الأربعاء، 24 ديسمبر 2025

ثلاثية الفناء: حينما تغيب العين ويستيقظ الناب

في مسارح الحياة، لا تحدث الكوارث صدفة، بل هي نتيجة حتمية لتقاطع ثلاث ثغرات قاتلة: ذئبٌ متربص، ونعجةٌ تائهة، وراعٍ غافل؛ هذا الثالوث ليس مجرد قصة من قصص المراعى، بل هو تجسيد حي لمجتمعات تقف على حافة الهاوية.

​1. الذئب الجائع: غريزة الشر المتربصة

​الذئب في واقعنا ليس حيواناً، بل هو كل فكرٍ منحرف، أو فسادٍ مستشرٍ، أو عدوٍ يتحين الفرصة. الشر لا ينام، وجوعه للمناصب، أو المال، أو التخريب لا يشبع. هو يراقب بصمت، لا يهاجم القطيع وهو متماسك، بل ينتظر "لحظة الهشاشة" ليبدأ الوليمة.

​2. الانحراف عن القطيع: وهم الحرية القاتل

​عندما تقرر "النعجة" أن تخرج عن الجماعة ظناً منها أنها وجدت طريقاً أرحب، أو تمرداً على ضوابط القطيع، فإنها في الحقيقة لا تختار الحرية، بل تختار "المقصلة". إن الانحراف عن قيم المجتمع ومعاييره الأخلاقية تحت مسميات براقة يجعل الفرد لقمة سائغة؛ فالعزلة عن المبدأ هي أولى خطوات الفناء.

​3. غفلة الراعي: الخيانة العظمى للأمانة

​هنا تكمن الكارثة الكبرى. فالراعي (سواء كان أباً، أو معلماً، أو مسؤولاً) هو خط الدفاع الأول. إن غفلة الراعي ليست مجرد "سهو"، بل هي ثغرة ينفذ منها الموت. عندما ينشغل المؤتمن بصغائر الأمور عن عظمائها، ويترك الرعية بلا توجيه أو حماية، فإنه يمنح الذئب "رخصة قتل" مجانية.

​الواقع المؤلم والمصير المحتوم

​إن المجتمع الذي يكثر فيه الذئاب، ويتشتت فيه الأفراد، وينام فيه المسؤولون، هو مجتمع يكتب شهادة وفاته بيده. الانهيار لا يبدأ بزلزال، بل يبدأ بـ "غفلة" وانحراف صغير ينتهي بمأساة لا ينفع معها الندم.

​الخلاصة: إن حماية الأوطان والمجتمعات لا تقوم على القوة العسكرية فحسب، بل على يقظة "الراعي"، وتمسك "الرعية" بالقيم، وإدراك الجميع أن الذئب لا يشبع أبداً.

​"ليست المأساة في قوة الذئب، بل في انكسار الجماعة وغياب الضمير اليقظ."


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق