الاثنين، 1 ديسمبر 2025

رسالة إلى كل أم أنتِ مهد الرجولة وصانعة الأجيال

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

​أيتها الأمهات الفاضلات، يا من خصَّكن الله بأجلّ الأمانات وأعظم المسؤوليات، إليكِ يا من تحملين في قلبكِ نبض أمة وفي حجركِ مستقبلها، هذه رسالةٌ ليست مجرد كلمات، بل هي نداءٌ من عمق الوجدان، يسطِّر دوركِ الخالد في بناء الإنسان قبل البنيان.

​أنتِ، لستِ مجرد مربية، بل أنتِ المهندس الأول لروح الطفل وعقله، أنتِ التي تعدِّين أطفال اليوم ليكونوا رجال الغد؛ رجالا يصنعون التاريخ، ويحملون راية المجد، إنَّ مصطلح "الأم مدرسة" ليس مجرد مقولة عابرة، بل هو حقيقة راسخة؛ ففي كنفكِ تتشكل الفطرة، ومن بين يديكِ ينطلق السلوك.

​"فإن أحسنتِ صياغتها، أخرجتِ للعالم قائدا، وإن أهملتِ، فَقَدَت الأمة ركنا."

​يجب أن يكون مشروعكِ التربوي قائما على أركان راسخة، هي تعليم طفلك الصبر واحتراف المشقة، و أن النجاح لا يُقطف إلا بعد غرسٍ وسقاية، وأن طلب العلم مشقةٌ تُنار بها الدروب، واغرسي فيه قيمة المثابرة وعدم الاستسلام، ليواجه تحديات الحياة بجلدٍ وقوة، وعلميه أن أول درسٍ يتلقاه الطفل يجب أن يكون احترام الكبير في الشارع قبل احترام المعلم والأستاذ، هذا الميزان الأخلاقي هو ما يُقيم مجتمعا متماسكا، سواء كان التعليم في أروقة المدارس النظامية الشاهقة أو في حلقات المدارس القرآنية المباركة، فالمعلم هو وريث الأنبياء، وحقه الاحترام والتبجيل، وأحسني الظن بمعلميه وأساتذته وحثّيه عليه، وأزرع الثقة في نفوس أطفالك تجاه من يعلِّمونهم فإنه يفتح الباب لاستقبال العلم بقلبٍ منشرح، ويُغلق الباب أمام وساوس الشك والنفور، ويجب أن يكون مشروعكِ الأهم هو دمج العلم والأخلاق في بوتقة واحدة، و اغرسي فيه حب العلم على أساس أنه فريضةٌ دينية وضرورة وجودية، و ليس العلم مجرد شهادة، بل هو نورٌ يضيء العقل والروح، واجعلي شغف التعلم يسري في عروقه كجريان الدم، وعلِّميه حسن القول، وأن الكلمة الطيبة صدقة، و ربّيه على التعامل بالتي هي أحسن مع أصحابه في الشارع والمدرسة، هذه السلوكيات البسيطة هي التي تبني الشخصية القوية والمؤثرة، وأعلمي أن ​دوركِ لا يتوقف عند التوجيه، بل يمتد إلى المتابعة والمراقبة؛ ​رقابة الأفعال لا النوايا، راقبيه في تعامله، وكوني العين الساهرة التي تلاحظ وتقوّم بلطف وحكمة،  وخصصي له وقتا مقدسا للمراجعة، واغرسي فيه أهمية المحافظة على الوقت وعدم تضييعه في توافه الأمور، لأن تنظيم الوقت هو سرّ العظماء، ومفتاح الإنجاز، و علِّميه أن النظافة من الإيمان؛ من خلال نظافة بدنه وثوبه وفراشه، ونظافة كراساته و كتبه، ونظافة محيطه، و أن المحافظة على نظافة الشارع والمدرسة هي أولى خطوات الانتماء والإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع.

أيتها الأم القوية، ​أنتِ القوة الكامنة وراء كل عظيم، وكل ناجح، وكل تقي، لا تستهيني برسالتكِ، فهي جهادٌ مقدس وثوابها عظيم، كوني القدوة، وكوني الصديقة، وكوني الموجهة، اغمري صغاركِ بالحب الذي يصنع الثقة، وبالحزم الذي يصنع الانضباط.

​فمصير الأمة، أيَّتها الأم الفاضلة، مُعلَّقٌ بخيطٍ من حرير، هو خيط تربيتكِ الصالحة لأبنائك وبناتك.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق