في زمن تلاطمت فيه أمواج الفتن، واشتدت غربة الروح، وبدت الأرض كأنها تئن تحت وطأة الصراعات؛ تبرز رسالة خالدة، لا تُكتب بحبر على ورق، بل تُنقش نورا في سويداء القلوب، وتُترجم عملا ساميا على صفحات الحياة. إنها رسالة العلم والقيم التربوية والإسلامية، التي لا تستهدف مجرد عمارة الأجساد، بل إعمار الروح والوجدان، خدمةً للإنسانية جمعاء، ونشرا لروح الإسلام الأصيل القائمة على السلم والسلام والأمان في أنحاء المعمورة.
العلم: البوصلة التي تهدي إلى الحق
ليس العلم الذي نقصده مجرد معادلات جامدة أو نظريات صماء، بل هو النور الكاشف للجهل والظلام، وهو البوصلة التي تهدي الضمير الإنساني إلى مواطن الحق والعدل والخير، فالعلم في رؤيتنا هذه، يتجاوز حدود المختبرات وقاعات الدرس؛ ليصبح منهج حياة وفلسفة وجود، إنه الغذاء الذي يغذي العقل ليُبصر، ويُقوّي اليد لتبني، ويُنضج القلب ليُحسن الظن والتعامل.
إن نشر العلم ليس ترفا معرفيا، بل هو واجب إنساني مقدس، ومن خلال العلم والعمل، يمكن أن ننشد السلام ونرسخ الأمان في عالم يرزح تحت ثقل الجهل والتخلف؟ إن الجهل هو أرض خصبة للأفكار المتطرفة، والحُجُب التي تُعمي عن رؤية الجمال الإنساني المشترك، لذا فكل كلمة علم تُنشر، وكل معلومة قيمة تُغرَس، هي لبنة جديدة في صرح الحضارة، ورصاصة تُصوَّب نحو معاقل التعصب والانغلاق.
القيم التربوية والإسلامية: إكسير الروح
إذا كان العلم هو البصر، فإن القيم هي البصيرة، ولا قيمة لعقل لامع لا يحكمه قلب رحيم وضمير حي، وهنا يكمن جوهر رسالتنا: اقتران العلم بالقيم، فالتزكية التربوية، المستمدة من روح الإسلام السمحة، هي المصفاة التي تنقي النفوس من شوائب الأنانية والحقد والبغضاء.
إن القيم الإسلامية، في أصالتها وجوهرها، هي ميثاق عالمي للأخلاق: الرحمة، العدل، الإحسان، التسامح، واحترام كرامة الإنسان، هذه ليست مجرد فضائل، بل هي أعمدة السلم المجتمعي والدولي، وعلينا أن نعلّم الأجيال أن "الإحسان" هو إتقان العمل وإجادة التعامل مع الآخر، وأن "الرحمة" هي المبدأ الذي يحكم كل علاقة، فنحن بذلك نصنع قادة للسلام، لا جنودا للفرقة، و علينا أن نُخرج من مدرسة العلم والتربية، إنسانا متكاملا: قوي العقل، زكي النفس، سليم الفطرة، يرى في خدمة الآخرين أسمى درجات العبادة.
خدمة الإنسانية: مدّ الجسور لا حفر الخنادق
إن غاية هذا الجهد النبيل ليست الانكفاء على الذات، بل التشبيك مع الآخر؛ خدمة للإنسانية بلا تفريق بين عرق أو لون أو معتقد، و نشر هذه القيم هو في حقيقته تقديم حلول حضارية لأزمات العالم.
فننشر روح التكافل لنواجه الفقر، وننشر روح التعايش لنبدد الكراهية، وننشر روح المسؤولية لنحافظ على الأرض.
الإسلام، كما نفهمه ونسعى لنشره، هو منهج حياة شامل، يُعلي من قيمة الحياة، ويحث على صون الحقوق، ويُعظّم من شأن الحوار البنّاء، إنه دعوة صريحة للسلام، فاسم السلام هو جوهر هذه الرسالة.
نشر السلم والسلام والأمان: وعد المستقبل
إن الهدف الأسمى هو زرع بذور الأمان في كل بقعة تطؤها أقدام أبناء البشر، والأمان ليس فقط غياب الحرب، بل هو حضور الثقة بين الناس، والاطمئنان إلى أن العدل قائم، وأن الحقوق مصونة.
إن رسالتنا هي:
"تعلموا العلم النافع لتكونوا عيونا تبصر بها الإنسانية طريقها"، و"تخلّقوا بالقيم النبيلة لتكونوا قلوبا تنبض بالرحمة في صدر هذا العالم".
"انشروا السلام لتكونوا أيدي تبني جسور المحبة بين البشر".
إن الطريق قد يكون طويلا وشاقا، ولكن بالإيمان الراسخ، والعمل الدؤوب، والعبارة الصادقة، سنظل نمضي قدما، نحمل على عاتقنا أمانة النور والرسالة، وسنبقى الصوت الذي يدعو إلى الوحدة، والقوة التي تحمي الضعيف، والقدوة التي تُضيء درب المتعثر، فالسلام ليس حلما بعيد المنال، بل هو ثمار جهودنا المتضافرة في العلم والقيمة والعمل الصالح.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق