الجمعة، 22 أغسطس 2025

حميدو المختار الرجل الذي يأتي من "أرض الرجال"

في الجنوب الجزائري، حيث تتسع الصحراء وتمتد رمالها الذهبية إلى الأفق البعيد، وتختلط فيها أصالة التاريخ بحداثة الحاضر، وتتكلم فيها الحجارة عن حكايات الأجداد، من هناك يأتي حميدو المختار، رجلٌ ليس كباقي الرجال، نشأ وترعرع في تمنراست، أرض "الرجال الزرق"، أرض الشموخ والعزة، فاستقى منها كل ما هو نبيل، وتشبع بخصالها الأصيلة، فما إن نطقت باسمه حتى تداعت إلى الأذهان كل معاني الشرف والرجولة.

​ينتمي حميدو المختار إلى سلالة الرجال الأحرار، الذين لا يخشون إلا الله، ولا يسكتون عن قول الحق، فهو إعلاميٌ من طراز نادر، جمع بين موهبة الكلمة الصادقة، وقوة الموقف الذي لا يتزعزع، لسانه سلاحٌ حادٌ يقطّع أوصال الباطل، وفكره مشعلٌ يضيء دروب الحقيقة، لم يكن يوماً مجرد عابر سبيل في دهاليز الإعلام، بل كان ولايزال فارساً يحمل رسالة، وشاهداً على كل ما يدور حوله.

​صوت الحق في زمن الضجيج :

​في عالمٍ أضحت فيه الأصوات العالية لا تفرق بين الصدق والكذب، والظلم والعدل، يأتي صوت حميدو المختار واضحاً نقياً، يصدح بالحق والحقيقة، لم يكن يخشى في الله لومة لائم، ولم يكن يرضخ لأي ضغط أو تهديد، فكلماته كانت ولا تزال كطلقات الرصاص التي تصيب كبد الظلم، وتزلزل عروش الظالمين، لم يكن يكتب أو يتكلم من أجل الشهرة أو المجد الزائل، بل كان يكتب ويتكلم من أجل إنسانية ضائعة، وكرامة مسلوبة.

​وإن كان الكلام بحد ذاته ليس كافياً، فكان حميدو المختار رجل الفعل لا القول فقط، كان يدرك أن الأقوال تحتاج إلى أفعال لتثبت صدقها، وأن المبادئ تحتاج إلى تضحيات لتتجلى قيمتها، كان يمد يد العون لكل ضعيف ومحتاج، ويبذل كل ما في وسعه، من أجل مساعدة المظلومين والمقهورين، لم يكن يكتفي بالتنديد بالظلم، بل كان يسعى جاهداً لمحاربته بكل الوسائل المتاحة.

​لغة العقل، لغة القلب، ولغة الوطن :

​يتمتع حميدو المختار بكنزٍ ثمين، فهو يتقن العربية والفرنسية والأمازيغية، مما جعله جسراً للتواصل بين الثقافات، ومثالاً حياً على غنى الهوية الجزائرية، لم تكن هذه اللغات مجرد أدوات للتعبير، بل كانت وسيلة للاقتراب من عقول وقلوب الناس على اختلافهم، كان يستخدمها ليوحد لا ليفرق، وليبني لا ليهدم، وليدافع عن قضايا بلاده، الجزائر، بكل ما أوتي من قوة.

​فحياته هي قصة عطاء بلا حدود، وتفانٍ من أجل الآخرين، إنه رجلٌ من لحم ودم، ولكنه يحمل روحاً عظيمة، وقلباً كبيراً ينبض بحب الخير للجميع، فكل عمل يقوم به، وكل كلمة ينطق بها، هي بمثابة صلاة ودعاء من أجل أن ينعم العالم بالسلام، وأن يسود العدل، وأن تزول الغمة عن الإنسانية جمعاء.

​بارك الله في حميدو المختار وفي أهله، وحفظه من كل مكروه، وجعله دائماً منارة للحق، وصوتاً للخير، ورائداً للإنسانية.  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق