بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين، تحياتي لجميع المشرفين على مؤسسة أريد عامة و للمشرفين على منصة أريد للعلماء والخبراء و الباحثين الناطقين بالعربية خاصة، وتحية للمنظمين و المشرفين والمديرين لهذه الندوة العلمية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية كلمتي تحت عنوان: اللغة العربية: إرثُ السماءِ ومنارةُ المستقبل
سادتي و سيداتي أيها الحضور الكريم، في هذا اليوم الأغر، الثامن عشر من ديسمبر، نقفُ وقفةَ اعتزازٍ وإفتخار، لنحتفيَ بهويةٍ سكنت الوجدان قبل الألسن، وبحضارةٍ لم تزل تشرقُ ببيانها على العالم أجمع. إننا اليوم لا نحتفل بمجرد كلماتٍ نرددها، بل نحتفي بركنٍ متين من أركان التنوع الثقافي للبشرية، وباللغة التي اصطفاها القدر لتكون وعاءً لأعظمِ القيم الإنسانية، فهي لغة الضاد التي تجمع اليوم تحت لوائها حسب علمي ما يزيد على أربعمائة مليون نسمة، ينطقون بجمالها، ويتنفسون بلاغتها في شتى بقاع المعمورة، فكانت بحق إحدى أكثر اللغات انتشاراً، وأقواها صموداً أمام عوادي الزمن.
إننا وإذ نحيي اليوم العالمي للغة العربية تحت شعار "مسارات مبتكرة للغة العربية: سياسات وممارسات من أجل مستقبل لغوي أكثر شمولاً"، كما أقرت ذلك هيئة الأمم المتحدة هذه السنة فإننا نعلنُ للعالم أن لغتنا ليست سجينة القواميس العتيقة، ولا حبيسة الذاكرة التاريخية، بل هي لغةٌ تنبضُ بالحياة، وتمتلكُ من مقومات الابتكار ما يجعلها قادرة على قيادة الدفة في عصر التحولات الرقمية الكبرى. إن الشمولية التي نسعى إليها اليوم تعني أن تصبح العربية لغةً للجميع؛ لغةً تحتضنُ العلم، وتطوعُ التكنولوجيا، وتفتحُ آفاق الإبداع أمام الشباب بأساليب غير تقليدية، من خلال سياسات لغوية طموحة وممارسات عملية تجعل من جماليات النحو والصرف طاقةً دافعة للإنتاج المعرفي، لا عائقاً دونه.
أيها الجمعُ الكريم، إن الواجب يدعونا في هذا اليوم التاريخي إلى أن نؤمن بأن العربية هي جسرنا نحو المستقبل، وأن الحفاظ عليها لا يكون بالجمود، بل باجتراح المسارات المبتكرة التي تدمجها في صلب حياتنا المعاصرة. إنها دعوةٌ لنكون نحن الرائدين في تحديث لغتنا وتمكينها، لتظل صوتاً للشمولية والتسامح، ومنصةً للتواصل الحضاري الذي لا ينقطع. فلنحمل هذه الأمانة بفخر، ولنجعل من لغتنا لغةً للعقل والقلب معاً، ولنكتب بها فصلاً جديداً من فصول التميز الإنساني، فالعربية لم تكن يوماً مجرد ماضٍ نذكره، بل هي غدٌ مشرقٌ نصنعه بأيدينا، وسيظل بيانها يملأ الدنيا ويشغل الناس ما بقيَ فينا عرقٌ ينبض بالعروبة والإبداع، و أكبر إفتخارا للغة العربية أنها لغة كتاب ربنا القرآن الكريم ولغة خاتم الانبياء و المرسلين، وهي اللغة بعد الفناء؛ لغة أهل الجنة. وشكرا للجميع على حسن الإنصات والإستماع، وشكرا لكم على أتاحة هذه الفرصة لي والسلام عليكم ورحمة الله.
كان معكم في هذه المداخلة الباحث بلوافي عبدالرحمن بن هيبه من الجزائر.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق