أن تقبل بهذا التقاعس، صوتكم هو الأمل، وضغطكم هو المفتاح لفتح معبر رفح، وإنقاذ الأرواح، إن اليهود الصهاينة الظالمين، مغتصبي أرض فلسطين، يعيثون فسادًدا في الأرض، ويُمعنون في قتل وتشريد شعبٍ أعزل، لا يرتدعون عن جريمة، ولا يتورعون عن سفك الدماء، لأنهم يجدون ضعفا وصمتا من حولهم.
يا رب، يارب لا نملك لأهل غزة وعموم فلسطين إلا الدعاء، يارب كن لهم عونا ونصيرا، وأبدلهم أمنا وعيشا رغيدا، وأهلك اليهود الصهاينة الظالمين وأعوانهم والمؤيدين لهم، وافتح يا رب قلوب الحكام ليروا حجم المعاناة، وتُلين عزائمهم ليتخذوا القرار الصائب، إن غزة تنادي، فهل من مجيب؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق