إن الحديث عن الكاتب والروائي الجزائري رشيد بوجدرة يثير دوماً نقاشات ثرية، فهو بلا شك قامة ثقافية ووطنية، لا يمكن إنكار مساهماته الفكرية والأدبية، ومع إقرارنا بصفاته هذه، يبرز اختلافنا معه في المنهج والطريقة، سواء في الكتابة أو في التعامل مع المجتمع، هذا الاختلاف، وإن كان جوهرياً، لا يمس بأي شكل من الأشكال الاحترام المتبادل الذي لابد أن يكون بينما وبينه، بل يستند إحترامنا له إلى مبادئ عميقة ترسخ قيم التعايش والتسامح، ونتعامل مع هذا الاختلاف من منطلق قوله تعالى: "لكم دينكم ولي دين"، وقوله عز وجل: "لا إكراه في الدين"، هذه الآيات الكريمة ترسم لنا مساراً واضحاً في التعامل مع الآخر، أياً كانت قناعاته وتوجهاته، فالإيمان قناعة قلبية لا تفرض بالإكراه، والاختلاف في الفكر والمعتقد هو جزء أصيل من طبيعة البشر، كما أن احترامنا له ينبع من كوننا ندرك أنه إنسان قد كرّمه الله عز وجل، حتى وإن رأينا أنه لم يكرم نفسه ببعض أفكاره أو مواقفه، فالله سبحانه وتعالى يقول: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً"، هذا التكريم الإلهي لبني البشر يفرض علينا أن نحترم إنسانية كل فرد، بصرف النظر عن معتقداته أو تصرفاته، من هذا المنطلق، يكون الاحترام بيننا وبينه متبادلاً، وكل واحد منا يمتلك حريته في التعبير عن ذاته ومنهجه، ولا يجوز لنا أبداً أن نسيء إليه أو نشتمه على أساس توجهه، فديننا الحنيف ينهانا عن ذلك صراحة، يقول الله تعالى: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم"، وهذا يعزز مبدأ عدم الإساءة للآخر، حتى وإن اختلفنا معه جذرياً، وثبت في الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء". هذه الصفات السلبية بعيدة كل البعد عن أخلاق المؤمن الحق، وتؤكد على ضرورة التحلي بالقول الحسن والخلق الكريم حتى في أوقات الاختلاف، وإن الواجب علينا كمسلمين أن نتناصح فيما بيننا، فالنصيحة هي أساس بناء المجتمعات الصالحة، والاختلاف في الرأي أو المنهج لا ينبغي أن يفسد الود أو يقطع جسور التواصل، بل على العكس، يمكن أن يكون الاختلاف دافعاً للحوار البناء، وتبادل الأفكار، والوصول إلى فهم أعمق للقضايا المطروحة.
في الختام، إن احترامنا لرشيد بوجدرة كإنسان ومثقف ووطني لا يتعارض مع اختلافنا معه في بعض توجهاته ومنهجه، فالأخلاق الإسلامية والقيم الإنسانية تدعونا إلى قبول التعددية، واحترام حرية الفكر، والتعامل بالتي هي أحسن، مع الحفاظ على مبدأ النصح والإرشاد، فالاختلاف يثري، والاحترام يبني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق