الأحد، 27 يوليو 2025

الدكتور مبروك مقدم قامة علمية وسياسية من قلب الصحراء الجزائرية

من رمال أدرار الذهبية، بزغ نجم الدكتور مبروك مقدم، ابن الجزائر البار الذي نذر حياته للعلم والوطن، إذ يمثل الدكتور مقدم مزيجا فريدا من الأصالة والمعاصرة، فهو حافظ لكتاب الله منذ نعومة أظفاره، وعالم اجتماع مرموق، وسياسي محنك، ومؤرخ شغوف بتراث منطقته، له مسيرة تعليمية وبحثية حافلة، حيث بدأت رحلة الدكتور مقدم التعليمية في المدارس القرآنية، التي حفظ بها القرآن الكريم كاملا في عام 1964، و لم يتوقف طموحه عند هذا الحد، بل واصل دراسته ليحصل على شهادة التعليم المتوسط في جوان 1970 بقسنطينة، و بعد ذلك، اتجه نحو الدراسات العليا، حيث نال شهادة الليسانس في علم اجتماع العمل تخصص إنتاجية العمل عام 1976 من جامعة وهران، مما يعكس اهتمامه المبكر بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية، ولم يكتفِ الدكتور مقدم بهذا القدر من التحصيل العلمي، بل واصل مساره الأكاديمي المتميز، ليحصد شهادة الماستر في علم الاجتماع والإجرام عام 2015 من جامعة وهران أيضا، ثم توج مسيرته بنيل شهادة الدكتوراه من جامعة البليدة 2 في علم الاجتماع والعنف والعقاب عام 2020، و يظهر هذا التخصص عمق اهتماماته بالظواهر الاجتماعية المعقدة، لاسيما في مجال الوصم الاجتماعي وتفكيك البنيات الاجتماعية المتدرجة، وعضويته الفاعلة في مخبر الجريمة والانحراف بين الثقافة والتمثلات الاجتماعية بجامعة البليدة 2 تؤكد على مساهماته المستمرة في البحث العلمي، وتقلد الدكتور مبروك مقدم العديد من المناصب الإدارية الهامة، بدءا من نائب مدير المجاهدين لولاية أدرار اعتبارا من 22 فبراير 1981، ثم مفتش المجاهدين بالولاية من 1985 إلى 1990، و تميزت مسيرته الإدارية أيضا برئاسة عدة دوائر، بداية من دائرة أولف بولاية أدرار في 13 مارس 1991، وصولا إلى رئاسة دائرة مشرية بولاية النعامة من 2003 إلى 2007، و بعد تقاعده في عام 2007، لم يتوقف عن العطاء، بل انضم إلى جامعة التكوين المتواصل كأستاذ لمادة المنهجية منذ عام 2008 وحتى الآن، كما أنه أستاذ متعاون بجامعة وهران 2، حيث يشرف على مقياس النظريات الحديثة في علم الاجتماع، وإلى جانب المسيرة العلمية والإدارية، للدكتور مبروك مقدم تاريخ سياسي حافل يمتد منذ عام 1976، بدأ نشاطه كعضو في قسمة جبهة التحرير بأدرار، وشغل منصب أمين عام بمركز الأبحاث والدراسات التاريخية لولاية أدرار من 1984 إلى 1991، و كان له دور قيادي في العمل النقابي والسياسي، حيث شغل منصب أمين ولائي لاتحاد الاقتصاديين والاجتماعيين بأدرار منذ عام 1995، وأمين وطني مكلف بالدراسات الاقتصادية والاجتماعية بالاتحاد الجزائري للاقتصاديين والاجتماعيين بالجزائر العاصمة عام 1986، كما كان عضو مكتب محافظة جبهة التحرير الوطني بأدرار من 1988 إلى 1991، ومنسقا لحزب جبهة التحرير الوطني بولاية بشار من بداية 1988 إلى نهاية 1990، ويُعرف الدكتور مقدم باهتمامه العميق بتراث منطقة توات والمناطق المجاورة لها، فقد أثرى المكتبة الجزائرية بما يقرب من 55 مؤلفًا، يتعلق أغلبها بتراث هذه المنطقة العريقة، بالإضافة إلى مؤلفات في الفقه والشريعة. كما ساهم بفعالية في العديد من الكتب الجماعية. يمكن القول بحق إن الدكتور مبروك مقدم هو موسوعة علمية في مجال التراث، ورجل يجمع بين السياسة والثقافة وعلم الاجتماع، مما يجعله قامة وطنية تستحق التقدير والإجلال.
إن مسيرة الدكتور مبروك مقدم لهي خير دليل على أن الإصرار والعزيمة يمكن أن يرسمان طريقا مليئا بالإنجازات في مختلف ميادين الحياة، وما زال عطاؤه مستمرا، ليضيء دروب الأجيال القادمة بعلمه وخبرته.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق