عندما تسقط موازين القسط، وتُباع الحقوق في أسواق المصالح، ويصبح القانون عصاً في يد القوي وسياطاً على ظهر الضعيف، فإن العالم لا يقف عند حدود الصمت، بل يبدأ في كتابة الفصل الأول من فصول الكارثة، إن الحرمان من العدالة ليس مجرد سلبٍ للماديات، بل هو طعنة في كرامة الروح، وجرح غائر في وعي الإنسان بوجوده.
غياب العدل.. موقد النيران
العدالة هي الخيط الرفيع الذي يربط الفرد بالمجتمع، وهي العقد غير المكتوب الذي يمنح الناس الطمأنينة، فإذا ما انفرط هذا العقد، ساد قانون الغابة، و إن الضغط الذي يولده الظلم لا يتبخر في الهواء، بل يتراكم في سراديب القهر، ليتحول مع مرور الوقت إلى طاقة مدمرة لا تخضع لمنطق، ولا تستجيب لنداء العقل.
انفجار بلا حدود
عندما يصل المظلوم إلى نقطة "اليأس من الإنصاف"، فإنه يتخلى عن تعقيدات الحكمة وقواعد التعايش، و هنا ينفجر البركان الذي لا يعترف بحدود العقل؛ لأن العقل نفسه يقوم على التوازن، والظلم هو قمة الاختلال، و في لحظة الانفجار تلك، لا يبحث المظلوم عن حلول وسطى، بل يندفع لاسترداد كينونته بأي ثمن، محطماً في طريقه كل السدود التي عجزت عن حمايته.
الحكمة المغيبة
إن المجتمعات التي تظن أنها تعيش في أمان بينما تئن تحت وطأة المظالم، هي مجتمعات تنام فوق فوهة بركان، فالأمن الحقيقي ليس في قوة الأجهزة، بل في قوة الحق، وصرخة المظلوم قد تبدأ هامسة، لكنها في النهاية تهز أركان العروش والقوانين الجائرة، مؤكدةً أن من زرع الظلم لا يحصد إلا العواصف.
"إن العدل هو الركيزة التي يقوم عليها استقرار الكون، وبدونه، يتحول الوجود إلى فوضى عارمة لا تبقي ولا تذر."
خاتمة
إن الحرمان من العدالة هو إلغاء للإنسان، والإنسان الملغى لا يملك ما يخسره، ومن لا يملك ما يخسره هو أخطر القوى على وجه الأرض، لنتذكر دائماً أن حماية العدالة هي حماية للعقل من الجنون، وللسلم من الانفجار.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق