إن ما يحدث اليوم في قطاع غزة، وفي عموم فلسطين، ليس مجرد أزمة عابرة أو خبراً عاجلاً تتناقله الشاشات، بل هو اختبارٌ تاريخي للضمير الإنساني ومحاكمة علنية لمبادئ العدالة التي يتغنى بها العالم. إنها لحظة الحقيقة التي تتطلب من العالم أجمع -ومن المسلمين على وجه الخصوص- وقفةً تتجاوز حدود الصمت والخذلان.
نداء إلى العالم: الإنسانية لا تتجزأ
على العالم أن يلتفت بصدق إلى تلك البقعة الجغرافية الصغيرة التي أصبحت مسرحاً لأبشع صنوف المعاناة. إن دماء الأبرياء، وأنين الأطفال تحت الأنقاض، ودموع الثكالى في غزة، هي وصمة عار في جبين الحضارة الحديثة. لا يمكن للضمير العالمي أن يدعي التحضر وهو يغض الطرف عن إبادة شعبٍ يطالب بأبسط حقوقه: الحق في الحياة، والأمن، والكرامة. إن الصمت هنا ليس حياداً، بل هو انحيازٌ للظلم، وتفريطٌ في القيم الإنسانية المشتركة.
نداء إلى المسلمين: أمانة العقيدة ورباط الدم
أما المسلمون، فمسؤوليتهم أعظم وأمانتهم أثقل. إن فلسطين ليست مجرد تراب، بل هي مسرى النبي الكريم وقبلة المسلمين الأولى. إن ما يربطنا بغزة وفلسطين هو رباط العقيدة، والجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
على المسلمين اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن يقودوا حراك "كلمة الحق"، وأن يرفعوا أصواتهم في كل المحافل دفاعاً عن إخوتهم. إن نصرة المظلوم في غزة ليست خياراً سياسياً، بل هي واجبٌ شرعي وأخلاقي يفرضه الانتماء لهذا الدين العظيم.
كلمة الحق: لا بديل عن الدولة المستقلة
لقد حان الوقت ليقال "حق الشعب الفلسطيني" بملء الفم، دون مواربة أو تجميل. إن من حق هذا الشعب المناضل أن يعيش في دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس، وأن ينعم بحريته على أرضه كاملة. إن غزة اليوم، بصمودها الأسطوري، تعيد كتابة أبجدية العزة والكرامة، وتثبت أن إرادة الشعوب لا تُقهر بآلات الدمار.
إن التاريخ لن يرحم الصامتين، والذاكرة الإنسانية لن تنسى من خذل المظلوم في ساعة عسرته. فلتكن كلماتنا سهاماً من حق، ولتكن مواقفنا دروعاً تحمي ما تبقى من كرامة في هذا العالم.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق