لطالما كانت واحات أولف في أدرار رمزا للحياة والصمود في قلب الصحراء، ومصدرا للغذاء والرزق لأجيال متعاقبة، ولكن اليوم، تتجه هذه الواحات نحو مصير مأساوي، حيث تتحول بساتينها الخضراء تدريجيا إلى مقابر صامتة للنخيل، في مشهد مؤلم ينذر بفقدان ثروة طبيعية واقتصادية لا تُعوَّض، والأزمة بدأت مع اندثار فقارات المياه التي كانت تُغذي هذه البساتين لقرون، هذه الأنظمة التقليدية، التي كانت شريان الحياة للنخيل، جفّت وتلاشت، تاركةً وراءها نخيل وأشجارا ظلت لسنوات طويلة تُقاوم قسوة المناخ، لتستسلم اليوم للعطش، وما زاد الطين بلة هو انتشار مرض "بوفروة" الذي أصاب ما تبقّى من النخيل الحي والمثمر، هذا الداء الفتاك يجعل ثمار التمر غير صالحة للاستهلاك، مما يضاعف من معاناة الفلاحين ويهدد مصدر دخلهم الوحيد، فما الفائدة من شجرة مثمرة إذا كانت ثمارها لا تُسمن ولا تُغني من جوع؟ هذه المأساة ليست مجرد مشكلة بيئية عابرة، بل هي كارثة اقتصادية واجتماعية تهدد وجود مجتمع بأكمله، إن نخيل أولف ليست مجرد أشجار، بل هي جزء من هوية المنطقة وتاريخها وعليه، مطلوب من المسؤولين التحرك الفوري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ويجب أن تتضافر جهود لمسؤولين مع جهود المالكين، لوضع خطة عاجلة لإعادة تأهيل الفقارات المائية، وتوفير الدعم المالي والتقني للفلاحين لمكافحة مرض "بوفروة"، وإن أي صمت للمسؤولين إتجاه هذه الأزمة لم يعد مقبولا، فبقاء هذه الواحات أو فنائها يعتمد على قرار جريء وإرادة حقيقية لإنقاذ هذه النخيل ومن خلالها البساتين التي كانت ولاتزال من مصادر الغذاء لسكان المنطقة من مصيره المحتوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق