جوهر الأخلاق الإنسانية الوفاء وهو ليس مهارة تُكتسب، بل يسكن في عمق الروح، وعطرٌ يفوح من القلوب التي لم تلوثها الماديات، في زمنٍ أصبحت فيه العلاقات تمر عبر موازين "الربح والخسارة"، يبرز الوفاء كعملة نادرة لا يتداولها إلا الأنقياء، الوفاء يا صديقي ليس درساً يُحفظ في بطون الكتب، ولا محاضرة تُلقى في المحافل، بل هو نداء "الأصل" وصوت "القلب" حين تصمت كل المصالح.
القلوب النقية.. محاريب الانتماء
الذي يملك قلباً نقياً، يرى في "العشرة" عقداً مقدساً لا يقبل الفسخ بالنسبة له، والصداقة ليست صحبة طريق تنتهي بانتهاء الرحلة، وليست مصلحة مؤقتة تذوب مع أول شروقٍ للمنفعة، إنها مسؤولية أخلاقية، واحترام يتجاوز الكلمات، وتقدير يمتد لما وراء الغياب.
دستور الأوفياء: حفظ الجميل
الإنسان الوفي هو ذاك الذي يمتلك ذاكرة قوية للفضل، وضعيفة لكل ما رديئ. هو الذي:
لا يرفع صوته على الماضي: حتى لو انقطعت السبل، يظل يذكر الأيام الخوالي بأدب الصمت وهيبة الامتنان.
يظل واقفاُ في الظل: يساند من كان يوماً معه، حتى لو باعدت بينهما دروب الحياة، فالمسافات لا تقتل الجميل في قلبٍ يعرف معنى الصداقة والزاد.
لا ينكر الفضل: يؤمن بأن اليد التي امتدت إليه يوماً لتسنده، لا تُجازى إلا بالدعاء والذكر الطيب، مهما جار الزمان.
الوفاء هو "الأصل"
في نهاية المطاف، الوفاء هو الفرق الجوهري بين من يعبرون في حياتنا كالغبار، ومن يرسخون فيها كالأشجار المثمرة، فهو التزامٌ صامت يُثبت أن صاحبه "ابن أصول"، لا يغيره استغناء، ولا يكسره احتياج.
"إن الوفاء هو الذاكرة الوحيدة التي لا تصيبها الشيخوخة، والجميل لا يضيع عند الكريم، بل ينمو كشجرةٍ يظللها الوفاء ويغذيها نبل القلب."

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق