في كل عام، ومع حلول اليوم الوطني للمجاهد في 20 أوت التي تعتبر ذكرى ليومين مشهودين في مسيرة ثورة أول نوفمبر 1954؛ هجومات الشمال القسنطيني وانعقاد مؤتمر الصمام، تستحضر الجزائر أمجاد أبنائها الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل استقلالها وحريتها، وبينما تُخلَّد الجزائر أسماء الكثيرين من أبنائها الذين ضحوا بالعالم والنفيسمن أجل إستقلالها، تظل قصص أبطال آخرين في طي النسيان، رغم ما قدموه من تضحيات جسام، ومن هؤلاء الأبطال، المجاهد محمد باشا، ابن قرية الدغامشة بعين صالح، الذي حمل على عاتقه قضية الجزائر وفلسطين معا.
ولد المجاهد محمد باشا عام 1940 في قرية الدغامشة، ونشأ وترعرع فيها متشبّعا بقيم الإسلام والعروسة وحب الوطن، وفي أواخر الخمسينيات، تحديدا عام 1959، لم يتردد في تلبية نداء الواجب، فالتحق بصفوف جيش التحرير الوطني من مدينة تمنراست، وكانت وجهته الولاية الثانية (شمال قسنطينة)، حيث انضم إلى رفاقه في منطقة الخروب ليشارك في معارك الثورة التحريرية المجيدة، وليكون واحدا من صناع الاستقلال الذي تنعم به الجزائر اليوم، لم يقتصر نضال محمد باشا على تحرير وطنه، بل امتد ليلامس قضية العرب الأولى، القضية الفلسطينية.
بعد الاستقلال مباشرة، انخرط محمد باشا في صفوف الجيش الوطني الشعبي، وشارك بشرف ضمن فرقة المغاوير في حرب الشرق الأوسط، مؤكدا أن قضية فلسطين جزء لا يتجزأ من هويته ونضاله، و كانت مشاركته في هذه الحرب دليلاً قاطعا على إيمانه بوحدة الأمة، وأن الحدود لن تكون يوما عائقا أمام التضامن مع القضايا العادلة.
عاد المجاهد محمد باشا ليستقر في قسنطينة، حيث واصل خدمته في صفوف جيش التحرير، وبعد مسيرة حافلة بالعطاء والتقاعد، قرر العودة إلى مسقط رأسه قرية الدغامشة بعين صالح، ولكن عودته لم تكن للراحة، بل لمواصلة النضال في صفوف جبهة التحرير الوطني وقسمة المجاهدين، حيث ظل منارة للنصيحة والإرشاد للأجيال الشابة، يحكي لهم عن أمجاد الأمس ويدعوهم للحفاظ على مكتسبات اليوم.
في 28 جويلية 2023، رحل عن دنيانا المجاهد محمد باشا، تاركا خلفه سيرة عطرة مليئة بالتضحية والإخلاص، لقد كان نموذجا للمجاهد المخلص الذي لم ينسَ قضية وطنه ولا قضايا أمته، اليوم وفي ذكرى اليوم الوطني للمجاهد، من واجبنا أن نتذكر هذا البطل ونستحضر نضاله، إن تخليد اسمه ليس مجرد تكريم شخصي، بل هو وفاء لجيل كامل قدم كل ما يملك من أجل الجزائر.
إننا نأمل أن تقوم السلطات المحلية بتخليد اسم المجاهد محمد باشا مع بقية المجاهدين والشهداء، لأن التاريخ لا يرحم من ينسى أبطاله، الرحمة والمغفرة للشهداء، العزة والكرامة للجزائر، والذكر الخالد للمجاهدين الذين لم يتوانوا يوما عن تقديم كل غالٍ من أجل وطنهم وأمتهم.
كتبت هذا المقال إعتمادا على معلومات من صفحة الأستاذ بويه عبدالقادر، وبمساعدة الذكاء الإصطناعي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق