في رحاب الجنوب الجزائري، حيث تتسع الصحراء وتنتشر الكثبان الرملية الذهبية، تبرز قامات فكرية وأدبية تحمل على عاتقها همّ العلم والثقافة، ومن بين هذه القامات يبرز اسم الأستاذ بن ساسي إبراهيم من مدينة الرويسات بولاية ورقلة، فهو ليس مجرد أستاذ أو كاتب، بل هو منارة معرفية ورمز للتربية والأخلاق، يترك بصمته في أكثر من مجال، إبراهيم بن ساسي رجل تربية وتعليم من الطراز الرفيع، شهدت له بذلك أجيال تخرجت على يديه من مؤسسات التربية وغيرها، فهو يجمع بين صرامة المربي وحكمة الأستاذ، ويعي تماما أن التربية لا تقتصر على تلقين المعارف، بل تتعداها إلى غرس القيم والأخلاق الحميدة في نفوس الأجيال الصاعدة و كان ولا يزال شغوفا بنقل إرثه المعرفي، فهو يكتب في جريدة "البصائر" و**"الجديد اليومي"** مقالات متنوعة، يتناول فيها قضايا فكرية وتاريخية، يثرى بها المشهد الثقافي بفكره النيّر، ولم يقتصر عطاء ابن ساسي على ميدان التربية، بل امتد ليشمل البحث والتأليف، حيث أثرى المكتبة الجزائرية بمؤلفات قيمة، منها كتابه "العقد الماسي في رحلة حج ابن ساسي" الذي نُشر عام 2010، والذي يُعد وثيقة أدبية ودينية وتاريخية تسجل رحلة إيمانية وفكرية، و آخر بعنوان "أعلام الجنوب"، الذي يؤكد اهتمامه بتاريخ المنطقة وسير علمائها وشيوخها، هذان الكتابان من مؤلفاته العديدة، كما كان لابن ساسي اهتمام خاص بتوثيق تاريخ الحلقات العلمية في ورقلة، وتدوين سير شيوخها وعلمائها البارزين، ويظهر ذلك جليا في مقالاته التي تناولت شخصيات عظيمة مثل الشيخ الطاهر آيت علجت والشيخ الدكتور أحمد بن نعمان، حيث سعى من خلال كتاباته إلى إحياء ذكر هؤلاء الأعلام والحفاظ على إرثهم العلمي، وهذا الاهتمام يجعله حلقة وصل مهمة بين الماضي والحاضر، وحارسا أمينا لذاكرة المنطقة.
وقد كان ابن ساسي أيضا رفيقا ومحبا للشيخ العلامة المرحوم محمد باي بلعالم، مما يؤكد مكانته العلمية وقربه من أهل الفكر والعلم، فرفقته لهذه القامة تؤكد أن ابن ساسي كان ولا يزال من أهل العلم والمعرفة، ويقضي وقته في طلب العلم ونشره.
باختصار، إبراهيم بن ساسي ليس مجرد اسم عابر، بل هو رمز للعطاء الفكري والأخلاقي في الجنوب الجزائري، جمع بين التربية والأدب والتاريخ، وسيترك خلفه إرثا ثقافيا تنهل منه الأجيال، فهو مثال يحتذى به في التفاني في خدمة العلم والوطن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق