الأربعاء، 20 أغسطس 2025

تكريم المرأة في الإسلام منارة للعزة والكرامة

​في غمرةِ صخبِ العصور، وضجيجِ الحضارات، يبقى صوتُ الحقِ جليا واضحا، يصدحُ بتكريمِ المرأة، ورفعِ شأنها، وحفظِ كرامتها، إنهُ صوتُ الإسلام، الدينُ الذي جاءَ ليحررَ الإنسانَ من أغلالِ الجهلِ والظلم، وليقيمَ صرحا من العدلِ والرحمةِ للجميع، رجالا ونساءً، لم يكنِ الإسلامُ مجردَ تعاليمَ دينيةٍ جامدة، بل كانَ ثورةً شاملةً على مفاهيمَ باليةٍ كانتْ تنظرُ للمرأةِ كسلعةٍ، أو ككائنٍ ناقصِ الأهلية، و​قبلَ الإسلام، كانتْ المرأةُ في كثيرٍ من المجتمعاتِ تُهانُ، وتُظلمُ، وتُورثُ كالمتاع، وكانتْ تُدفنُ حيةً خشيةَ العار، وتُحرمُ من أبسطِ حقوقِها، ثم جاءَ الإسلامُ كنسيمِ فجرٍ يمحو ظلامَ الليل، ليُعلنَ أنَّ المرأةَ ليستْ عورةً تُوارى، ولا متاعا يُباع، بل هي نصفُ المجتمعِ وشريكةُ الحياة، لقد قررَ الإسلامُ أنَّ المرأةَ والرجلَ كلاهما من نفسٍ واحدة، وأنَّ التفاضلَ بينهما ليسَ بالجنسِ أو باللون، بل بالتقوى والعملِ الصالح، يقولُ اللهُ تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ".

​لقد رفعَ الإسلامُ من قدرِ المرأةِ في كلِ مراحلِ حياتِها، فكرمها كابنة، وحرمَ وأدَها، وجعلَ الإحسانَ إليها طريقًا إلى الجنة، وكرمها كأخت، وأوصى بها خيرا، وجعلها مصدرا للمحبةِ والترابطِ الأسري، وكرمها كزوجة، وجعلها سكنا ومودةً ورحمةً للرجل، وأمرَ بالإحسانِ إليها، وعدمِ إهانتها، وحفظِ حقوقِها، وكرمها كأم، وجعلَ برها من أعظمِ القرباتِ إلى الله، وجعلَ الجنةَ تحتَ أقدامِها، في تكريمٍ لم تشهدْ لهُ الإنسانيةُ مثيلا، و​لم يقتصرْ تكريمُ الإسلامِ للمرأةِ على الجانبِ العاطفيِ أو الاجتماعيِ فقط، بل شملَ الجوانبَ التشريعيةَ والاقتصاديةَ أيضًا، فقد منحَها حقَ التعلمِ والعملِ والتملكِ والبيعِ والشراء، وحقَ إبداءِ الرأيِ والمشورة، لقد كانتْ المرأةُ في صدرِ الإسلامِ عالمةً، وفقيهةً، ومجاهدةً، ومشاركةً في بناءِ المجتمعِ الإسلاميِ بكلِ جوانبه، إنَّ الإسلامَ لم يهمشْ المرأةَ أو يقصِها، بل أتاحَ لها كلَ الفرصِ لتكونَ عنصرا فاعلا ومنتجا في الحياة،

​فإذا رأينا اليومَ من يسيءُ للمرأةِ أو يظلمُها باسمِ الدين، فاعلمْ أنَّ ذلكَ ليسَ من الإسلامِ في شيء، إنَّ الإسلامَ بريءٌ من كلِ ظلمٍ أو إهانة لها، الإسلامُ هو نورٌ يهدي، وعدلٌ يقيمُ، ورحمةٌ تشملُ الجميع، فكيفَ لدينٍ يرفعُ مكانةَ الأمِ إلى هذهِ الدرجةِ العظيمة، أنْ يرضى بإهانةِ أيِ امرأةٍ كانت؟ وكيفَ لدينٍ يأمرُ بالرفقِ حتى بالحيوان، أنْ يسمحَ بإيذاءِ إنسانةٍ؟

​في الختام، إنَّ رسالةَ الإسلامِ في تكريمِ المرأةِ ليستْ مجردَ شعاراتٍ تُرفع، بل هي منهجُ حياةٍ يُطبق، هي دعوةٌ دائمةٌ لاحترامِ المرأةِ وتقديرِها، وحفظِ كرامتِها، وعدمِ إهانتِها بأيِ شكلٍ من الأشكال، هي دعوةٌ للعودةِ إلى جوهرِ الدينِ الحقيقي، الذي يجعلُ المرأةَ درةً مصونةً، ونبعَ حنانٍ، وشريكةَ دربٍ في رحلةِ الحياة.  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق