هذه الكلمات تنضح بالألم والقهر، وتعبّر عن لسان حال من بلغت به المعاناة حداً جعل من "الإدانة" ترفاً لا يملكه الغرقى، وواجباً سقط عن كاهل الضحايا.
نحن الذين لم يتبقَّ من أجسادنا سوى الندوب، ومن بيوتنا سوى الغبار، ومن أحلامنا سوى صور تُبثُّ على الهواء مباشرة ليشاهدها عالمٌ أدمنَ دور المتفرج، نحن المذبوحون ببرودة، المقصوفون بلا رحمة، الجوعى الذين يقتاتون على الصبر، والغرقى الذين لفظتهم البحار حين ضاقت بهم الأرض.
نحن خارج دائرة العتاب
كيف يجرؤ "العالم" – بكل عجز مؤسساته وتواطؤ قواه – أن يطلب منا "إدانة"؟ الإدانة فعلٌ يمارسه من يملك رفاهية الأمن، ومن ينام في بيتٍ له سقف، ومن يضمن لأطفاله لقمة العيش وسلامة الجسد. أما نحن، فقد انتُزعنا من سياق البشرية التي تضع القوانين وتتحدث عن "الانضباط".
إنّ من يرى دمه يُسفك في بثٍّ حيّ، وصوته يضيع في صدى الصمت الدولي، لم يعد مديناً لأحدٍ بتفسير أو اعتذار.
عبء الحساب يقع على الصامتين
إذا ما انفتقت جراحنا يوماً، فانفعل مكلومٌ أو ثار منتقمٌ لقطرةٍ من بحر ما نزل بنا، فليس من حق أحد أن يرفع في وجهه سبابة اللوم، سواء أصاب أو أخطأ، أحسن الفعل أو أساء التقدير؛ فصوت الرصاص الذي يقتلنا هو من صنع الصمت الذي يلفكم.
من يزرع القهر: لا يحق له أن يطالب بحصادٍ مهذب.
من يتواطأ بالصمت: عليه أن يتحمل ضريبة الانفجار.
من يعجز عن حماية طفل: لا يملك الأخلاق لتقييم غضبة رجل فقد كل شيء.
ختاماً: الغضبة التي لا تُعذر
على هذا العالم العاجز والمشارك في مأساتنا أن يدرك أن "العقل" و"الانضباط" هما أول ما يحترق في نيران الإبادة، لا تنتظروا من الضحية أن تكون حكيمة بينما السكين على رقبتها، بل تحملوا غضبة الذين لم يعد لديهم ما يخسرونه،

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق