الثلاثاء، 2 ديسمبر 2025

احترام الأستاذ وتبجيله ضرورة تربوية ومنظومة قيم

 رسالة إلى الأولياء، بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

احترام الأستاذ وتبجيله ضرورة تربوية ومنظومة قيم

​تعد مهنة التعليم من أنبل وأقدس المهن على الإطلاق، فالأستاذ هو المرشد والمربي الذي يحمل على عاتقه مسؤولية بناء الأجيال وتشكيل وعيهم ومع ذلك، بدأنا نشهد مؤخراً ظاهرة مقلقة، وهي تزايد الشكاوى ضد الأساتذة، وصولاً إلى أروقة المحاكم، وقد يطال الأمر حتى معلمي القرآن الكريم. هذه الظاهرة، التي قد يكون سببها في أحيان كثيرة مجرد عقاب تربوي ترتب عليه جرح بسيط أو خطأ غير مقصود من الأستاذ، تستدعي وقفة تأمل عميقة.

 متى يتحول التقويم إلى قضية؟

​إن جوهر المشكلة يكمن في تضخيم رد الفعل تجاه التصرفات التي تصدر من المعلم في سياق عمله، فإذا كان الأستاذ، مدفوعاً بوازع حرصه على مصلحة التلميذ وتقويم سلوكه، قد استخدم وسيلة من وسائل العقاب التربوي التي قد ينتج عنها خطأ غير مقصود، فإن الأصل هو حسن الظن به وبنيته، فالمعلم الذي كان يوماً تلميذاً في ذات المدارس، يدرك أهمية الانضباط والسلوك القويم للعملية التعليمية الناجحة.

​إن اللجوء الفوري إلى الجهات القضائية أو استخراج شهادات طبية دون محاولة للتهدئة أو فهم سياق ما حدث، هو تفكيك للرابط المقدس بين التلميذ ومعلمه، الأستاذ لا يسعى إلى إلحاق الضرر بالتلميذ، بل يريد تقويمه وغرس الانضباط فيه، فالعقاب في البيئة التعليمية ليس انتقاماً، بل هو وسيلة لإصلاح الاعوجاج وضمان التعلم الفعال.

​تبجيل الأستاذ واجب ديني وأخلاقي، لذا ​يجب علينا إعادة ترسيخ مكانة الأستاذ وتبجيله في نفوس أبنائنا والمجتمع ككل، والسعي من أجله​ا لاحترام التام له، و النظر إلى الأستاذ على أنه صاحب فضل وشريك في التربية، وينبغي التماس العذر للمعلم، فالخطأ وارد من أي إنسان، خاصة تحت ضغط العمل وكثرة الأعداد في الفصول، وفي حال وقوع خطأ، يجب أن تكون الأولوية لحل المشكلة داخل المؤسسة التعليمية بأسلوب تربوي، و العفو عن الأستاذ إقراراً بدوره الكبير وبنيته الصادقة التي تسعى لمصلحة التلميذ أولاً وأخيراً، ويعد تحويل كل خلاف تربوي إلى نزاع قضائي هو إضعاف لهيبة المعلم وتقويض لجهوده التربوية، ومساهمة في هدم العملية التعليمية والتربوية، مما يؤدي إلى تراجع الأستاذ عن أي محاولة لتقويم سلوك الطالب خوفاً من العواقب، وهذا بدوره يهدد الانضباط المدرسي وجودة التعليم.

​خلاصة القول: فلنعد بناء الجسور

​لنعمل معاً، كأولياء أمور ومجتمع، على إعادة الاعتبار للمعلم، وتعزيز ثقافة الاحترام والتقدير لرسالته السامية، و يجب أن ندرك أن يد الأستاذ التي قد تعاقب، هي ذات اليد التي ترسم المستقبل وتفتح آفاق العلم والتربية، فلنعف عن الأستاذ ونقدر جهده، ونضع مصلحة التلميذ التعليمية والتربوية فوق كل اعتبار، متفهمين أن التقويم هو هدف الاستاذ، وليس الإضرار بالتلميذ.  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق